«انفجار المرفأ» ينزع الشرعية عن سلاح حزب الله

انفجار مرفأ بيروت

بعد مرور عشرة أيام على الانفجار “الكارثي” وما لحق من دمار لبيروت، أصبح حديث القيادات السياسية عنه، وادعاءات القضاء والاجهزة الأمنية لمعرفة كيف وصلت شحنة المتفجرات ٢٧٥٠ طن من الأمونيوم وصواعق تفجيرية بحجم الشحنة الى مرفأ بيروت، أمر فيه من المغالاة بقدر ما فيه من الخطورة على طمس الحقيقة إن لم تفسّر النوايا من وصول “المتفجرات” ، المفترض انها متجهة من جورجيا الى موزنبيق، وايضاح علامات الاستفهام عن سبب الرسو في المرفأ.

وسبب تفريغها وتحزينها على أساس أنها مواد مصادرة وهي ليست كذلك، لتستقر نحو ستة سنوات دون علم أحد، أما من يعلم لا يدرك بخطورتها وهذا خطر أكبر على مصير البلد وأهله، ومن يعلم ممنوع عليه ان يصدر قراراً وحتى ان كان برتبة رئيس للجمهورية او رئيس للحكومة. ومن ثما تفجيرها، والتفتيش عن “أبو عدس” الراجح.

لذا فأي كلام عن وجود هذه الشحنة في المرفأ ما لم يكن مقروناً بتوقيفات من الصف الأول لكل من سهل وعلم بوجودها خارج سيناريو التضليل لا امل ولا نفع لذلك.

لأن َكل المعطيات والتحقيقات تؤكد أن الشحنة موثقة قانونياً بمراسلات شكلية لتقاذف المسؤولية، بهدف التأكيد على ثبات وزن الشحنة ورقياً أي على الورق فقط، فيما وزن الشحنة يضمحل، نتيجة ربما سرقتها وبيعها وربما تسفير بعضها الى دول خليجية واوروبية تم ضبطها  على مراحل بحوزة مقاتلين لحزب الأمر الواقع.  وتحويل بعض  من مئات الأطنان الى حشوات صواريخ في الداخل، ولبراميل المتفجرات في سوريا. فالكمية كافية لفعل اي شيء.

أتت المراسلات المتعددة بهدف الاجابة على أي مساءلة دولية عن هذه الشحنة بحال كانت متتبعة المسار من قبل اجهزة الاستخبارات العالمية وهي كذلك، فكان التركيز اذاً على الوزن وليس على خطرها،فانكشفت الصورة أكثر من خلال كلمة أمين عام حزب الله حسن نصرالله، ونفيه نفياً قاطعاً صلة الحزب بالمرفأ وليس فقط ب”الشحنة”، فهذا يدفع باتجاه التهرب من تبعات مسؤولية ادخال الشحنة حتى أن نصرالله رجح فرضية الصدفة في التفجير ولم يسارع الى اتهام اسرائيل مباشرة كما جرت العادة في اي عمل تفجيري او تخريبي، وكأن من وراء سكوت حزب الله صفقة تطرح المزيد من علامات الاستفهام لأن كلمة نصرالله لم تكن بحجم الجريمة، ما يفتح الحديث عن مرحلة جديدة من المحادثات السرية الايرانية الامريكية، في الملف النووي الايراني وتوابعه، وذلك سعياً من أجل نزع موافقة دولية على ادارة الملف اللبناني ايرانياً، على غرار ما نتج عن حرب الخليج الأولى عندما قدم الامريكي يومها الملف اللبناني كجائزة ترضية للسوري الذي حارب صدام حسين تحت مظلته.

لذا ليس مستبعداً أن يكون تفجير المرفأ جزء من هذه الاتفاقية الجديدة. أولاً تعطيل مرفأ إيران الوحيد على حوض البحر المتوسط، وثانياً لقطع الطريق أمام توجه لبنان شرقاً حسب دعوة نصرالله في خطاباته السابقة، بهدف زج الصيني في الصراع لإظهار ان كل ما يحصل هو لمواجهة الصيني، والتي أتت بهدف استنهاض كل القوى المناهضة لحزب الله لأن تشن هجوماً عنيفاً على الصيني.

وبالاطار نفسه يكون الحزب يستميل محور “الشيطان الأكبر” بأمر إيراني لأن يحجز لنفسه موقعاً على الخارطة الإقليمية الجديدة. وبالتالي كانت النتيجة، استقالة حكَومة حزب الله، وموافقة “الثنائي الشيعي” على ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل. وتحويل المياه الاقليمية اللبنانية الى مسرح للجيوش الاوروبية.

ففي علم السياسة وايضاً علم الأمن لا مجال فيهما لفرضية الصدفة، في وقت كانت الأجواء التي سبقت التفجير مشحونة بالتهديدات بالرد وكانت توحي بحرب بين لبنان واسرائيل وما سبقها من وعيد وتهديد الحزب بالرد على اغتيال قيادات ايرانية وحزبية لبنانية.

واذ بالحزب وإعلامه يصّران على عدم اعتبار انفجار المرفأ جريمة مفتعلة من قبل العدو بحق الانسانية، يتوجب أن يحاسب مفتعلها والتعويض على لبنان بالخسائر الضخمة التي اسفرت عن  أكثر من مئتي شهيد و٧ الاف جريح، وخسائر مادية هائلة تقدر عن ما يزيد عن ١٥ مليار دولار.

يحاول حزب الله في هذا الجو الرمادي ابعاد كرة الاتهامات عنه، كي لا يصل اللبنانيين لمرحلة مساءلته عن دور سلاحه الرادع  كما يوهم اللبنانيين.، في حماية المرفأ، اسوة بحماية المطار وشبكة الاتصالات التي انتجت حرباً أهلية في ٧ ايار ٢٠٠٨، وتحول ذاك السلاح الى صدور اللبنانيين، وبالأمس كشف انفجار المرفأ عجز السلاح عن حماية لبنان ما يسقط عنه الشرعية، على اعتبار أن الانفجار الهائل جاء لمسح ادلة وصول شحنة الموت، ومن أجل قتل العمل في مرفأ بيروت، في وقت تولى نصرالله نفسه الدعوة للتوجه نحو الشرق،

خطاب نصرالله لم يكن سوى محاولة منه لزج الصيني في الصراع لتصوير ان كل ما يحصل هو لمواجهة الصيني
“الصين” تحديداً على إعتبار أن دور لبنان المستقبلي المفترض في مشروع الطريق والحزام عامل جذب للتلاقي على حوض البحر المتوسط في إطار الخارطة الصينية، وبالتالي يشكل ميناء بيروت منافس اساسي لميناء حيفا “أسدود” الذي إلتزمته الصين.

هذا ما يضرب فرضية اجتماع عوامل عديدة تحت مسمى “الصدفة”، لأن خطاب نصرالله لم يكن سوى محاولة منه لزج الصيني في الصراع لتصوير ان كل ما يحصل هو لمواجهة الصيني،فما تبعه من معطيات محلية واقليمية ودولية، وما اذا كان انفجار مفتعل، والكلام عن فرضية الصدفة هي مبرراً للإهمالاً، ومبرراً لعمل إرهابي، ومبرراً للسكوت عن مشروع اقليمي ودولي،الا اذا أمست الصدفة برنامجاً لدى البعض لحماية منظومة دويلة الأمر الواقع.

وما يترك أثار سلبية في المدى بحجم الكارثة، أن القيادات السياسية اللبنانية كافة لم تكن على قدر الحدث.

بعدما أدخل نصرالله اللبنانيين، خلال كلمته في نفق مظلم ليمنعهم من مشاهدة الحدث على حقيقته، بالصورة الواضحة، بوجود متفجرات وبالتالي نسف اي كلام عن علاقته بهذه “الشحنة” المحمية من جميع من تناوبوا على مسؤولية المرفأ.

السابق
إيران متخوّفة من البوارج على السواحل اللبنانية: تهديد للمقاومة!
التالي
«الكورونا» يستعرّ في لبنان.. حصيلة جديدة مُخيفة للإصابات وحالتي وفاة!