في ظل تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية، برزت مجدداً في الساعات الأخيرة ملامح التدهور الحاصل في المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي كما برزت التعقيدات الداخلية المتجددة حيال ملفات الأزمة المالية، خصوصاً في ظل العودة المفاجئة الى نبش ملف “الكابيتال كونترول” الذي بات عنواناً لملهاة – مأساة متصلة بالتهديد المنهجي لودائع اللبنانيين في المصارف واسترهانها وتآكل قيمتها الى حدود التصفية.
اقرأ أيضاً: الوضع في لبنان يخرج عن السيطرة.. والخارج على دفتر شروطه: الاصلاحات أولاً!
وقد حذّر صندوق النقد الدولي أمس السلطات اللبنانية من أي تأخير في تنفيذ الإصلاحات الضرورية كما من محاولات تقليل الخسائر المالية وقت يبدو أن المفاوضات بين الطرفين تراوح مكانها.
ومنذ شهرين، وبناء على طلب من لبنان، عقدت 17 جلسة تفاوض بين صندوق النقد الدولي والحكومة آخرها الجمعة للبحث في ملف الكهرباء، لكن مصادر مطلعة عدة قالت الأسبوع الماضي إن المفاوضات تراوح مكانها.
وخلال مؤتمر صحافي عبر الانترنت، صرح نائب مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا اثناسيوس ارفانيتيس بأنه “من أجل أن تتواصل المناقشات المثمرة في هذه المرحلة، من المهم جداً أن تتوحد السلطات حول خطة الحكومة. ونحن على استعداد للعمل معها لتحسين الخطة في حال الضرورة”. وأضاف: “لكننا نشعر بالقلق أيضاً من أن محاولات تقديم قيمة أقل للخسائر وتأجيل الإجراءات الصعبة لن يؤدي إلا الى زيادة تكلفة الأزمة من خلال تأخير التعافي وإيذاء الفئات الأكثر ضعفاً”.
وبحسب نداء الوطن، السلطة الفاسدة التي تتهرب من موجبات الإصلاح ووقف الهدر والمحاصصات في هيكلية الدولة، تغامر وتقامر بمصير البلد وأبنائه عبر استنزاف الفرص والوقت في لعبة “الكر والفر” مع صندوق النقد، حتى أخرجته عن طوره وصمته ليوجه بياناً أشبه بالتوبيخ للسلطات اللبنانية العاجزة عن “التوافق حول خطة الإنقاذ المالي الحكومية” محملاً إياها مسؤولية “زيادة كلفة الأزمة بتأجيل التعافي”. وهو ما رأت فيه مصادر نيابية لـ”نداء الوطن” تأكيداً صريحاً من الصندوق على أنّ “الهوة تكبر بينه وبين الوفد الرسمي المفاوض”، في وقت لا تزال كل محاولات أهل الحكم والحكومة للتذاكي على المجتمعين العربي والغربي تصطدم بجدار صلب من المطالبة بالإصلاح باعتباره مفتاح الربط والحل في الأزمة الوطنية، فتعود السلطة أينما ولّت وجهها لطلب المساعدة لتجده شرطاً ناجزاً يتقاطع عنده الشرق والغرب لتقديم يد العون إلى لبنان.
فبعبارة “طفح كيل الصندوق”، تلخص المصادر النيابية الوضع الراهن على صعيد مفاوضاته المتعثرة مع لبنان، وتشير إلى أنّ مسألة “الكابيتال كونترول” كانت فعلياً الشعرة التي قصمت ظهر هذه المفاوضات، موضحةً أنّ “صندوق النقد يركز على هذه المسألة بينما الانقسام الداخلي حيالها كبير جداً، فهناك في مجلس النواب من يريد لاقتراح القانون أن يبصر النور وهناك من يريد إطفاء وهجه”، وتضيف: “في الأساس يتوجب على الحكومة إرسال مشروعها لقانون الكابيتال كونترول من ضمن خطتها الكاملة، لا أن تتلطى خلف مجلس النواب كما هو حالها الآن معتمدةً على اقتراح قانون وقعه عدد من نواب “التيار الوطني الحر” وكتلة “التنمية والتحرير” بموجب اتفاق أعلن رئيس التيار جبران باسيل أنه عقده مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بهذا الخصوص”، مؤكدةً أنه “وبخلاف ما أشاعه باسيل فإنّ بري غير متحمس لإقرار هذا الاقتراح ما لم يُقرن بضمان ودائع اللبنانيين، إذ وبينما قد تكون المصارف متحمسة لطرح الكابيتال كونترول باعتباره يحميها من دعاوى المودعين داخلياً وخارجياً، غير أنه من دون تأمين الودائع لن يمرّ اقرار هذا الاقتراح في لجنة الإدارة والعدل، سيما وأنّ هناك من النواب من هم رافضون كلياً لفكرة الكابيتال كونترول لكونه سيقفل الباب أمام المستثمرين والمغتربين ويقطع الطريق على أي تحويل للأموال من الخارج مستقبلاً”.