«جنون» الدولار مستمر..المضاربات وفشل التشريع والحكومة السبب!

عون وجريصاتي وسلامة

جن الدولار وطارت الاسعار وباتت البلد على كف عفريت، انفلت الشارع واجهز على “التعبئة العامة” ورفع المخاوف من اعادة انتشار “كورونا”.

واضطربت البلاد اقتصادياً ومالياً أمس بنحوٍ مخيف نتيجة ارتفاع جنوني مفاجئ لسعر الدولار الاميركي كاد ان يتجاوز الـ 4000 ليرة وطرح تساؤلات عن أبعاده والخلفيات.

وتزامن هذا الارتفاع مع حملة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإشاعات مفادها انّ مجلس الوزراء سيتخذ في جلسته اليوم قراراً بإقالته، الامر الذي لم يؤكده اي مصدر معني، خصوصاً انّ إجراء من هذا النوع لا يتخذ الّا بناء على اتهام بإساءة استعمال السلطة بحسب ما يقضي قانون النقد والتسليف، على حد قول مصدر حكومي.

إقرأ أيضاً: تبريد الأجواء بين بري ودياب..لا قطيعة بين الرجلين!

وتحت وطأة هذا التطور إنطلق حراك شعبي في غير منطقة وفي محيط مقر مصرف لبنان تنديداً بالسياسة المالية وبارتفاع سعر الدولار، ما طرح تساؤلات كثيرة عمّن يقف خلف هذا الارتفاع والغاية منه في ظل الحديث عن مشاريع أحلاف سياسية لا يركب على قوس قزح في ظل الوباء الكوروني الذي يضرب البلاد، وقد سجل امس 6 إصابات جديدة رفعت عدد الحالات الى 688، بحسب وزارة الصحة التي أشارت إلى أنّ “العدد التراكمي للوفيات بلغ 22 حالة و140 حالة شفاء”.

فشل تشريعي

ولوحظ انّ الجنون في سعر الدولار جاء غداة الجلسة التشريعية التي زحلقت فيها أكثرية نيابية مشاريع القوانين واقتراحات القوانين المعجلة وحتى غير المعجلة الرامية الى مكافحة الفساد ورفع الحصانات، في الوقت الذي ذكرت مصادر مطلعة انّ مجلس الوزراء سيتطرق من خارج جدول اعماله اليوم الى موضوع كشف الحسابات المالية لرؤساء الحكومة والوزراء السابقين وكل المسؤولين الذين يقدمون تصاريح بممتلكاتهم وبثرواتهم قبل دخولهم الى السلطة ولكن لا يقدمون تصاريح مماثلة عند خروجهم منها، بحسب ما يقضي قانون الاثراء غير المشروع.

مضاربة قوية

وقال وزير المال غازي وزنة لـ”الجمهورية” رداً على سؤال حول ارتفاع سعر الدولار: “انّ هذا الارتفاع لا يمكن شرحه لا اقتصادياً ولا مالياً ولا نقدياً، خصوصاً انّ الحكومة قدمت خطة مالية وحصلت على ايجابيات من صندوق النقد الدولي ومن المجتمع المالي الدولي ومجموعة الدول الداعمة والمانحة”. واضاف: “انّ ما حصل هو مضاربة قوية وتلاعب في السوق ينطلق من أبعاد سياسية بامتياز، وقد زاد هذا الامر من خوف المواطنين وقلقهم مما أحدث زيادة الطلب على الدولار”.

انسحاب الصرّافين

وفي هذا السياق أطلقت نقابة الصرافين ليل امس، إثر اجتماعها برئاسة النقيب محمود مراد، “صرخة – نداء” إزاء ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، فأكدت ان “لا دور للصرّافين القانونيين الذين يؤدّون دور الوسيط أمام هذا الفلتان الجنوني لسعر الدولار الذي تغذّيه إشاعات ومنصّات إلكترونية خاطئة في كثير من الأوقات وتحليلات اقتصادية متهوّرة لحصد الشهرة، ممّا أدّى إلى إثارة الذعر وسط مناخ عام اقتصادي وصحّي سلبي، الأمر الذي يدفع المواطنين والتجّار إلى التهافت”.

وقالت النقابة “انّ الصرّافين النظاميين يجدون أنفسهم “رهينة” بين كمّاشة ضغط العرض والطلب وبين مضاربة مُنتحلي مهنة صرّاف، لا فرق في ذلك بين الصرّاف النظامي وبين سائر المواطنين الذين هم “ضحية” الارتفاع في سعر الصرف”، ودَعت الصرافين الى “الانسحاب من التعامل بمثابة توقّف احتجاجي عن العمل حتى يوم الاثنين المقبل تحذيراً من استمرار تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية إزاء الدولار الأميركي، لعلّ ذلك وعسى أن يكبح ارتفاع سعر الصرف”. وأملت من السلطات السياسية والرقابية والقضائية والأمنية المختصّة “قمع الحالة الشاذة المتمثّلة بمنتحلي صفة صرّاف وسائر العوامل السلبية المؤدّية إلى تدهور سعر الصرف”.

جنون الدولار

وكانت اسواق الصرف الموازية تعرضت امس لنكبة جديدة عندما اجتاز سعر صرف الدولار كل السقوف وبلغ عتبة الأربعة آلاف ليرة، وسط إرباك في السوق بسبب ارتفاع الطلب وتراجع العرض. وتم تدوال الدولار بعد ظهر امس بين 3750 و3800 ليرة، علماً انّ التداول كان افتتح صباحاً ما بين 3400-3450 ليرة.

وفي السياق، شرح متخصّص في الصيرفة والاستثمار انّ الهدف من تعاميم مصرف لبنان الاخيرة هو التخفيف من خسارة المودعين، لكن هؤلاء فسّروا هذه التعاميم بأنها اعلان رسمي عن أن لا دولار بعد اليوم. “بناء عليه، بدأ اللبناني يطلب شراء الدولار مهما كان سعره، في حين امتنع من يملك الدولار عن بيعه طمعاً بمكاسب اضافية في الايام المقبلة”.

الحوالات بالليرة

في موازاة الارتفاع الجنوني للدولار، والذي التهَم القدرة الشرائية للمواطن، شهدت مراكز التحويلات المالية امس تهافتاً كبيراً من مواطنين للاستفادة من قبض حوالاتهم بالدولار الأميركي الآتية من الخارج، وذلك قبل دخول تعميم مصرف لبنان حيّز التنفيذ بدءاً من اليوم، والقاضي بقبض الحوالات بالليرة اللبنانية وفق سعر السوق.

وينتظر المواطنون كيف سيتم التسعير بدءاً من اليوم، وما اذا كان السعر الذي ستحدده الوحدة الخاصة المُنشأة في مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان هو سعر واقعي يعكس السعر الحقيقي المتداول لدى الصيارفة.

ورغم انّ التوقعات كانت تشير الى انّ مصرف لبنان سيحاول عقلنة سعر صرف الدولار من خلال تدخّله المباشر في السوق الموازي، الّا انّ الارتفاع الجنوني الذي شهده الدولار في الايام الثلاثة الماضية، أسقط التوقعات المتفائلة، وبات هناك قلق من استمرار الدولار في الارتفاع بسرعة دراماتيكية، وبلا سقف، بما يعني انّ حالة من الفقر المدقع ستصيب المواطنين في فترة قصيرة جداً.

إجتماعان مهمّان

وفي الملف المالي والنقدي ايضاً عُقد في الساعات الـ24 الماضية اجتماعان مهمان، الأول بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليل الأربعاء – الخميس بعيداً من الأضواء، وتلاه اجتماع علني قبَيل ظهر امس بين رئيس الجمهورية وسلامة خصّص للبحث في الوسائل التي يمكن اتخاذها لمواجهة ازمة تجاوز الدولار الأميركي.

وفي ظل التكتم حول ما دار في الإجتماع بين دياب وسلامة، قالت مصادر مطلعة انّ “مختلف الاتصالات والمحاولات لم تصل بعد الى مرحلة الحل، وانّ ارتفاع الدولار فوق مختلف السقوف أثبت وجود عجز كلي حكومي ورسمي مالي ونقدي كما على مختلف المستويات عن وقف هذا الجنوح المخيف الذي لم تشهده البلاد”.

السابق
تبريد الأجواء بين بري ودياب..لا قطيعة بين الرجلين!
التالي
ترقب لكلمة دياب بعد مجلس الوزراء اليوم..و«حزب الله» يحرك الشارع!