التوتر الأمريكي الإيراني فرصة للحل في لبنان

هاني فحص

لعل المنطقي هو أن تركز الأنظار على مضاعفة أرقام الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، في هذه اللحظة التي تتصاعد فيها اللهجة الأمريكية المعادية لإيران، ذلك يجعل احتمال ضربة عسكرية أمريكية لها، احتمالاً غير مستبعد نهائياً، رغم كل الحسابات الموضوعية التي كانت وما تزال تستبعد هذه الضربة، نظراً لقلة فاعليتها وتأثيرها على إيران، قياساً على ما حصل في العراق، الذي تتمتع إيران بظروف مختلفة عن ظروفه، من شأنها أن تنزل بتأثيرات الضربة الأميركية إلى الحد الأدني، فتكون تأثيراتها على الولايات المتحدة أشد سلبية وتعقيداً، ما قد يعني أن كل ما يجري، هو تلويح بالضربة ويعني أن التسوية بين طهران وواشنطن في كلياتها وتفصيلاتها، ولو على حافة الهاوية، تبقى ممكنة ومتوقعة، بحيث يرى الإيرانيون أن قوتهم الصاعدة مهددة فعلياً، فيختارون الحفاظ عليها بالتسوية، أي التنازل المتبادل من إيران وواشنطن مروراً بلبنان والعراق وفلسطين.. وبين هذا الاحتمال وذاك الاحتمال من الاحتمالات المفتوحة على كل احتمال، لا يمكن فصل حزب الله عن السياق، ومن هنا قد يفهم التصلب في سلوكه وإسهامه مع القوى التي يعارضها في سد الطريق على المبادرة الفرنسية، التي أتت في الوقت الضائع بين فريقي المباراة.

اقرأ أيضاً: إيران وحزب الله والشيعة الثمن السوري

محور طهران واشنطن

هذا يؤكد مرة أخرى، أن الحل هناك، على محور طهران واشنطن، مروراً بكل العواصم وكل القوى المتفاهمة أو المتناصرة هنا وهناك. خاصة بعدما وصل التقابل الحاد بين المعارضة والموالاة في لبنان، إلى حد دفع كلاً من الطرفين إلى آخر مديات التقابل، أي اندماج كل طرف بالقطب الذي يحسب عليه، ومن دون التوقف عندما يقوله كل طرف عن الآخر في ما يرجع إلى التبعية للأقطاب الدوليين والإقليميين، وبحيث أصبح الخارج ممراً للحل، وطبقاً لمعاييره ومصالحه أولاً.. ألا يستدعي هذا الشروع الحقيقي في إنجاز التسوية وتفادي التداعيات اللبنانية للحرب شبه المعلنة؟ والتي قد لا تحدث، بين واشنطن وطهران، وإن كنا في لبنان نتحمل خسائرها الكبيرة إن وصلت إلى حافة الهاوية، وخسائرها الباهظة جداً إن حدثت.

يرى الإيرانيون أن قوتهم الصاعدة مهددة فعلياً، فيختارون الحفاظ عليها بالتسوية، أي التنازل المتبادل من إيران وواشنطن مروراً بلبنان والعراق وفلسطين..

هذا الشروع الملح، يمكن أن يجد صيغته العملية في الحوار العميق والصريح والهادف، بين حزب الله وتيار المستقبل، مغطى بسقف تشكله طهران والرياض، على أساس أن أي تفاهم يحصل على هذا المستوى، سوف ينعكس أثره المحمود على كل لبنان، وعليه فإن حواراً ثنائياً بين حزب الله والشيخ سعد الحريري، هو عامل طمأنينة لكل الأطراف اللبنانية، وهذا يستدعي أن يشجعوا عليه لا أن يرتابوا فيه.

اقرأ أيضاً: إيران وحزب الله والشيعة الثمن السوري

التخاطب الخلافي

ولعل ما يلاحظ من هدوء نسبي في لغة التخاطب الخلافي بين حزب الله والشيخ سعد الحريري، إلى تشبث النائب السيدة بهية الحريري بوسطيتها ومودتها للجميع، يؤكد أن كلاً من الطرفين، يحسب بدقة ومسؤولية، حساب تحويل أو تحول التوتر إلى صراع مفتوح على العشوائية، لن يكون بريئاً من التعقيدات المذهبية المحرجة جداً. ويصعب وضع حد لتداخلاتها وتداعياتها المدمرة.. ذلك يعني أن حزب الله، ملتزماً بتراث المقاومة والتحرير، والشيخ سعد ملتزماً بتركة حريرية كبيرة في هذا المجال، معنيان بالتسوية قبل غيرهما، ومن أجل هذا الغير في نفس الوقت، وهما قادران عليها ومطالبان بها، ويحملان ذكريات من التفاهمات العميقة، بين الحزب والرئيس الشهيد، والتي مرت بعدوان (1996) وميثاق نيسان، إلى التفاهمات العميقة التي كشف اللثام عنها أمين عام حزب الله حسن نصر الله، بعد استشهاد الرئيس الحريري، لتمر لاحقاً في التحالف الانتخابي في بيروت وبعبدا. إلى عناية إيرانية بموقع السعودية ودورها، مقابل عناية سعودية بموقع إيران ودورها، ما يترشح عنه عناية سعودية بحزب الله والمقاومة، وعناية إيرانية بالشيخ سعد وتيار المستقبل، مع ما يقابله من كلام أمريكي قاس عن إيران والسعودية ودورهما في تغذية (الإرهاب) في العراق!

(31 تموز 2007)

السابق
المخيمات الفلسطينية لم تشملها الاجراءات الصحية.. هلع في «المية ومية» بعد الاشتباه بحالة «كورونا»!
التالي
مصادر اعلامية تؤكد اصابة محمود قماطي بالكورونا.. و«حزب الله» لا ينفي!