رحيل مبارك.. الرئيس الذي حكم مصر ثلاثين عاماً وخلعَتُه ثورة يناير!

حسني مبارك
رحل حسني مبارك رابع رؤوساء مصر بعد سلسلة طويلة من القرارات، لجأ فيها للقضاء الدولي ليرفع العلم المصري فوق طابا وحكم البلاد بالعسكر ومنح المرأة المصرية حق منح الجنسية لأبناءها.. وأخيراً سقط في زمن الربيع العربي!

ثلاثة عقود من الحكم العسكري فثورة أدت للتنحي وجلسة من المحاكمات ترافقت مع معاناة صحية شغلت وسائل الإعلام، هذا ما تركه الرئيس المصري الراحل حسني مبارك في فترة حكم هي الأطول منذ 1952 العام الذي أنهت الحكم الملكي.

وكثير من الأسماء البارزة في عالم الفن والسياسة نعت اليوم مبارك رغم أنه “خلع” في ثورة شعبية أذكت فتيل الربيع العربي، وبعد عقد من اندلاعها رحل حسني بقامته السياسية وكأنّه حنين خفي لفترة حكمه بعد انكسارات عشتها مصر في ظل فترة حكم الإخوان المسلمين وما تلاها من تراجع للحريات وتدهور اقتصادي وهيمنة سياسية إقليمية أضعفت النفوذ المصري إقليمياً، فمن هو حسني مبارك الرئيس الذي حكم بالنهج العسكري وخلعه الشعب؟!

من هو حسني مبارك؟

  • الولادة في الرابع من أيار عام 1928، في قرية كفر المصيلحة في محافظة المنوفية، بمنطقة الدلتا شمال القاهرة.
  • أنهى تعليمه الثانوي، والتحق بالكلية الحربية في مصر حائزاً على درجة البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1948، ثم حصل على درجة البكالوريوس في العلوم الجوية عام 1950 من الكلية الجوية.
  • تدرج في سلم القيادة العسكرية فعين عام 1964 قائداً لإحدى القواعد الجوية غرب القاهرة.
  • وتلقى دراسات عليا في أكاديمية “فرونزا” العسكرية في الاتحاد السوفيتي السابق.
  • فشرين الثاني عام 1967 سيعين مبارك مديرا للكلية الجوية في إطار حملة تجديد قيادات القوات المسلحة المصرية عقب هزيمة حزيران 1967، ويغدو طالب الكلية مديراً لها.
  • الطموح يستمر ليصل مبارك إلى رئاسة أركان حرب القوات الجوية المصرية وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى تعيينه قائداً للقوات الجوية ونائبا لوزير الدفاع عام 1972.
  • حرب تشرين 1973، شارك مبارك في التخطيط والهجوم الذي انطلق من عبور قناة السويس والتوغل في سيناء.
  • وهنا جاءت نقطة التحول التي ستجعل من مبارك بطل قومي بعد قيادته لعمليات عسكرية نفذ من خلالها غارات جوية مكثفة ساعدت في دعم عبور القوات المصرية لقناة السويس واقتحام خط بارليف.
  • 1974 المبارك برتبة فريق ثم نائب للسادات عام 1975.
  • يدخل مبارك بعدها خط المفاوضات مع إسرائيل ويجري إلى اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 ومعاهدة السلام بين البلدين عام 1979، وكما الاتفاقية أثارت الجدل بين مرحب بها لإنهاء الحرب، ومعارض كونها تسليم وتنازل لإسرائيل بدأ اسم مبارك يدخل في غمار السياسة لتبرز ملامح شخصية سياسية عربية ستؤثر في مستقبل المنطقة لثلاثة عقود قادمة.
حسني مبارك
حسني مبارك

الرئاسة

  • بعد ثماني سنوات من الحرب، وقع اغتيال السادات في حفل عسكري، توفي الرئيس بعد هجوم على المنصة ونجا مبارك.
  • ثمانية أيام تلت ذلك جعلت حسني مبارك الرئيس التالي لمصر بتاريخ 14 تشرين الأول عام 1981.
  • لتدخل البلاد في جحيم المرشح الأوحد حالها حال نظام الأسد في سوريا، ويفوز مبارك عبر نظام الاستفتاء الشعبي عليه كمرشح أوحد بأعوام 1987، و1993 و1999 حيث أن الدستور المصري وقتها يحدد فترة الرئاسة بست سنوات دون حد أقصى للمرات التي يمكن أن يترشح فيها.
  • 2005، تغيير طفيف في الدستور وتحول لنظام الاقتراع حيث أقدم مبارك على تعديل دستوري جعل انتخاب الرئيس بالاقتراع السري المباشر وفتح باب الترشيح لقيادات الأحزاب وأعيد انتخابه بنسبة كبيرة من أصوات الناخبين.

إقرأ أيضاَ: بعد 9 سنوات من خلعه بثورة يناير: الرئيس حسني مبارك في ذمة الله

حسني مبارك
حسني مبارك

إنجازات وإخفاقات

  • كحال أي رئيس عربي، عانى مبارك من تعقيدات الوضع في المنطقة، فلم يمتلك الكاريزما السياسية التي حملها سلفيه عبد الناصر والسادات، لتبقى ملامح الرجل العسكري المقتحم لعالم السياسة واضحة.
  • وصف أسلوبه بالحكم بالبراغماتي القائم على المراوغة، فزاوج بين أسلوب حافظ الأسد في الاستبداد السياسي وأسلوب صدام حسين في العنف وأسلوب معمر القذافي في تطويع الشعب، رغم ذلك بدت مصر على أنها تحظى بانفتاح ثقافي فني أكثر مما عانته الأنظمة العربية الأخرى.
  • كان في واجهة الصراع العربي-الإٍسرائيلي، المجازر ترتكب وبلاده باتفاقية سلام، تحدى الأصوات التي ناهضته وفي حين لقيت سياسته الخارجية ترحيبا وإشادة من الغرب، خلقت له خصوماً في الداخل وفي العالم العربي، وعلى ذلك تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 1995.
  • لم يتمكن من حل المشكلات الاقتصادية العالقة في مصر، فانتشرت البيروقراطية بشكل أكبر وارتفعت معدلات البطالة وذلك مع التضخم المتزايد والنمو السكاني السريع.
  • كانت ولايته الخامسة والأخيرة هي الأسعر، حيث طالبته دول غربية بإجراء إصلاحات جذرية ترافقت مع ضغوط حزبية من الداخل، ولكنه لم يتمكن من تغيير المشهد فاتهمه المعارضون بـ “الشلل السياسي وغياب الرؤية الشاملة وانتشار الفساد والبيروقراطية”.
  • برز اسم ابنه جمال كوريث للحكم، ورغم نفي مبارك ذلك أكثر من مرة إلا أن استلام جمال منصباً عالياً في الحزب الحاكم زاد من هيمنة آل مبارك على السلطة، فبرز نموذج العائلة الرئاسية بصورتها الملكية كعائلة الأسد.
  • زادت حدة المعارضة بعد انتخابات مجلس الشعب في تشرين الثاني عام 2010 التي أسفرت عن انتخاب برلمان يسيطر عليه الحزب الوطني الحاكم بأغلبية كاسحة تزيد عن 90%، وكانت الشرارة الأولى لثورة ستغير تاريخ مصر في 25 يناير 2011.
سقوط مبارك
سقوط مبارك

ورحل مبارك!

  • ثار الشارع المصري على مبارك، ورفع شعار سقوطه لأول مرة في ميدان التحرير بالقاهرة، ثلاثة أيام امتدت حتى 28 كانون الثاني، كانت كافية لحظر التجول ونزول الجيش إلى ميادين العاصمة لكبح جماح ثورة تطال مقام الرئاسة مباشرة.
  • حل للحكومة ومن ثم إجراء رفضه مبارك لثلاثة عقود، حيث أقدم مبارك على تعيين نائب له فاختار مدير المخابرات اللواء عمر سليمان للمنصب كما كلف وزير الطيران في الحكومة المقالة أحمد شفيق بتشكيل الحكومة.
  • لم يعلن التنحي مباشرة رغم حديثه عنه أكثر من مرة، بل قابل الشارع بالتعنت الذي زاد من غضب الجماهير، ووصلت الذورة إلى يوم إعلان التنحي في 11 شباط من 2011.
  • انتصرت إرادة الشعب، وسجلّت الثورة في التاريخ المصري المعاصر، الذي بدأ بمحاكمة مبارك بعد شهرين من التنحي مكان إقامته بمدينة شرم الشيخ باتهامات تتعلق بقتل متظاهرين، واستغلال النفوذ ونهب المال العام.
  • بعد قرار إحالته للمحاكمة ومعه نجلاه ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من معاونيه ظل مبارك يتلقى العلاج في المستشفيات العسكرية.
  • وبعد عام على التنحي وبدء المحاكمة، في 2 اذار 2012، قضت محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة مبارك بالسجن المؤبد لمسؤوليته عن قتل المتظاهرين وهي العقوبة ذاتها التي نالها وزير داخليته بينما برأت المحكمة المعاونين الستة لكن جرت تبرأة مبارك لاحقاً من هذه التهمة.
  • لم تنتهِ أخبار مبارك فالتبرأة أحدثت جلبة لدى المتظاهرين بعد النطق بالحكم احتجاجا على هذه الأحكام التي اعتبرها المحتجون أحكاما مخففة، ومن ثم نقل مبارك إلى مستشفى سجن طره حيث كان يقضي عقوبته.
  • ومع تعدد شائعات وفاته، رحل مبارك اليوم 25 شباط 2020 في شهر ذكرى تنحيه، بعد تسع سنوات من التغيير في الشارعين المصري والعربي، دفعا بكثير ممن هلل بتنحي مبارك إلى الحزن عليه واستذكار أهميته كرئيس حكم مصر لثلاثة عقود.
حسني مبارك
حسني مبارك

فهل يكتب الزعماء تاريخهم بالحديد والنار، ليتحولوا مع سالف الأيام إلى قادة نشعر اتجاههم بالحياد طالما كان القادم هو أسوء، فمن يمحي أخطاء مبارك من تاريخ مصر الحالي، وليس ما حدث بعد سقوطه هو نتيجة فعلية لأخطاء حكمه البلاد 30 عام، ولكن النهاية حدثت ورحل آخر الزعماء الكبار العرب عن 91 سنة فارقة في حياته وفي تاريخ المنطقة العربية بأسرها.

السابق
ما حقيقة اصابة نائب وزير الصحة الايراني بـ «كورونا»؟
التالي
بالفيديو.. هكذا تواجه احدى المدارس في الضاحية «كورونا»!