«التعفيش» على أجساد السوريين.. نهج قوات الأسد في حرق القلوب

سوق تعفيش

أن تحرق بيتاً يعني أن تقضي على احتمالية عودته كما كان، لكن ماذايحدث إن أحرقت قلباً. يحدث ذلك في سوريا كل يوم مع تعنت قوات الأسد في الاستمرار بمنهج “التعفيش” كأسلوب قميء لتجريد المدن من هويتها والأبنية من ذكريات ساكنيها.

قصص السوريين مع التعفيش لا تنتهي، ولعلها ترتبط بذاكرة الوعي الجمعي السوري الذي سيروى لأجيال عن نهج قوات الأسد في التعامل مع كل منطقة سيطرت عليها، وعلى الرغم من أنّ التعفيش ليس بالأسلوب الجديد بل يربطه بعض المقاتلين إلى صف النظام بمصطلح “الغنائم” كونهم ظفروا حسب ما يظنون بالقضاء على “الإرهاب”.

بالمقابل يسعى النظام إلى إرضاء مقاتليه عبر السماح للهم بالتعفيش بأكبر قدر ممكن كتعويض عن قتالهم لعجزه عن دفع رواتب مجزية، ما يعني عند انتهاء القصف الروسي وإعلان السيطرة على منطقة ما إطلاق يد “الشبيحة” للانفلات في الأبنية السكنية وتعفيش كل غالي وثمين.

وبعد تمدد قوات النظام للمرة الأولى في مناطق خرجت عن سيطرتها في أرياف حماة وحلب وإدلب، وسيطرتها على مدن رئيسية مثل “حريتان، معرة النعمان، سراقب، خان شيخون” فإن ذلك دفع اللجنة الاقتصادية التابعة لحكومة النظام لإصدار قرار يسمح بتخصيص ساحات في كل المدن والبلدات السورية، لإقامة أسواق شعبية فيها، خلال يوم العطلة الأسبوعي “الجمعة”، قوات النظام على إيجاد أسواق جديدة لتسويق المواد المسروقة “المعفشة”، من المناطق التي سيطر عليها حديثاً.

وبررت حكومة النظام قرارها بأنه يهدف إلى توفير المواد بأسعار مناسبة للمواطنين، والتقليل من مظاهر الفوضى في الساحات العامة التي تغزوها بسطات الباعة، لكن التبرير جاء منفصلاً عن الواقع حيث ارتبط توقيته بانتعاش تجارة “التعفيش” في مناطق سيطرة النظام، بعد تقدم قواته نحو إدلب.

إقرأ أيضاً: جبهة إدلب تستعر.. تركيا تخسر جنوداً وتتوعد بالعقاب!

وبينما تداولت وكالات ومواقع إخبارية أجنبية صور لمناظر التعفيش في معرة النعمان، راع ذلك المشهد السوريين في ثنائية التناقض بين قوافل النزوح المتجهة نحو الحدود حيث المجهول للابتعاد عن إجرام الأسد قدر الإمكان، ومشهد سيارات التعفيش التي تخرج من المدن المنكوبة محملة حتى الرمق الأخير بأغراض لها أصحاب وذكريات.

وجاء القرار بعد عجز شبيحة النظام عن تصريف البضاعة المعفشة نظراً لاتساع رقعة التعفيش الجغرافية، ما اضطر الأسد لإصدار القانون الذي يسمح بإنشاء هذه الأسواق والتي عرفت في بعض المدن وخاصة في حمص بسوق السّنة، وهو ما أثار غضب متزايد لاتجاه التسمية نحو بعد طائفي يضاف إلى هول ما يحدث.

وإذ يحمل التعفيش انتقام شديد من قبل قوات النظام، فإن آثاره لا تنتهي، فكثيرة هي القصص عن أناس اشتروا أغراضهم المعفشة مرة أخرى من الأسواق، أو عادوا إلى منازلهم ولم يجدوا إلا آثار أبنية عفشت ثم حُرقت.

السابق
العدّ العكسي بدأ.. مفاوضات مع «أشمور» اكبر حاملي سندات‎ الدين!
التالي
بالصورة.. الدولار في السوق الحرة يواصل ارتفاعه!