طريق القدس لن تمر بـ«صفقة القرن»!

ترامب ونتنياهو
لن تقوى "صفقة القرن" الملغومة الملعونة، رغم "ضجيجها وحجيجها" الفاقع الفاضح وإحتفاليتها المخزية، من لي غصن الزيتون او ذر الغبار المتآمر من "الأشقاء" قبل الأعداء على الكوفية الفلسطينية الصامدة على رؤوس ابناء "شعب الجبارين".. الذين يشدون أزر بعضهم البعض وينشدون "لن يموت حق وراءه شعب "!

“صفقة القرن” و أن كانت فعلياً أشبه ب “صفعة القرن”، التي إرتدت صفعات على وجوه ضاربيها، بفعل المزيد من إنكشاف “العُري العربي” الذي سقط القناع عن زيفه وزعمه تبني القضية الفلسطينية، إلا بوصفها مطية للإتجار بالقضايا المقدسة.

جل ما حققته هذه الصفقة غير القابلة للحياة ، هو تظهير واقع مرير مقيت، لشعب يناضل ويتحدى مرتين قيادته و”قيادات قيادته”، ولن تزيد على بؤسه بفعل الإحتلال و الإستفراد والعسف الإسرائيلي إلا بأساً.. ومأزقاً.

إقرأ أيضاً: السيد الأمين: صفقة القرن توحّد الفلسطينيين تحت لواء المقاومة

من الطبيعي ان توصف صفقة القرن بانها مؤامرة، او احتلال مضاعف ليس للارض الفلسطينية بل للانسان الفلسطيني وللشعب الذي يناضل منذ اكثر من سبعين عاما من اجل تقرير مصيره.

الإنقسام الفلسطيني

غير ان التغريبة الفلسطينية، لم تعد غربة فرضها الاحتلال الذي يُعرف طيلة هذه العقود، بل هي تلك التي جعلت الهوة بين الشعب الفلسطيني ومن ينطق باسمه عميقة، الفلسطينيون فقدوا الثقة بقدرة قيادتهم على التصدي ومقارعة سلطة الاحتلال، لم يعد السجال بين مقاومة عسكرية وبين مقاومة مدنية، ولم يعد الفلسطيني العادي يقيس وطنية هذا الفلسطيني او ذاك من القيادات بمعيار البندقية او العمل العسكري، ثمة ازمة عميقة بين قيادات الفصائل من جهة والشعب من جهة ثانية، لعل ظاهرة الانقسام على المستوى القيادي هي ابرز معالم غياب الثقة، حيث بدا من الواضح ان الاستثمار في الانقسام الفلسطيني هو عنصر التردي الابرز في مسيرة هذه القيادات، ومصدر التردي والضعف للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والتحديات.

الفلسطينيون فقدوا الثقة بقدرة قيادتهم على التصدي ومقارعة سلطة الاحتلال

هذا الخلل الكبير في بنية القيادة والسلطة بكافة افرعها واشكالها، جعل من الشعب الفلسطيني امام حال من العجز والشلل في القيادة المعبرة عن مصالحه وتطلعاته من جهة، وازاء مشهد صراع ونفوذ اقليمي لاستثمار العنوان الفلسطيني لحسابات تتصل بمصالح دول عربية واقليمية، الدور التركي اوالقطري اوالمصري او الايراني وحتى الاسرائيلي جعل من الساحة الفلسطينية ساحة تصفية حساب او تعزيز نفوذ لا شأن للقضية الفلسطينية به.

و في هذا السياق، يبرز هذا كله من خلال الدمار الذي اصاب الدول العربية ولا سيما دول الطوق، اما من ناحية الانهيار المجتمعي او الاقتصادي والمالي وقبل ذلك وبعده السياسي، من لبنان الى سورية والاردن ومصر وحتى العراق، ما جعل الشاب الفلسطيني وهو ينظر الى احوال تلك الدول وشعوبها، مع ما ابتلي به من قيادات، ان يبحث عن خيار العيش الذي لا يجعله عرضة لعمليات تهجير جديدة، كما اصاب العراق وسوريا. بل ويعلم علم اليقين انه وهو تحت الاحتلال المهين، هو اقل ضررا من اخوانه الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللجوء سواء في لبنان وسوريا او حتى الأردن.

اللاجئون الفلسطينيون

والتدقيق باحوال اللاجئين الفلسطينيين في دول الطوق، يُظهر ان امنية العيش تحت الاحتلال في الضفة الغربية او غيرها من الاراضي المحتلة تتقدم باشواط على فكرة العيش في هذه المخيمات المحاصرة والمسلوبة ادنى شروط العيش الكريم.

أمنية العيش تحت الاحتلال تتقدم باشواط على فكرة العيش في المخيمات المحاصرة

لعله من غير المفيد إعادة وصف صفقة القرن بالظالمة والقاتلة، لأن تكرار الرفض واستعراض التبرؤ منها، ليس في وعي المواطن الفلسطيني، الا محاولة متكررة لمزيد من القمع والتطويع لارادته ولقضيته، لذا حلم ابن المخيم اليوم، هو العيش في بلد يحترم انسانيته، قصارى ما يطمح اليه بعد حلم العودة، هو ان يجد تأشيرة دخول الى دولة في اميركا او اوروبا تتيح له التخلص من مرض المخيم. 

القضية الفلسطينية هي قضية شعب، الفلسطينيون وحدهم من سيقرر مصيرهم، ولكن اكثر ما اساء لهذه القضية ويسيء هو الركوب على الحق الفلسطيني من جهات عدة، واستثمار هذه القضية لحسابات داخلية في هذا البلد او ذاك، فباسم فلسطين خيضت حروب ومعارك اساءت للقضية، وقام باسم فلسطين نظام مستبد هنا وهناك، وفتحت طرق للقدس في هذه الدولة وتلك ولكن من سلكها كانت صفقة القرن.

ماذا عن لبنان؟

اللبنانيون وعلى رأسهم المقاومون والممانعون، لن يقبلوا بان يكون لبنان منطلقا لتحرير فلسطين من قبل احد ولا سيما اللاجئين الفلسطينيين، ولا سوريا ولا الاردن ولا مصر، بل الاسوأ هو ان اللاجئين الفلسطينيين في هذه الدول ولا سيما لبنان، باتوا اقرب الى الأسرى، لا هم قادرون على العيش بشروط المواطن اللبناني، ولا هم قادرون على الفرار بكرامتهم الى دولة اخرى في العالم، فضلا عن عودتهم الى فلسطين.

اللبنانيون وعلى رأسهم المقاومون والممانعون، لن يقبلوا بان يكون لبنان منطلقاً لتحرير فلسطين

من الاستبداد الى الاستعباد والاستغلال كان اللاجئون الفلسطينيون يتنقلون بحثا عن مساحة حرية ووطن ودولة، واكتشفوا ان ما يتعرضون له هو فعل التواطؤ بين الاحتلال والاستبداد، لقد تحول الاحتلال في فلسطين الى قضية ثانوية اذا ما قيس مع المأساة التي يعيشها الفلسطينيون في دول الطوق، الكارثة ليست صفقة القرن، انما الانظمة المستبدة التي شيدت باسم فلسطين وطرق القدس التي جرى حفرها وشقها، باسم تحريرها، فيما لم تكن الا لمزيد من الحقد والكراهية بين ابناء البلد الواحد.

السابق
تصريحات ظريف تعرّضه للإستجواب.. هذا ما طلبه نائب ايراني!
التالي
اليكم ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية لليوم 29/1/2020