كريم مروّة «يخط» وجوهاً تغييرية مضيئة في تاريخنا…

غلاف كتاب

“عرضت في الأقسام الخمسة من الكتاب، صفحات من زمن مضى، هو الزمن الذي ارتبط فيه تاريخي بتاريخ الحركة الإشتراكية في لبنان وفي العالم العربي وفي العالم، في مرحلة أضأتُ فيها على المجيد من خلال شخصيات تاريخية من القادة ومن المثقفين ومن الكوادر والمناضلين في صفوف الحركة، شيوعيّين بصيغ مختلفة، ويساريّين بصيغ مختلفة أيضاً. ويبدو واضحاً من الأسماء التي ذكرتها أنّني تركت للذاكرة أن تقرّر بالنيابة عن الأسماء التي أشرتُ إليها. والغاية مما أشرت إليه هي لجعل تلك الصّورة عن الحقبة الماضية تشكّل مدخلاً إلى المستقبل، بدلاً من السِّجال غير المجدي، حول عناصر الخلل والخطأ في التجربة”.

هكذا يُعَرِّفُ المفكِّر كريم مروّة – وفي خاتمة كتابه الجديد – تفاصيل محمولات متن هذا الكتاب، الذي إسمه: “وجوه مضيئة في تاريخنا/ أحداث وذكريات ومواقف”، (من منشورات “دار الفارابي” بيروت 2019 الطّبعة الأولى).

محتويات الكتاب

و”وجوهٌ مضيئة في تاريخنا”، هو مجلّد ضخم، تتجاوز صفحاته الـ400 صفحة، من القطع الكبير. ويتألّف متنُ الكتاب من أقسام خمسة، تلي مدخل الكتاب، وتليها خاتمة الكتاب، المشار إليها، والتي هي: “خاتمة عن زمن مضى وتتمة لزمن قادم”؛ يليها ملحق (عن الشروط التاريخية للنضال وللظّفر فيه؛ وعن المرحلية وشروطها في النضال من أجل التغيير). كما يتضمن هذا الملحق قائمة بأسماء الكتب التي صدرت للمؤلِّف؛ والكتب التي صدرت بالإشتراك مع آخرين.

أعطيت هذا الكتاب وظيفة فكريّةً وسياسية وتاريخية

العناوين الرئيسية

وعناوين أقسام الكتاب هي – وكما جاءت على التوالي -: “رفاق الدّرب الطويل في النضال بإسم الإشتراكيّة ومُثُلها العليا وقيمها الإنسانية”؛ “أفكار ومواقف وذكريات وسفر في جهات العالم الأربع”؛ “الموجبات الضّرورية للدّخول في العصر وفي تحوّلاته في الفكر وفي السياسة وفي الإعلام وفي العمل الحزبي بإسم الاشتراكية”؛ “يساريون لبنانيون وعرب من مواقع واتجاهات مختلفة ممن تعرّفتُ إليهم وربطتني ببعضهم علاقة صداقة”؛ والعنوان الأخير هو: “هكذا تجلّت القِيم الإنسانية في الإشتراكية في سِيَر وإبداعات أربعة مثقفين عالميّين كبار”.

مدخل الكتاب

وهذا هو مضمون مدخليّة الكتاب: مع هذا الكتاب الذي أصدره يبلغ عدد كتبي التي أصدرتها منذ مطالع سبعينات القرن الماضي حتى الآن، وبعضها بالاشتراك مع آخرين، ما يقرب من أربعين كتاباً. قد يكون مهماً أو غير مهم عدد الكتب التي يصدرها شخص ما، وأنا واحد ممن أصدروا العديد من الكتب. فالمهم هو ما يتصل بالوظيفة التي ترتبط بهذه الكتب. وأشهد أنني حاولت أن أعطي لكل من كتبي وظيفة فكرية وسياسية وتاريخية من الموقع الذي كنت ولا أزال حريصاً على الأساسي فيه بإسم اشتراكيتي الجديدة، وبإسم القيم والمثل العليا التي ترتبط بها وتعبّر عنها في الفكر وفي الممارسة وليس خارجهما.

برنامج للتغيير

لن أدخل في التفاصيل المتصلة بهذا الحشد من الكتب التي أصدرتها. وأترك للقارئ الذي اطلع عليها أن يقيّم ما إذا كنت قد عبّرت فعلاً في كل من هذه الكتب عما أردت أن أعطيه له من وظيفة ومن مهمة تتصل بهذا الموقع الذي كنت ولا أزال فيه. وقد لا يعرف الكثيرون، لا سيما الأجيال الجديدة من الشيوعيين واليساريين بمدارسهم المختلفة في لبنان وفي العالم العربي، قد لا يعرفون أنني انتميت إلى الشيوعية في الفكر في عام 1948 عندما كنت أتابع دراستي في مدينة بغداد في العراق برعاية ابن عم والدي المفكر التراثي الكبير الشهيد حسين مروة. وهكذا يكون قد مرّ على انتمائي للفكر الاشتراكي سبعون عاماً حتى هذه اللحظة من حياتي الفكرية والسياسية والشخصية وأنا على أبواب التسعين من عمري. لذلك رأيت من المفيد أن أذكّر في هذا الكتاب وأعرّف في مرحلة مهمة من تاريخ لبنان أساساً وفي تاريخ الحزب الشيوعي اللبناني بالذات بأحداث وشخصيات كان لها دور تاريخي في الإيجاب وفي السلب، والإيجابي هو الأهم. وظيفة هذا التذكير والتعريف أنها تقدم للأجيال الجديدة الطامحة إلى التغيير في وطننا الخالد لبنان صورة عن هذه الأسماء والأحداث التي من دون المعرفة بها لا تستطيع هذه الأجيال أن تذهب إلى المستقبل الذي تنشده لهذا الوطن، سواء بإسم الاشتراكية بعد التجديد الضروري فيها في شروط العصر أم بصيغ أخرى من حق الطامحين إلى التغيير أن يتبنوها كفكر وسياسة وبرنامج للتغيير.

إن التاريخ في قراءتي له استناداً إلى ما تعلّمته من الماركسيّة

واجب… وحقّ

لقد دخلت في تلك الحقبة من التاريخ اللبناني ومن تاريخ الحزب الشيوعي اللبناني باذلاً أقصى جهدي لإعطاء صورة عنها. ولا أدعي أن ما قدمته هو كل ما ينبغي أن تعرفه أجيالنا الجديدة من أسماء وأحداث. وفي أي حال فإنني أعتبر بالمطلق أن الذهاب إلى المستقبل يتطلب دائماً معرفة الماضي للانطلاق منه إلى المستقبل وتجاوزه في الآن ذاته. ذلك أن التاريخ في قراءتي له استناداً إلى ما تعلمته من الماركسية هو دائماً تواصل وتجاوز من دون أي قطع بين مرحلة وأخرى.

اقرأ أيضاً: خارطة طريق حماية أموال المصارف اللبنانية

لكنني أضفت إلى التاريخ المرتبط بلبنان وبالحزب الشيوعي اللبناني وبرموزه، أضفت أسماء عدد من رموز الحركة اليسارية في لبنان وفي العالم العربي وفي العالم لكي تكتمل الصورة عندي عن الماضي وعن المجيد فيه، والانطلاق منه إلى المستقبل الآتي الذي سيظل البحث عنه رفيقاً لي حتى آخر العمر.
في هذه الكلمات المختصرة أعرّف القارئ بهذا الكتاب وبالوظيفة التي أعطيته إياها. وأملي كبير أن أكون قد قمت بما هو واجب عليّ في هذه المرحلة التي تضعني على أعتاب التسعين من عمري. وأترك للقارئ أن يقرّر بعد أن يقرأ الكتاب عما إذا كنت أميناً للوظيفة التي أعطيتها إياه بالحد الأدنى مما اعتبرته مهمة فرضتها على نفسي من تلقاء ذاتي كواجب عليّ وحق لسواي.

السابق
من بيت الوسط.. أميركا مستعدة لفتح صفحة جديدة من الازدهار في لبنان!
التالي
سوريا.. مسلسل الموت الكامل: «كافة الأشكال هنا»