عندما تعيش الضاحية في كوكب آخر!

من "واجب" أهل الضاحية تقديم أسمى آيات الامتنان والتقدير إلى حزب الله وقائده وأمينه العام السيد حسن نصرالله، على النعم التي يحظون بها، الكهرباء 24/24، والنفايات تُرفع يومياً والبيئة نظيفة، والحياة جميلة هنا فلا وجود للفقراء إطلاقاً، ولا للبطالة، ولا للمخدرات، ولا للدعارة، فالضاحية أصبحت بفضلهم المدينة الفاضلة.

عند الخروج  في الصباح الباكر من المنزل إلى العمل سرعان ما يُكتشف أن الحياة في الضاحية جدّ طبيعية فالمحال التجارية والخضار مفتوحة إلى زبائنها “أشرف الناس”، حتى الدوائر الرسمية التي مركزها في الضاحية مشرّعة أبوابها. هنا الضاحية تعيش في كوكب آخر، وكأنه لا يوجد وسائل إعلامية ولا الكترونية حتى يتسرب أن هناك ثورة ضد الفساد المستشري منذ عقود في  لبنان، الطائفة الشيعية بيئة الضاحية أول المتضررين منهم جميعاً دون استثناء.

وهنا يسأل الرائي بتعجب لماذا لا يثور أهل الضاحية وهذه فرصتهم الذهبية لتحقيق أحلامهم وأحلام أبنائهم بالدولة الوطنية اللاطائفية؟ ويأتي الجواب من حيث لا تدري، لأنه حُكم عليهم بالخضوع، بسبب وجودهم في “بيئة حزب الله” بمعنى “الإكراه” على العيش بسكينة ووئام ما دام أن سلاح المقاومة بخير، أما في حال سوّلت لأحد نفسه أن يطالب بما هو حقه في عيش كريم، فان هذا يخدش شعور السلاح وحامليه، فتنزل الجحافل إلى الشوارع تحت شعار هيهات منا الذلة.

اقرأ أيضاً: حزب الله يفتح الطرقات ومجموعاته تهدد القوات اللبنانية بـ«الدَّعس»!

وعليه، فممنوع على المواطن “الضحياوي” أن يثور أو يطالب بعيشة راضية، تحت شعار “الكرامة”، المواطن خُلق  في الضاحية فقط ليدافع عن السلاح وإيران فقط، وغير ذلك تفاصيل ثانوية.


واستدراكاً، عندما يتجرأ بعض  المسحوقين في الضاحية على الخروج للتعبير عن فقره، يبدأ انصار حزب الله بالتأثير عليه ومنعهم تحت شعار الحسين: “هيهات من الذلة” الذين يحيون أمره في كل عام. ولما لم يفلحوا هذه المرة في إقناع الناس بعدم الخروج، انتقلوا إلى الخطة الثانية ألا وهي “سلاح المقاومة” فبدأ السيناريو باللعب على عواطف الناس المغلوب على أمرهم، بأن هذه الثورة هي كالعادة مؤامرة صهيوأميركية يحركها سمير جعجع في سبيل الوصول إلى نزع “سلاح المقاومة”، فهيهات هيهات أيها المؤمنون. فضلاً عن أن هناك طريقة ثالثة، وهي الضغط النفسي وحتى الجسدي على الناس للجمهم عن تحقيق مرادهم الذين يتمنونه منذ أمد بعيد. وهناك أمثلة كثيرة عُرضت على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.


خلاصة الوقائع، العيش في بيئة المقاوم تعني ان الكرامة مستمدة فقط من  “سلاح المقاومة” وخدمة ولاية الفقيه والباقي لا قيمة له، حتى لو كنت تشتري الماء والكهرباء التي تدفعها بما يشبه الخوّة. وعلى قاعدة “المؤمن دائماً مبتلى”، فانه عليك بالصبر على جميع المصائب، وتحمّل الحروب بالوكالة، حتى تلقى وجه ربك الكريم.

السابق
النبطية تجدد ثورتها بوجه قمع «الثنائي الشيعي»
التالي
مايا دياب توجه رسالة للرئيس عون: أين ديموقراطيتك؟