«ثلاثية» الشعب و الجيش و«الثورة»!

الثورة لبنان

على وقع الإلتحام “العنفي والحبي” في آن بين الجيش والمتظاهرين لمحاولات فتح الأوتوسترادات وتحديداً في جل الديب، يتعقد مشهد الإحتجاجات سياسياً ووطنياً، بعد ان أنهمرت دموع الشعب والجيش و إمتزجت في ثورة واحدة.

ما يجري على الأرض يسابق ما يدور في أروقة الطبقة الحاكمة ومقارها. المهل تسقط وتتلاشى تبعاً لعداد الشعب. حساب “الحقل” على الإحتجاج الزمني لا يتوافق مع “بيدر” السلطة. لا تقادم ولا سقوط مهل عشرية او عشرينية او ثلاثينية. صرخات مدوية ذات إرتدادات جديدة وقديمة.

الحاكمون خائفون مذعورون يتلفتون، يتحسسون رقابهم ورؤوسهم، تحت هدير الأمواج البشرية المتلاطمة من محيط السراي الحكومية التي يتردد صداها من بعبدا إلى عين التينة وباقي البيوتات السياسية المزمنة.
صورة “كاريكاتورية” إفتراضية مغالية نوعا ما، لكنها مشهدية مستوحاة من المواكب البشرية المهيبة التي “تهوج وتموج”، لا “تسرح وتمرح” رغم ذروة الفرح الشعبي التي تنتابها، من شدة الإعتداد بنفسها، وتكافىء نفسها على الإنتصار الكبير على “رهاب” المقامات “المرتفعة”.

إقرأ أيضاً: بالفيديو.. عسكري في الجيش يبكي تأثراً في جل الديب
ربما ليس من سبيل المصادفة أن تندلع الإحتجاجات في فصل الخريف، لتعطيها توصيفاً مناسباً “الخريف اللبناني” وتنزع عنها صفة “الربيع اللبناني” الذي تأخر عن “الربيع العربي” لحكمة يعلمها الله واللبنانيون: الجو ربيع في البلد، ولا يمكن لأحد ان يهز عرش السلطة الطائفية والمذهبية، والإحتياط يتوجب النأي بالنفس عما يجري ويُحاك.. هكذا كان ولكن على الطريقة اللبنانية “الشيء ونقيضه”.

الجميع في مأزق يمارس سياسة حافة الهاوية. إرباك ما بعده إرباك . أحاديات وثنائيات وطائفيات تتهاوى، و ما بينهم الجيش الذي يتحدى قائده و ضباطه وعناصره أنفسهم، ويحاولون مسك العصا من النصف، وحتى في عز الحشرة وللتاريخ شواهد.

ثورة عظيمة بكل المعايير. ثورة على همة أبنائها. ثورة حتى العظم، من ساحتي الشهداء ورياض الصلح و الذوق وجل الديب ونهر الكلب إلى جبيل وطرابلس والبترون والأرجاء المحيطة، لوحة ثورية مشرقة يكبر بها قلب أبناء الوطن ويخفق بنبض واحد، غير أن ما يجري في الجنوب وتحديدا في صور النبطية “ملحمة” مشهودة، لحظة شعبية مؤاتية للإنقضاض على “آلهة السياسة” وتحطيم أصنامها، ودك الهيكل على الرغم من الكلفة الدموية.

بقطع النظر عما تؤول إليه الأوضاع، و “الغموض الإيجابي” الذي يلف مصير الثورة ويرفع منسوب التفاؤل، فإن مجرد إندلاعها هو أكثر من حلم ليلة وطن.

هذا هو لبنان. الطواغيت جربوه في التوقيت الأسوأ، عيل صبرهم و عمى الله عن بصرهم وبصيرتهم.. خيراً فعلوا.

السابق
ما صحة قطع طرقات دعما للحريري؟
التالي
هل عادت أزمة الطعام في الجيش اللبناني؟