«الشيعية الموجوعة» إن حكت.. جنوباً

الاحتجاجات في لبنان
المشهد الشيعي شكل "معلماً" في الاحتجاجات الجارية. ان يتم تناول الرئيس نبيه بري، كما رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنائبين ياسين جابر وهاني قبيسي، الذين هوجمت مكاتبهم في مدينة النبطية من قبل المتظاهرين، فهذا ما لم تعهده الاحتجاجات السابقة في الجنوب وفي المناطق ذات الغالبية الشيعية في لبنان.

لم تكن مدينة النبطية مختلفة عن بقية المناطق اللبنانية من الشمال الى الجبل والبقاع وبقية مناطق الجنوب، قطع الطرقات كان السمة الأبرز ولا يزال لحركة المحتجين، فيما التساؤل حول مستقبل الحكومة بات يطرح فكرة البدائل في حال استقالت، وما هي فرص استمرارها طالما أن الاحتجاجات باتت تتطلب إجراءات من الصعب على الحكومة القيام بها لتهدئة الشارع، لاسيما لجهة عجزها عن القيام بأي إصلاحات جدية توقف مصدر الفساد والهدر.

لا يخفى على المتابعين أن الضيق الاقتصادي والمعيشي والشكوى من سياسة السلطة، ليس عملة غير شيعية، من الواضح ان الأصوات التي تصدر من المناطق الشيعية ومن خلال الاحتجاجات في اكثر من منطقة، وأن حاجز تنزيه حركة أمل وحزب الله عن مسؤوليتهما عن الأوضاع السيئة كما بقية القوى في السلطة، قد تم تجاوزه من قبل المحتجين ولأول مرة منذ سنوات طويلة، سيطر فيها الاستقطاب المذهبي والطائفي حصانة للطرفين. وبحسب مصادر متابعة في النبطية، ان صراعا ضمنيا نشب بين حركة أمل وحزب الله مع انطلاق الاحتجاجات أمس، فعندما توجه المحتجون الى منزل النائب ياسين جابر المحسوب على أمل، واحرقوا الإطارات حول منزله، عمد مناصرون لحركة أمل على تشجيع المحتجين الى التوجه الى مكتب النائب محمد رعد، وهذا ما حصل في مكتب النائب هاني قبيسي أيضا، ويلفت المصدر الى ان الاضرار بمكاتب نواب النبطية، لم يكن بمعزل عن الصراع الضمني بين التنظيمين، باعتبار ان مناصري حركة أمل يعتبرون ان حزب الله يريد أن يجعل من الحركة كبش فداء لمعركة الفساد، فيما يتهم هؤلاء ان حزب الله منخرط في عملية المحاصصة على كل المستويات والامر لا يقتصر على الحركة فقط. اللافت أيضا أن قسما لا بأس به من المعتصمين في النبطية وفي عموم الجنوب الذي شهد تحركات وقطع طرقات، ان هناك تنافس بين حركة أمل وحزب الله على الانخراط في التحركات الشعبية العفوية، في سعي مفهوم لمنع تحول التظاهرات باتجاه احد الطرفين او كليهما، باعتبارهما يشكلان طرفين أساسيين في الحكومة وفي مجلس النواب.

حرق منزل النائب ياسين جابر

اقرأ أيضاً: أبعد من مطالب الجمعة الشعبية

ولكن الى جانب ذلك فان محاولة احتواء التظاهرات والاحتجاجات تبقى الهدف الأساسي للحدّ من تداعياتها على الثنائي الشيعي الذي لم يسبق له أن واجه هذا الحجم من الاعتراض الشعبي في مناطق نفوذه. ذلك لا يقلل من شأن خيار الانقلاب السياسي لحزب الله على المعادلة السياسية التي أسس لها منذ انتخاب العماد ميشال عون، بعدما ايقن أن هذه المعادلة باتت عاجزة عن توفير متطلباته في مواجهة العقوبات الأميركية أو في الزام المصارف اللبنانية السير في ركابه في مواجهة العقوبات الاميركية، فضلا عن عجز الحكومة الاستجابة لمطلبه باعلانها رفض العقوبات الأميركية على حزب الله من جهة، بل ما يعتبره حزب الله بحسب بعض المصادر، ان سياسة مصرف لبنان باتت تحول دون تسرب مليارات الدولارات التي كانت تنقل الى سوريا، فالاجراءات الأخيرة التي قام بها حاكم مصرف لبنان تجاه التعامل بالدولار، أدى الى اغلاق منفذ مالي غير شرعي في اتجاه سوريا وهذا ما ازعج حزب الله والنظام.

خيار الفوضى ورقة يلوح بها حزب الله الى الخارج قبل الداخل، باعتبار انه الجهة الفعلية المسيطرة في لبنان، ولا يعني ذلك أنه هو من كان وراء خروج الناس الى الشارع، لكن هو الذي يمتلك خيار الفوضى في مواجهة الاحتجاجات، بحيث ينتقل لبنان بالكامل الى المحور الإيراني والانتقال الى النموذج السوري واليمني وحتى نموذج غزة، باعتبار ان هذه الخطوة تشكل رسالة مفادها كان مررها حزب الله في اكثر من مناسبة بأنه لن يسمح بأن تتصاعد العقوبات ضده فيما يبقى بقية لبنان بمنأى عنها، وان على السلطة اللبنانية أن تقوم بما يفترضه حزب الله من مواجهة هذه العقوبات، وان المجتمع الدولي عليه الانتباه الى وجود اكثر من مليون لاجئ سوري، كان النائب رعد قد هدد ضمنيا بدفعهم للخروج او يأتي “المجتمع الدولي صاغرا الينا”.

السابق
جنبلاط: ضد العهد در!
التالي
لا أهلاً ولا سهلا ً في مطار بيروت!