«المندسون» يخرقون مظاهرات العراق!

تظاهرات العراق

خلال الايام الماضية، منذ خروج الشباب العراقي الى ساحات التظاهرات، سقط 30 قتيلاً وأكثر من ألف جريح ترافق مع سلطة قمعية تستبيح الناس بكل انواع الاسلحة، والميليشيات السلطوية تنافسها في ذلك. بالإضافة الى القطع الكامل للاتصالات والكهرباء، ومنع التجوال.

إقرأ أيضاً: بالفيديو.. ميليشيا إيرانية تطلق النار على الجيش العراقي

السلطات في بلداننا تتبع جميعها نسقاً كلامياً واحداً في مواجهة حركات الاحتجاج عليها، أياً كانت، يقوم على فكرة وجود “مندسين” يستغلون التحركات العامة بغاية التخريب. هكذا، بكل بلادة. وبفقر مدقع في الحجج وفي الخطاب. وأما ما يستفز أكثر من اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين فهو ذلك الإقرار بأن مطالبهم “مشروعة”، و”عادلة”، وأن السلطات تعمل جاهدة لتلبيتها – أو تعد بذلك – بتكرار عابر للزمن ولا يخجل من الكذب الصريح.

خلال الايام الثلاثة الماضية، منذ انفجر الشباب العراقيون في بغداد والناصرية والعمارة والحلة والنجف والبصرة (بينما لم يجرؤ سكان المحافظات ذات الغلبة السنية على التحرك من فرط استبطانهم للرعب) سقط أكثر من 30 قتيلاً (في الناصرية لوحدها هناك 19 قتيلاً) وأكثر من ألف جريح. والحبل على الجرّار، لأن السلطات قررت تطبيق جملة اجراءات معاً: قطع الكهرباء والاتصالات والانترنت بالكامل عن البلد – وفق مرصد NetBlocks المختص بمراقبة التعتيم على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي – وإعلان منع التجوال حتى “إشعار آخر” (؟!) في بغداد والناصرية والعمارة والنجف ومحافظة بابل، وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. هكذا بكل بلادة!

ثم وبكل بلادة ايضاً، معطوفة على وقاحة مذهلة وجهل بائس بالعراق والعراقيين، أعلن “مجلس الأمن الوطني” في العراق أنه عقد جلسة طارئة انتهت ببيان يشير الى “دور الإعلام في التوعية بأهمية الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، بتسليط الضوء على الجهود والمنجزات الحكومية المبذولة في المجالات كافة، وكشف الخروقات وأي عملية اعتداء أو حرق أو نهب للمتلكات العامة والخاصة واستهداف القوات الأمنية التي تؤدي واجبها بحماية المتظاهرين بمختلف الوسائل”. هكذا والله!

أضاف رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، (الذي مرّ في حياته بكل ألوان الطيف السياسي والايديولوجي، فكان بعثيا ثم شيوعياً – أو بالعكس – ثم ليبرالياً ثم إسلامياً) أن “حظر التجول فُرض للحفاظ على النظام العام، وحماية المتظاهرين من بعض المتسللين الذين ارتكبوا انتهاكات ضد قوات الأمن”. هكذا أيضاً والله!

وأما الشعارات التي يرددها المتظاهرون فكلها تدور حول انقاذ العراق من الحرامية الذين ينهبونه ومن بينها “ايران بره بره” الذي انطلق منذ احتجاجات 2015 (حين ساد أيضاً شعار “باسم الدين باكونا – أي سرقونا -الحرامية”)، ويتكرر مذاك في الاحتجاجات التي تنفجر سنوياً، وتستمر لأسابيع، ويسقط فيها عشرات القتلى والجرحى، وتُحرق – كما يحدث الآن – المقرات الحكومية والحزبية، وتعربد بالمقابل الميليشيات المسلحة السلطوية وتستبيح الناس. وهؤلاء، حين يُغلبون على أمرهم، يطوون أرواحهم على قهرهم.. الى أن يعود نهرهم فيطوف.

السابق
الأمن العراقي يتحدث عن حالات قنص لمدنيين وعسكريين
التالي
انقسام سياسي حول «خصخصة» القطاع العام في لبنان