المحقق العدلي: قاضي تحقيق وهيئة إتهامية في شخص واحد

بعد حادثة قبرشمون -البساتين، دخلت الى قاموس مفردات اللبنانيين عبارات كثيرة تتصل بالقضاء وعمله وباتت تحفظ عن ظهر قلب، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ” الإحالة الى المجلس العدلي، صلاحيات هذا المجلس، أحكام مبرمة لا يمكن نقضها بأي طريقة من الطرق،القضاء العدلي، القضاء العسكري وأخيرا وليس آخرا المحقق العدلي، فمن هو هذا القاضي؟ ما هي آلية تكليفه وما هي صلاحياته؟

من المعروف أن وزير العدل هو من يعين المحقق العدلي في الجرائم التي تحال الى المجلس العدلي بعد صدور مرسوم عن رئاسة مجلس الوزراء الذي يملك إستنسابية إحالة أي جريمة الى هذا المجلس من عدمه، من هنا يطرح سؤال بديهي حول هامس قدرة المحقق على التحرك بإستقلالية عن الضغوط التي قد تمارس عليه.

واذا كان وزير العدل هو من يعين المحقق العدلي فعلينا الا نغفل موافقة مجلس القضاء الأعلى على هذا التعيين وذلك سندا الى المادة 360 من قانون القضاء العدلي التي تنص على أن المحقق العدلي يتولى التحقيق الإبتدائي في الجريمة المحالة أمام المجلس العدلي وهو يجمع في شخصه مهام قاضي التحقيق والهيئة الإتهامية في القضاء العادي، ولديه سلطة واسعة يمكن وصفها بالإستنسابية أو التقديرية.

يبدأ عمل المحقق العدلي بعد إدعاء النائب العام التمييزي بالجريمة موضوع المحاكمة ويحيل اليه ملف التحقيقات.

اقرأ أيضاً: الأنباء: القاضي باسيل يوقف النظر بدعوى «البساتين»

يصدر المحقق العدلي كل المذكرات التي يقتضيها التحقيق من دون طلب من النيابة العامة، وقراراته لا تقبل أي طريق من طرق المراجعة كما يحق له استجواب أي شخص يظهر التحقيق إسهامه في الجريمة فيتم إستجوابه بصفة مدعى عليه حتى لو لم يرد اسمه في عداد من إدعت عليهم النيابة العامة.

بعد استكمال التحقيقات، تبدي النيابة العامة التمييزية المطالعة في الأساس ثم يقرر المحقق العدلي إما منع المحاكمة عن المدعى عليه (أو عليهم) وإما الاتهام والإحالة الى المجلس العدلي.

واللافت في هذا السياق هو أن الكثير من الملفات المحالة الى المجلس العدلي الذي أتم عقده السابع شهدت تبديلات أو تغييرات في أسماء المحققين العدليين، إما بالتنحي طوعا من قبل هؤلاء لظروف لا يفصحون عنها في الغالب، وإما لإحالتهم الى التقاعد وأحيانا بسبب الوفاة.

لكن ماذا عن عشرات القضايا التي مضى على بدء التحقيق فيها عقود من الزمن؟

من الواضح أن هناك عاملا أساسيا يدخل في كل مرة الى منظمومة التحقيقات الإبتدائية والاستنطاقية وهو توافر معطيات جديدة لدى المحقق العدلي تسهم في إطالة أمد التحقيق، وعلى سبيل المثال لا الحصر أيضا نذكر جريمة بتدعي البقاعية التي ذهب ضحيتها صبحي فخري وزوجته نديمة في تشرين الثاني من العام 2014 وهي سلكت طريقها الى المجلس العدلي في آذار من العام 2015 بعد إحالتها بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء ليصل الملف الى يدي القاضي سامي صادر بصفته محققا عدليا في الجريمة، وقد بدأ تحقيقاته في تشرين الأول من العام نفسه أي بعد أقل من سنة على وقوع الجريمة.

يمضي القاضي صادر تحقيقاته من دون كلل في عمله منذ ذلك الوقت، لكن ظهور معطيات جديدة مع التوسع في التحقيقات أسهمت في إطالة أمدها ما دفع به الى تحديد جلسة لإستكمال التحقيق في 16 من آب الجاري رغم العطلة القضائية. 

السابق
الأنباء: القاضي باسيل يوقف النظر بدعوى «البساتين»
التالي
انهيار جزئي للحائط الشرقي للسراي الشهابية في حاصبيا