من حُسن التدبير حلالاً إلى «تزبيط» الحال تشبيحاً الى التشليح حراماً

ليس من الصعب على المراقب الاجتماعي-النفسي-الاقتصادي، أن ينتبه للتدهور الأحوال السريع لدى شريحة واسعة من الناس.

كانت الامور المعيشية قبل حرب تموز من العام 2006 على قدر معقول من الاحوال المادية، وكانت الناس تردّد “مستورة ،ساترها الله والحمدلله” وبعد ازمة شركات التأمين الاميركية في سنة 2008 وبدء الحرب في سوريا، تضعضعت المعادلة لتتخطى الضائقة المعيشية بثقلها القدرات المالية لاغلب الناس، ما اضطرها الى الإعتماد على القروض والاستدانة من محلات السمانة، والصيدليات، ولتظبيط الاحوال قدر الامكان، عبر سمسرة وتشبيح بالحرام، او عبر تعاقد عسكري مع أحزاب أومسايرة امنية كمخبر للدولة، أو مناصرة لمتموّل أو استزلام بالحلال، هذا اضافة للهجرة ولأعمال اضافية قذرة، من دعارة وترويج ممنوعات وتعامل مع اعداء، وبيع وشراء لاسلحة فردية أو لذمم، ما حوّل المقولة الى”خليها عالله، عايشين من قلّة الموت”.

منذ اكثر من عام ،سقطت المعادلة، اصبحت غير صالحة للقياس الاجتماعي-الاقتصادي، إذ تحولت العلاقة بين الناس الى نصب وتشليح، والى تنافس مادي عدواني في الشارع، بين الافراد والمؤسسات والشركات والمصانع، ما ينذر بانفجار حالة اجتماعية ما عاد ينفع معها الادوية العصبية من مهدئات، ولا عادت تنفع معها الاراكيل من معسل وتفاحة وتفاحتين، أوتعاطٍ لمخدرات تقوم مجتمعة بوظيفة العلاج النفسي الذاتي المؤقت، بل تقوم ايضاً بدور الانتحار البطيء المزمن.

اقرأ أيضاً: إنزعوا خناجركم عن شخصية ابن بعلبك

الجوع تخطى عتبة الحاجة القصوى.
من لم ينتبه بعد لدخول الناس مرحلة الموت المفاجىء، والامراض المستعصية ذات المنشأ النفسي – العصبي، ومرحلة التشليح المباشر، وكيفما اتفق كقناع للسرقة في ما بينها من اجل البقاء، من لم ينتبه لمرحلة “يصطفلوا الآخرين لا يهمني ابقيوا على قيد الحياة ام ماتوا من الجوع” فإنه اعمى واصمّ… بل مشارك في جريمة قتل جماعي سببها مجرمون اقتصاديون – سياسيون، رهنوا البلاد وباعوها من حيث يدرون ومن حيث لايدرون…
ان العقل المبرمج على ربح والمال وكيفما اتفق لا تهمّه كرامات ناس ولا تهمّه كرامات اوطان.

العقل المبرمج على ربح المال الحرام بحجة فتوى حلال، او تحليل المال الحرام كرديف لتبييض المال، لا تهمّه ابواب الجنة ولا تهمه ابواب النار.

كلما زاد عدد الاكسبرس لبيع القهوة وكلما زادت سيارات السرفيس، كلما زاد عدد العانسات وكثرت حالات الطلاق، كلما زاد عدد المتطوعين كجنود في القوى الامنية او المتعاقدين كعسكر في الاحزاب المقاتلة، إعلم أنّ قناع الجوع سقط وبدأ زمن الاجرام، إعلم ان زمان القنبلة الاجتماعية اقترب من النفاذ وان الانفجار قريب… أقرب مما يتوقعون…” وستأكل الناس بعضها البعض”.

السابق
انتخابات صور الفرعية: المعارضة ضد مرشح السلطة.. وحزب الله بين قصير وحب الله ورحّال
التالي
زفاف يتحول الى مأتم في منطقة بعلبك: ٣ قتلى في يونين