عندما يتحول النفاق الى منطق يُهزم الحزب..

أثناء زيارة كادِرين يساريين لفرنسا بدعوة من جريدة “الانسانية” الناطقة بإسم الحزب الشيوعي الفرنسي، شاهدا شاباً فرنسياً يقبّل صبيّة على مقعد في حدائق لوكسمبورغ في باريس، ألهمهما المشهد أفكاراً نقدية ساخطة ضدّ ثقافة المجتمع الرأسمالي، متّهمين هذه الثقافة بأنها السبب في انتشار الرذيلة وانحدار الأخلاق واحتضار الحبّ والجمال، وتحوّل المرأة لأداة استهلاكية لها سعرها الخاص فيها، والمتحوّل وفق تحولات الصراع الطبقي.

هذان الكادران اليساريان نفسهما، دُعيا لزيارة صوفيا (عاصمةجمهورية بلغاريا الاشتراكية الشعبية) وبينما هما مارّين في حديقة ليودميلا جيفكوفا، صادفا شاباً بلغارياً يقبل فتاة على مقعد تحت شجرة وارفة الظلال، ألهمهما المشهد افكاراً مؤيدة للاشتراكية، فراحا يزينان المشهد باقوال شعرية مادحان اسلوب الشاب الحضاري في تقبيل حبيبته الجالسة في حضنه. واعتبرا قبلة الفم بالفم والعناق، تعبيراً عن المساواة وتبادل الواجبات ورقيّاً في الوعي وسمواً للحب والجمال الماركسي المتجرد من استغلال الانسان لاخيه الانسان. وأكدّا على اهمية تلك الشجرة في مسيرة انتصار المُلكية العامة واندحار المُلكية الخاصة…

اقرأ أيضاً: بمن ستصلي في القدس يا عزيزي!

من امثال هذين الكادرين انطلق مشروع هزيمة الفكر الاشتراكي وانتصار النفاق، هذين النموذجين عمّما اسلوب المسايرة وقلب الحقائق، من اجل دفاع أعمى مشبوه امام سيطرة الفكر الواحد كحقيقة مطلقة غير قابلة للنقاش وغير قابلة للنقد العلمي.
إذ اعتبر كلّ رأي او نقد مغاير ومختلف للسائد خيانة لطبقة ونضال البروليتاريا، وترويجا لفكر راسمالي معادٍ.
اليوم ، يتكرّر المشهد نفسه مع حالات ثقافية اسلامية مهيمنة، لا تحتمل النقد وتعشق المدح والثناء وتعتبر كل من لديه رأي آخر مشبوها، وتقدم المدّاحين والمصفقين من حولها وتكافئهم بسلطة مؤسساتها وخيراتها…

واحدة من ازمة المهيمنين على المجتمع السياسي المسيحي انهم يكررون نفس الافكار السياسية القديمة التي اوصلتهم الى الهزيمة النكراء، بهدف ان يعززوا من مراكزهم القيادية في وعي المسيحيين الذين يحبذون خطابات الخوف والحذر والتنبيه من الآخر، ولا يطمئنون الا بالتقوقع والانعزال خلف اسوار نفسية وهمية، تبدأ من فكر شقيف بلدية الحدث وتنتهي في منع الناجحين في مجلس الخدمة المدنية من وظيفة برتبةحارس لحرش وللاشجار!

لم يتعلم احد من احد، ولم يستفد حزب من تجربة احزاب سبقت، الجميع يكرّر نفس الاخطاء معتقدين انهم باقون. الحقيقة انهم زائلون كغيرهم لان تجربتهم اسوأ. انتهى زمن الاحزاب وستنتهي الدولة اللبنانية القائمة على اسلوب هؤلاء الفاشلين الذين حولوا الاحزاب لعصابات ولعائلات سياسية تدميرية.
لن يطول الزمن الذي سيُطارد به ابناء واصهرة هؤلاء الحاكمين بالدم والمال لانهم يسيرون عكس مسار الزمن والتاريخ.
“فذكّر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر”
ما زال قول ماركس صحيحاً “مهمة الطاغية ان يجعلك فقيراً ومهمة شيخ الطاغية ان يجعل وعيك غائباً”.

السابق
الجيش: زورق حربي «إسرائيلي» يخرق المياه الإقليمية اللبنانية مقابل رأس الناقورة
التالي
الصايغ لـ«جنوبية»: نتمنى على ارسلان تسليم المطلوبين وندعو عون لضبط الإيقاع