منتدى الاستدامة البيئية في صيدا.. تصفيق وغياب للحلول الواقعية!

صيدا
لم يستطع أحد أن يعرف الهدف الأساس من انعقاد منتدى الاستدامة البيئية يوم الأربعاء 10 تموز 2019 في بلدية صيدا إلا بعد صدور التوصيات التي تضمنت هدفاً محدداً ممكن التحقق وفي فترة زمنية قريبة وهو ردم البركة الملوثة بمتبقيات معمل معالجة النفايات في صيدا. وهو ما نشر عنه "موقع جنوبية" في تقرير قبل أشهر من تاريخه.

عندما دعيت إلى حضور المنتدى قرأت أنه يهدف إلى مناقشة التحديات والمشاريع البيئية الحالية والمستقبلية بإطار علمي ومنهجية محددة وفق المعايير البيئية وذلك بمشاركة الخبراء والمختصين والجهات المعنية في مدينة صيدا.

وكان المنتدى برعاية وحضور وزير البيئة فادي جريصاتي الذي صال وجال على شاطئ المدينة وصولاً إلى جزيرة الزيرة صباحاً وقبل انعقاد المنتدى. فتحدث عن مشاعره وأحاسيسه في كلمته الافتتاحية لكن طلب أن لا تحاسب وزارة البيئة وعمرها أربعة أشهر فقط أي من فترة وجوده وكأنه لا يعرف أن مسؤولية الوزارات متواصلة، ثم تحدث عن صيدا وفنادقها، فشعرت أن وزيرنا سيلغي إجازاته الصيفية ليقضيها في مدينة صيدا.

اقرأ أيضاً: توضيح حول تلوث شاطىء صيدا: المياه المبتذلة بين جزين وصيدا

وأعطى معلومات أن لبنان ينتج 7500 طن يومياً من النفايات المنزلية الصلبة وأن هناك 941 مكباً عشوائياً. وأشار إلى أهمية الفرز من المصدر من دون الحديث عما حصل في مجلس النواب عندما رفض ممثلينا السياسيين إعطاء مشروع قانون الفرز من المصدر صفة المعجل المكرر.

في الجلسة الأولى، كانت مداخلة وزارة البيئة التي قدمتها المهندسة سابين غصن موضوعية وحددت فيها مصادر التلوث المحتملة وهي الدباغات، مياه الصرف الصحي، التخلص العشوائي من النفايات، البركة الملوثة ومعمل معالجة النفايات الصلبة. وأشارت إلى أن وزارة البيئة طلبت منذ أسبوع إيقاف العمل في الدباغات، لكنها اكتفت بالإشارة إلى تلوث مجرى سينيق من دون تسليط الضوء على التلوث الذي تحدثه شبكة الصرف الصحي المربوطة بمحطة “تجميع” المياه المبتذلة. وتحدثت عن التخلص العشوائي من خلال رمي وطمر النفايات بالمنطقة المجاورة للمعمل وفي البركة لكنها لم تشر، ويمكن أن يكون ذلك ليس من مسؤوليتها، إلى الهيئات المعنية والمسؤولة عن ذلك.

أما عن معمل المعالجة فإن غصن أعلنت أنه بعد التدقيق بقدرة المعمل الاستيعابية فإنه يستطيع استيعاب ما بين 306 – 526 طن يومياً في حين أن إدارة المعمل تصر على أن القدرة الاستيعابية تبلغ 600 طناً يومياً ثم تحدثت عن الكسارة المقامة بجانب المعمل لخلط العوادم مع الردميات من دون أن تعرف أن هناك نفايات قد دفنت في جبال المتبقيات حول المعمل المذكور. أما عن الروائح فقالت أنه كانت لوزارة البيئة ملاحظات على التدقيق البيئي عام 2018 وكذلك ملاحظات على تقرير عام 2019 وأن الوزارة استلمت آخر تقرير أمس الثلاثاء 9 تموز ولم تجر دراسته بعد. وأعلنت غصن أن الوزارة طلبت إجراء تحسينات على العمل، بعضها جرى تحسينه والبعض الآخر لم يحصل، وأن الوزارة طلبت إجراء فحوصات لـ14 ملوثاً، وأجريت فحوصات على ثلاثة ملوثات فقط كما أكدت الوزارة على وجود فلتر للروائح. وختمت غصن أن لا مهرب من ضرورة وجود مطمر صحي للعوادم.

أما مندوبة وزير الصناعة هانية الزعتري فأشارت أن ما يجري في المنطقة يمكن أن نطلق عليه صناعة فئة أولى أي خطرة بيئياً. لذلك يجب ان لا ترمي النفايات الصلبة في البحيرة ولا السوائل إلى البحر وأن خلال فترة مهلة التراخيص كانت تقدم طلبات تسوية للأوضاع وأشارت إلى أن إدارة المعمل أجرت تعديلات عليه منذ أنشأته ولكن يجب الالتزام بالشروط المطلوبة ومعالجة جبل المتبقيات ومكافحة الروائح.

وقال رئيس البلدية محمد السعودي أن مشاورات تحصل مع معمل سبلين كي يأخذ المتبقيات لكن المشكلة أن ذلك يفرض عليهم إجراء تعديل في آلية عمل المحرقة في معمل سبلين، وبذلك لا نعود بحاجة إلى مطمر صحي، مقابل ذلك توريد 100 طن يومياً من النفايات الصلبة من إقليم الخروب إلى معمل صيدا.

وإثر تقديم عدد الملاحظات عاد جريصاتي ليؤكد أن أي حل للمتبقيات بحاجة إلى توافق سياسي وأن على الأحزاب السياسية اختيار المواقع المقترحة للمطامر وليس وزارة البيئة التي لا سلطة لها بذلك.

في الجلسة الثانية: عرض عدد من الناشطين لتجاربهم في إحياء وقرى مختلفة في مجال الفرز من المصدر.

أما في الجلسة الثالثة: فتحدث عدد من الخبراء حول رؤيتهم للأطر المبتكرة للتخلص من النفايات المختلفة، فعرض زكي السايس لتجربة NTCC ، وعرضت عبير أبو سالم رؤية مستشفى حمود لمعالجة نفايات المستشفيات، وقدم د. غازي كساب مداخلة حول النفايات الالكترونية وعرضت رنا الحاج لتجربة بلدة روتردام في مواجهة التغيير المناخي وتحدثت د. نوال حكواتي حول الحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. إلا أن أحداً لم يتطرق إلى معمل معالجة النفايات الطبية الذي تملكه بلدية صيدا وتديره أركنسيال وإذا كان يستلم كامل الكميات المتولدة من المستشفيات إنها لا تستلم أي نفايات من المختبرات وعيادات الأسنان.

اقرأ أيضاً: صيدا تلبي دعوة «شؤون جنوبية» وتطرح حلولاً لأزمة النفايات المتفاقمة

بعد ذلك أعلنت التوصيات وكان أبرزها إعطاء الشرعية لردم البركة بالمتبقيات بعد إجراء التحاليل المخبرية. والتي كما نشرنا سابقاً فإن السلطات المحلية والوطنية تقول أن المتبقيات نظيفة ويمكن ردم البركة فيها، في حين أن تحاليل معهد البحوث العلمية التي تقول أن شاطئ البحر ملوث إلى درجة حذره غير صحيحة حسب ما طرحه وزير البيئة حول الشاطئ الصيداوي.

عندما دخلت قاعة البلدية سررت بوجود عدد كبير من الشباب وظننت أن ذلك سيفتح الباب أمام نقاش جدي وأسئلة جدية حول النفايات ولماذا الوضع هكذا، وكيف يمكن أن نصل إلى حلول. لكن ذلك لم يحصل لأن المطلوب منهم كان التصفيق لحلول وهمية وغير قادرة أن تكون الحلول مستدامة.

يبقى سؤال، إذا سلمنا جدلاً أن المتبقيات رميت في البركة الملوثة وردمتها، فماذا سيحصل بعد ذلك وبعد تولد المزيد من المتبقيات؟ أعتقد أن النقاش يحتاج إلى آلية أخرى غير شعبوية.

السابق
ميقاتي والسنيورة وسلام التقوا خادم الحرمين حاملين رسالة من الحريري لتعزيز العلاقة بين البلدين
التالي
توقيف أفراد شبكة دولية لتهريب المخدرات في الجية