الاتفاق النووي الإيراني: ما أهمية تخصيب اليورانيوم بنسب معينة؟

تقول إيران إنها استأنفت تخصيب اليورانيوم بنسب عالية - متجاوزة بذلك التزامها باتفاقها النووي مع القوى الكبرى في العالم.

وافقت إيران، في ذلك الاتفاق، على تقليص أنشطتها النووية الحساسة، وعلى السماح لمفتشين دوليين بتفتيش منشآتها، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي شلت اقتصادها.

وينتج اليورانيوم المخصب بواسطة تغذية أجهزة الطرد المركزي بغاز فلورايد اليورانيوم السداسي لعزل النظائر الأكثر تناسبا في الانشطار النووي، فيما يعرف بـ(يو-235).

ويمكن استخدام اليورانيوم المنخفض التخصيب، الذي يتصف بنسبة تركيز تتراوح ما بين 3 إلى 5 في المئة من مادة (يو-235)، في إنتاج الوقود المستخدم في مفاعلات الطاقة النووية التجارية.

أما اليورانيوم المرتفع التخصيب فتصل نسبة التركيز فيه إلى 20 في المئة، أو أكثر، ويستخدم في مفاعلات الأبحاث. لكن اليورانيوم المستخدم في الأسلحة فتبلغ درجة تخصيبه 90 في المئة أو أكثر.

يسمح الاتفاق النووي لإيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تركيز بحد أقصى قدره 3.67 في المئة، على ألا تحتفظ بأكثر من 300 كيلوغرام منه، وألا تشغل أكثر من 5060 جهاز طرد مركزي.

ويشير جزء آخر من الاتفاق إلى أن إيران لا تستطيع الاحتفاظ بأكثر من 130 طنا من الماء الثقيل، الذي يحتوي على نسبة هيدروجين أكثر من الماء العادي، وأن عليها أن تعيد تصميم مفاعل أراك للماء الثقيل لديها. ويحتوي الوقود الناتج عن مفاعل الماء الثقيل على البلوتونيوم، الذي يمكن استخدامه في القنابل النووية.

ما الذي فعلته إيران؟

أكدت وكالة الطاقة الذرية الدولية، التي تراقب التزام إيران بالاتفاق، في 1 يوليو/تموز أن طهران تجاوز مخزونها من اليورانيوم المخصب الحد المسموح به.

وأعلنت إيران في 7 يوليو/تموز أنها استأنفت تخصيب اليورانيوم بما تتجاوز نسبة تركيزه 3.67 في المئة “بناء على حاجاتنا”.

وقال المتحدث باسم وكالة الطاقة الذرية في إيران، بهروز كمالوندي، إن بلاده ستخصب مبدئيا اليورانيوم بنسبة 5 في المئة حتى تستطيع توفير الوقود لمفاعل بوشهر للطاقة.

وأضاف أنها ليست بحاجة “في الوقت الراهن” إلى إنتاج يورانيوم بنسبة تركيز 20 في المئة لتوفير الوقود لمفاعل الأبحاث في طهران.

ما أهمية هذا الأمر؟

وقال خبراء في جمعية الحد من الأسلحة، وهي جمعية تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، إن تجاوز حد الـ 300 كيلوغرام من مخزون اليورانيوم لا يبلغ حد نشر أي خطر.

ولاحظ الخبراء أن إيران قد تحتاج إلى ما يقارب 1050 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تركيز 3.67 في المئة حتى تنتج يوارنيوم كافيا يمكن استخدامه في قنبلة واحدة.

ولكنهم حذروا من أن إيران إذا استأنفت التخصيب بنسبة تركيز عالية، فقد يكون في ذلك خطر حقيقي.

وذلك لأن زيادة نسبة تركيز الـ (يو-235) من 0.7 في المئة إلى 20 في المئة يستغرق نحو 90 في المئة من الجهود المطلوبة لإنتاج يورانيوم يمكن استخدامه في الأسلحة.

وكان لدى إيران، قبل بدء تنفيذ الاتفاق النووي في 2016، كمية كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة تركيز 20 في المئة، وعدد من أجهزة الطرد المركزي، يمكنها إن أرادت من إنتاج قنبلة واحدة خلال شهرين أو ثلاثة أشهر.

وقد زاد الاتفاق هذه الفترة إلى عام على الأقل. لكن أي تراجع من جانب إيران عن التزاماتها بالنسبة إلى تخصيب اليورانيوم سوف يؤدي إلى تقصير الفترة.

وقد تفضي الخطوات التي اتخذتها طهران إلى “انتهاك مادي” للاتفاق النووي، ويسمح هذا للأطراف الأخرى باللجوء إلى العقوبات التي كانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي قد فرضاها.

لماذا توقفت إيران عن الوفاء بالتزاماتها؟

بدأ الاقتصاد الإيراني في التراجع بعد انسحاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018، وإعادة فرض العقوبات. ووصف ترامب الاتفاق بأنه معيب، وأنه يريد إجبار الحكومة الإيرانية على إعادة التفاوض على بنود الاتفاق، وهذا ما رفضته إيران.

وانتقدت الأطراف الأخرى في الاتفاق، وهي بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والصين، وروسيا، قرار ترامب وقالت إنها لا تزال ملتزمة بالاتفاق.

وصعد البيت الأبيض في مايو/أيار 2019 الضغط على إيران بإنهاء الإعفاءات من العقوبات الثانوية التي قدمها لبعض الدول، التي لا تزال تشتري النفط الإيراني.

وأوقف أيضا إعفاء الدول المشاركة في الاتفاق، وهي التي تتبادل معها طهران فائضها من اليورانيوم المنخفض التخصيب مقابل الحصول على المعدن الخام غير المخصب، المعروف باسم “الكعكة الصفراء”، وتبيعها أيضا ما لا تحتاجه من المياه الثقيلة.

وسمح هذا لإيران بمواصلة إنتاج كلتا المادتين دون تجاوز الحدود المسموح بها.

وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، فيما بعد إن بلاده سترد على العقوبات الأمريكية بتعليق التزامها بالحد المسموح به مما تحتفظ به.

ولاحظ مسؤولون أن المادة 36 من الاتفاق النووي تسمح لأي طرف فيه “بوقف الالتزام بتعهداته، بعضها أو كلها” في حالة “توقف أداء” طرف آخر لدوره. وقالوا إن الولايات المتحدة انتهكت الاتفاق قبل عام، وإن الدول الأوروبية لم تف بوعودها لطهران من حيث الفوائد الاقتصادية.

وأسس الاتحاد الأوروبي آلية لتسهيل التجارة مع إيران، تسمح بمقايضة البضائع بين إيران وشركات أجنبية دون معاملات مالية مباشرة. وبدأ تنفيذ تلك الآلية في 29 يونيو/حزيران، ولكن إيران قالت إنها لا تفي باحتياجاتها.

هل تريد إيران قنبلة نووية؟

تصر إيران على أنها لا تسعى أبدا إلى تطوير سلاح نووي.

ولا يصدق بعض الدول هذا. وتشير الدول المشككة إلى أدلة جمعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفيد بأن إيران حتى عام 2003 أجرت “عددا من الأنشطة المتصلة بتطوير جهاز تفجير نووي”. وبعض تلك الأنشطة استمر حتى عام 2009، بحسب الوكالة.

وعرضت إسرائيل في العام الماضي ما قالت إنه أرشيف حصلت عليه بطريقة سرية من إيران، يظهر – كما تقول – مواصلة إيران متابعة الأبحاث الخاصة بالأسلحة النووية بعد 2015، ولكن إيران وصفت تلك الاتهامات بالـ”سخيفة”.

ولكن وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية قالت في يناير/كانون الثاني إن إيران “لا تمارس حاليا أي أنشطة مهمة في مجال تطوير أسلحة نووية، نعتبرها ضرورية لإنتاج سلاح نووي”.

السابق
مارسيل خليفة… أجمل الأوطان؟
التالي
الحريري تعليقاً على “العقوبات”: الاقتصاد اولاً والبرلمان سيد نفسه