إمضِ قيس..إمضِ جبران

جبران باسيل

المدن لا يمكن أن تكون أفضل من أهلها، على قول أفلاطون ، الحكام كذلك.

رغم كلّ ما مرّ من دمار وحرب وقتل وتهجير، ما زال حدث أمني واحد، خطاب سياسي، برنامج ساخر واحد قادر أن يهزّ بلد بأكمله.

ذلك أن قانوننا الانتخابي الجديد – النسبية المستحدثة لمصلحة الأحزاب – لم يُصلح شيئاً بل عزّز الطائفية فبقينا مكاننا نتخبط في هذه اللعنة الكبرى والفكرة الصغرى وبقي المسؤولين أنفسهم وفي نطاق جوقة الحرب لا السلم.  

آخر حدث شهدناه كانت زيارة جبران باسيل وما تلاها من انعكاسات. أي شيزوفرينيا ترافق السياسيين اللبنانيين ليقف كلٌ منهم يحاضر بالعفة عند كل مفترق؟

يؤكد باسيل أنه خارج الاصطفافات الطائفية، ثم يصر على القول أنّه يسعى لترسيخ واستعادة حقوق المسيحيين. يجزم الوزير والمسؤول في حزب الله محمود القماطي أن عصر الميليشيات والمدن المغلقة قد وولّى. مع أن شريحة كبيرة من اللبنانيين تعلم وتقر بغير ذلك.

اقرأ أيضاً: باسيل في زيارته الى طرابلس… والخطابات الشعبوية

وقف مرة عمدة نيويورك يعتذر لاستخدامه جملة منسوبة لتشي غيفارا في احدى المسيرات في ميامي بعد فيضٍ من الانتقادات بحقه، ومما قيل من انتقادات بحق العمدة “من غير المقبول اقتباس مقولة للقاتل تشي غيفارا في ميامي حيث عانى كثير من الناس نتيجة لوحشيته” فرد العمدة :” لم أقصد الاساءة لأي شخص، أعتذر عن عدم فهم التاريخ”.

 وهذا ما قد نستغربه نحن الذين لطالما عرفنا وعرف العالم تشي غيفارا كبطل وثائر..

هو نفسه، هو قاتل بالنسبة لآخرين هذا ما يعلّمه التاريخ. ليس من ملائكة ولا شياطين فالعالم لا ينظر في الاتجاه نفسه.

يغرد وزير الخارجية جبران باسيل في كل الموضوعات والمستجدات، مما يجعلك تتخيل لو أن الحكومة اقتصرت على وزير واحد بدل ٣٠ وزيراً. يقول أن التيار انطلق من فكر وطني، كأن جلّ ما يعنينا كجيل جديد هو كيف تأسست كل هذي الأحزاب وليس ما يفعلون بنا اليوم، وما نشهد عليه من انجازاتهم أو تخريبهم لحلمنا بوطن أمام أعيننا.

يقول فكرنا ليس وطنيا فقط بل مشرقي!!هل يقصد بالمشرق هنا ايران أيضاً؟

كثير من السياسيين يغردون في لبنان على هواهم متناسيين من حولهم، وما قد يلحق كلامهم من أذى على مجتمع واعلام وسلوك. وقد أضحى الحكم والاحتكام في الشارع. كما أنّك لن تنجو مهما حاولت من عدوى اللغة الركيكة. لكن دعوا لنا مكاناً نعيش فيه باحترام وتقبل للآخر وبمتسع للسلام.

كتب أحد الصحفيين: كنت تحيا عمراً في هذا البلد من غير أن تقرأ كلمة نابية أو حرفاً جارحاً.

شتان اذن بين الأمس واليوم، بين ذاك الوطن وهذا الوطن، بين وطن كان ميشال شيحا يفلسف وجوده، ووطن صار جبران باسيل يفلسف الطائفة فيه لأجل البقاء والحضور. هذا وطن.. وذاك وطن “كان المسيحيون فيه حماة العربية ونسّاكها ورهبانها”

يقال المأساة في العالم العربي وصول الهواة إلى دفة المصائر.

لكننا نحن لا نملك أيها الهواة الا خيارين: اما الدولة واما العشائر. ومن جاء لغرض ثان فليمضِ …

امضِ قيس امضِ، هل جئت تطلب ناراً أم تشعل البيت ناراً؟

السابق
القوات لباسيل: في الأساس لم يتهمك أحد باغتيال الرئيس كرامي ويبدو أن من لديه مسلة تحت إبطه تنعره
التالي
132 ألف دولار من الحوثيين لحزب الله