الشيخ محمد علي الحاج: الناخب في معركة رئاسة المجلس الشيعي هو حصراً القويّ

الشيخ محمد علي الحاج العاملي
رغم القوة الظاهرية للشيعة في لبنان والمحيط، بفضل السيطرة السياسية لطرف من الثنائية الشيعية من جهة، وقوة السلاح من الطرف الثاني لهذه الثنائية من جهة أخرى. إلا أن الضعف يضرب في العمق الشيعي وبقوة من خلال ضعف مؤسساته الدينية والثقافية والإجتماعية. فقوة طرفيّ الثنائية ألغت كل مغاير ومختلف، بل أطبقت عليه. لكن بعض من الفعاليات الناشطة تحاول جهدها تغيير الواقع المفروض منذ حوالي أربعة عقود، عام اختطاف السيد موسى الصدر، وانتصار الثورة في إيران.

في هذا الإطار كشفت مجلة الشراع مؤخرا عن الخلل الشرعي في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ففتحت الملف وطرحت الأسماء التي يمكن أن تصير على رأس هذا المجلس. من هنا إلتقت “جنوبية” الشيخ محمد علي الحاج بصفته خبيرا في شؤون المجلس وشؤون الطائفة، سياسيا ودينيا. فماذا قال؟

*الوضع الشيعي بشكل عام بحاجة لإعادة الهيكلة خاصة في المجال الديني.. وكنت من أول من فتح الباب على مصراعيه، من خلال وضع الإصبع على الجرح في ملف المجلس الشيعي الأعلى.. فأين وصلت الإصلاحات في المجلس بعد سلسلة إضاءات على المخالفات فيه؟

اقرأ أيضاً: «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» متهم بممارسة التجارة والتهرّب الضريبيّ

يحتاج الإصلاح لوقت طويل، ومراكمة جهود، وغالبا لا يتأتى من حركة محدودة؛ وبالوقت نفسه الذي نعتبر أن مسار إصلاح المجلس الشيعي طويل بعض الشيء، لكن لا يمكننا اعتبار أننا لم نتمكّن من تحقيق بعض الإنجازات. فأهم ما عملنا عليه ونجحنا فيه هو تحويل القضية لتصبح رأي عام لبناني، وشيعي على وجه الخصوص، مما جعل القضية تتركز في وعيّ المواطن الشيعي، وهذا لم يكن متوفرا فيما مضى، حيث كانت فكرة إصلاح المجلس الشيعي تقتصر على بعض المعنيين مباشرة بشأنه، مع عدد ضئيل من نخبة المجتمع الشيعي، كما كانت مطالباتهم الإصلاحية تتم في الغرف المغلقة، ولم يجرؤ أحد على إثارتها في العلن. وكان أصعب ما يكون حينها رفع منسوب الاهتمام بشؤون مؤسسة المجلس الشيعي. كما صار ملف المجلس الشيعي على جدول أعمال أصحاب القرار السياسي الشيعي، بعدما أهملوه لعقود، ولعلهم صاروا مرغمين على تغيير نمطهم تجاه المجلس الشيعي. كذلك تمكّنا من جعل إدارة المجلس الشيعي تحت مجهر الناس والإعلام وقوى الأمر الواقع الشيعية، وتالياً انحسرت التجاوزات، وتوقف الكثير من عمليات التفريط بالأوقاف.

*اليوم يفتح بعض الإعلاميين الكبار ملف المجلس رغم عدم تجاوب الفعاليات مع هذه الإضاءات.. فهل يمكن القول إن الثبات الشيعي السياسي هو المقتل لروحيّة المذهب الذي لطالما تغنّوا بهذه الروحية أمام جمود المذاهب الإسلامية الأخرى؟

لا أتصور أن كلمة الثبات واقعية، فهناك محاولات للهروب من الواقع وتجاهل الأمور؛ وهذا دليل ضعف ووهن يصيب الثنائي الشيعي، مضافا لأن تجاوب – أو رضوخ – ساسة الشيعة حصل في أكثر من محطة؛ فلا ننسى أننا أرغمناهم على خطوتهم في آذار 2017، حينما لجأوا لإجراء انتخابات لرئاسة المجلس الشيعي، ولملء الشواغر في الهيئتين الشرعية والتنفيذية، وجرى ذلك عقب إطلاقنا لحملة “إصلاحا للخلل القانوني في المجلس الشيعي”. واليوم يعكف المعنيون – من قبل الثنائي – على وضع قانون جديد للمجلس، وستكون الطائفة والمجلس أمام صورة جديدة في المشهد الدينيّ الشيعيّ الرسميّ خلال أشهر. وكل ذلك يحصل بفعل حركتنا. ويبقى، أنهم طبعا أساؤوا لصورة المذهب أمام الطوائف الأخرى.

اقرأ أيضاً: إسمع يا دولة الرئيس (١٣): المجلس الشيعي في عهدكما

* في التحقيق الذي نشرته مجلة “الشراع” مؤخرا، ثمة تفاوت في دور الشخصيات التي رشحها التحقيق لرئاسة المجلس مع انعدام القيادية بين هؤلاء رغم وجود قامات علمية دينية هامة، فهل أن الثنائية السياسية في الطائفة قد أدت إلى هذا الخلل والنقص والضعف في الأدوار القيادية المرغوبة من الناس والجمهور؟

لعب الثنائي السياسي الشيعي دورا سلبيّا في منع قيام مرجعيات ومراكز قوى في أوساط رجال الدين، وهذا ما جعل الضعف واضحا في الأسماء التي طُرحت لرئاسة المجلس الشيعي! وأما بالنسبة للتفاوت بين الأسماء فهو جليّ؛ لكن تلك الأسماء يجمعها الضعف في مكان ما، حيث إن الناخب في معركة رئاسة المجلس الشيعي هو حصرا القويّ، وهذا الناخب لا يريد علماء، ولا فقهاء، ولا مفكرين، ولا أصحاب شخصية ورأي.. وأتحفظ على كلمة (الشخصيات التي رشحها التحقيق) فلا أتصور أن الكاتب كان يرّشح بقدر ما كان يسلط الضوء على حيز معين، على الناشطين والطامحين في الوسط الديني الشيعي.

السابق
40 عاماً على اختراع جهاز «وُكلمان».. أين أصبح في زمن التكنولوجيا
التالي
وطن المحمِيّات