…الشخصيات السياسية المريضة…

مجلس النواب
كمراقب محايد وربما ايضاَ كمراقب ومحلّل فاشل لشخصيات المنتمين للأحزاب والتيارات والتنظيمات السياسية، كانت لنا هذه القراءة النفسية -الاجتماعية التي ستزيدنا اعداء ونحن بأمس الحاجة للاصدقاء.

من الملفت للإنتباه أنّ الشخصيات العقلانية ذات الميول الإكتآبية والانطوائية والمملة في حضورها، يتمحور حديثها على تكرار نفس الافكار مع ببغائية فكرية، وهي تبدو في معظم الأحيان في حال عبوس ونادراً ما تضحك، ما يجعلها ثقيلة الحضور وثقيلة الخطى، إن ضحكت تخاف الشرّ والبلاء الذي يتبع فعل الفرح، حذرة، مترددة بطبعها، تنحو بمنطقها للإفراط في التدقيق والتحليل في صغائر الامور إضافة لعامل الحقد الدفين فيها والقابلية السهلة لنزعة الانتقام، كمتنفس وحيد لإحتقان توتر نفسي- فكري مع خوف وجودي وقلق عارم واستنفار نفسي دائم، مصدره الافراط في الشك مع جنوح الى انعدام الثقة بالآخرين على قاعدة عقائدية عادة ما تكون ميتافيزيقية غيبية، تؤمن بما تعتقده حقيقة مطلقة تستند الى كتب او احاديث مقدسة غير قابلة للنقاش كونها إلهية المصدر، وان كان ولا بدّ من النقاش مع المختلفين معهم في جوهر العقيدة فمن باب المسايرة الضرورية والالزامية وليس من اجل طرح اي تعديل لفكرها كنتيجة لعملية النقد والملاحظة.
احتدامّ النقاش معها يأخذ طابعا دمويا تصادمياً.

هذه الشخصيات عادة ما تلجا وتختبىء وتعيش في التيارات الدينية حيث تنجح في ستر امراضها النفسية الخاصة.

صحيح ان هؤلاء يخضعون كغيرهم في عصرنا لعملية الترويض النفسي- الاجتماعي-التقدم العلمي، ويبدون في الفترة الأخيرة مرونة وسلاسة مع من يعتبرونهم مختلفين عن توجهاتهم الا ان عملية الترويض النفسي- الاجتماعي- التقدم العلمي تلك، ما كانت لتنجح لولا اصطدامها الدموي السابق مع التيارات الاخرى والتي كبدتها خسائر جمة، تلك الخسائر التي حدّت من توسعها الجماهيري بعد ان اخذ امتدادها حده الاقصى في جمع المكتئبين الكارهين لحياتهم الدنيوية.

أسوا ما يميز هذه الشخصيات تكفيرها للآخر واعتقادها الراسخ ان الربّ يسخّر لها الآخر المختلف فكريا ليخدمها، ما يعطيها حق الاستغلال والعلوّ والاستعباد وتملك انفس الآخرين اما لانها شعب يهوه المختار، واما لأنها خير امة اخرجت للناس، لذلك فهي تؤمن بفكرة العبيد والسبايا والمملوكين والغنائم واحتكار الجنة.
افضل ما يميز هذه الشخصيات هي ايمانها بالحلال والحرام وبالطهارة وبالنجاسة وبيوم حساب عسير للشرير ما يجعل امكانية لجم الشرّ في انفسها اكبر، وامكانية العيش معها تحت ضوابطها الشرعية والقانونية معقول ولو على مضض وكمهزوم.

الشخصيات العقلانية المفرطة في واقعيتها مع ميلها للفرح وللسرور وللمجون والمرح والفكاهة مع معاكسة الاعراف واحتقارها للتقاليد و جنوحها لاطلاق الرغبات الى اقصى حدّ ممكن، تميل لحب اكتشاف الآخر بهدف مسح الحدود الفاصلة، كرد فعل عكسي ضد الحذر والانطواء، تعترف بقدرات الآخرين وغالبا ما تكون تلك الشخصيات حلماوية في طروحاتها في العدالة والمساواة، متطرفة في حلولها التي يريدونها ان تتحقق على ايديهم وفي زمانهم وفي دنياهم، لا يسقطونها على عالم غيبي ما ورائي، يؤمنون بقوة الجماعة وبالتضحية الفردية من اجل المجوعة الاكبر، تلك الشخصيات عادة ما تلجأ الى الاحزاب العقائدية اليسارية المنحى والتوجه.

اسوأ ما يميز تلك الشخصيات عدم ايمانها بضوابط فكل شيء عندها مباح، فلا حلال يفرض الجمع ولا حرام يمنع الانفصال، لا تؤمن بحدود، تجنح بسرعة للعبثية المطلقة، مغامرة، مقامرة، ما يجعلها تتطرف بطروحاتها وتقدّس رجالاتها ليتحوّل القائد ملهما بدل الرب ولتصبح تعاليم الحزب مقدسة و ديناً ما يجعل الآخرين المختلفين بالآراء إمّا رجعيين واما خونة للشعب.

اجمل ما فيهم، سعة افق التفكير و التضحية من اجل الجماعة والعدالة والمساواة والمنطق العلمي المادي لتفسير الظواهر من حولهم، ما يعطي طروحاتهم مصداقية براقةاكثر، حضورهم جميل ودربهم شيق.

الشخصيات العقلانية التي تؤمن باولوية الانانية الفردية للانسان وتقدمها على روح الجماعة، لا تثق بقدرة الجماعة بل تخشاها كما انها تعاني من الخوف والحذر المفرط من كل ما هو مختلف او غريب مع ميل للتقوقع والانعزال، وعدم الثقة بنوايا المختلفين باللون وبالعرق وبالانتماء وبالدين وبالقومية وباللغة وبالطائفة، يشككون دائما بنوايا الآخرين، لا يشبعون ولو بعد شبع، لا يكتفون ولو تملكوا الكون، عقدتهم خوفهم ان يعودوا فقراء لأنهم يدركون ان ثرواتهم ما جمعت الا من عنف دم او من عنف مال واقتصاد، يؤمنون بعدالة انتقائية تخدم مصالحهم ، ما يعتبرونه تميزاً وتفوقاً لأنفسهم يعطيهم برأيهم حق التسلط والارتقاء والتكبر على الآخرين، هؤلاء عدوانيون وعنيفون يبررون عداونيتهم بحجج سخيفة وعادة ما يرتاح هؤلاء في الأحزاب اليمينية التي تحمل في طياتها التطرف والتي عادة ماتكون الحروب واجبة لحل ازماتها الخاصة، وعادة ما يصبح الآخرون عبيداً عندهم انما بالقانون وبالحرية المزيفة.

أسوأ ما يميز هذه الشخصيات ايمانها المطلق بالفارق الطبقي في المجتمع، واستخدامها الاقتصاد والمصارف كوسيلتين قانونيتين وشرعيتين لسرقة المغلوب على امرهم من الناس، بغية زيادة ثرواتهم بهدف الرفاهية المطلقة، عندها المال مقدس وربٌّ يعبد ولو انها تستخدم الدين او القومية باحتراف، كقناع يستر ويحمي سرقاتها ولا تمانع بشن الحروب بهدف سرقة ثروات شعوب اخرى تعتقد انها دونها شأنا واهمية، فلا تقيم وزنا لإزهاق ارواح الضحايا و اخطر ما في هذه الشخصيات ميلها للتفكك والتقوقع اكثر فاكثر حول قواسم مشتركة اضيق واضيق ما يجعلها تتقاتل وتنقسم على نفسها في حروب اهلية ومناطقية وشوارعية وباختصار فهؤلاء يحملون مشروعا اقتصاديا وفكريا راسماليا انتحاريا للجماعة ويتمتعون بشخصيات خبيثة وحادة وفظة وعنصرية ولو تجملوا بجمعيات خيرية ولو تأنقوا فانهم يقبلون الفقراء اي ضحاياهم من اجل التقاط الصور.

لا جمالية في شخصياتهم ولو ان الحمقى والمخدوعين باعلامهم الهوليودي، يجدون بالثراء الفاحش وحياة البذخ سعيا لتقليد الطبقة الغنية في حياتها الارستقراطية مع اعتقاد خاطىء بسهولة جمع ثروة علما ان الثروة لا تجمع الا من شح او من حرام…

كل الشخصيات التي عددناها، شخصيات مرضية عقائديا-نفسيا-سياسيا-اجتماعيا-اقتصاديا -دينيا تبحث عن علاجها وخلاصها بمكرها.

اجلس وتأمل وصنّف ما حولك من ناس وتنظيمات ،ضع الانسان في المكان المناسب لوصفنا في الخانات الثلاث.

كل الاحزاب اللبنانية خليط من هذا و ذاك لكن بالامكان وضعها في الخانة المناسبة.
قُتل الانسان ما اكفره*
“يتبع”

السابق
زيارة جريصاتي إلى دار الفتوى.. ليس الوزير المفضّل لهذه المهمة!
التالي
أمطار وعواصف رعدية في عزّ حزيران: الطقس سيتغيّر.. وهذا موعد الذروة!