طهران غاضبة من مكة!

احمد عياش
ردة الفعل الايرانية على البيان الصادر عن القمة العربية الطارئة في مكة ، كان متوقعا. ففي هذا البيان تأكيد على "تضامن وتكاتف الدول العربية بعضها مع بعض في وجه التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".فرد المتحدث بإسم الخارجية الايرانية على البيان العربي بإتهام  السعودية بأنها "استغلت فرصة شهر رمضان ومكان مكة المقدس ووظفت ذلك كأداة سياسية."

هل كانت طهران لتتكلم بغير ما تكلّم به المتحدث بإسم خارجيتها، لو صدر بيان مختلف عن قمة مكة، وتضمن “إشادة” مثلا بسلوك الجمهورية الاسلامية حيال دول الخليج، إنطلاقا من الاقتراح الايراني الذي سبق إنعقاد القمة لجهة الدعوة الى إبرام معاهدة “عدم إعتداء” بين دول الخليج وإيران؟

للوهلة الاولى ، يبدو ان الجواب البديهي على هذا السؤال سيكون إيجابا. لكن التمهل في الاجابة، يفضي الى جواب آخر في ضوء موقف وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف نفسه، والذي إستبق القمة بلقاء مع قناة “العالم” الايرانية، ونقله موقع “روسيا اليوم” الالكتروني، أعرب فيه ظريف عن إعتقاده “أن ما يحدث في المنطقة يراد به القضاء على حقوق الشعب الفلسطيني”. وقال :”ما يؤسف هو أن دولا في منطقة الخليج الفارسي تتعاون لفرض هذا الأمر.. وتأمل أن تحميها أميركا في مقابل خيانتها للعالم الإسلامي، وهذا التصور باطل”.

إذا، وقبل أن تعلم طهران فحوى بيان القمة العربية، إتهمت دولا خليجية ب”الخيانة”.فهل هناك من دليل أوضح على ان حكام بلاد فارس، يخوّنون مسبقا جيراناً لهم في الخليج، مهما فعل هؤلاء لإظهار حسن نواياهم حيال جارهم الفارسي؟

الى طاولة قمة مكة ، جلس اليها من تصفهم طهران بإنهم “أصدقاء ” مثل قطر وسلطنة عمان، والى حد ما دولة الكويت. لكن هؤلاء لم يعترضوا على البيان الذي دان “التدخلات” الايرانية. كما جلس اليها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي ألقى كلمة لبنان ، وأدان فيها “أشد ادانة، الاعتداءات التي تعرضت لها دولتا الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية”، ودعا  الى “اوسع تضامن عربي في مواجهتها”. هل صار هؤلاء أيضا أعضاء في معسكر”الخونة”؟

يوم امس، وهو آخر يوم جمعة في شهر رمضان، أحيت إيران “يوم القدس العالمي”، تنفيذا لوصية مؤسسها الامام الخميني منذ 40 عاما . وبالطبع، كان للبنان حصة في هذا الطقس الايراني بقيادة الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله ، الذي أتقن منذ عقود لغة التخوين لخصوم دولة الفقيه الايراني. وقد دخل الى قاموس هذه الدولة إضافة على شعار “الموت لإسرائيل الموت لإميركا”  عبارة “الموت للسعودية الموت للامارات”. لكن واقع الحال، ومنذ أربعة عقود، لم تعد القدس الى ظلال الحكم الاسلامي.

إذا كان  من تفسير محتمل للغضب الايراني على قمة مكة، هو  ان مكة لا زالت تتكلم العربية.

 

السابق
مسرحية العدالة في لبنان تتفوق على كوميديا عيتاني
التالي
اشتباك التيارين في اكثر من قضية والعين على الطائف