هل هو 17 أيار جديد بتغطية من الثنائي الشيعي؟

احمد عياش

وقد إستعاد مراقبون ذكرى إتفاق 17 أيار عام 1983 الذي لم يسلك طريقه الى التنفيذ قبل 36 عاما، لمقارنته بما هو جار حاليا من بداية تفاوض سيضم 3 أطراف من الاتفاق القديم ،أي لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة،فيما لم تكن الامم المتحدة مشاركة عام 1983 ،كما هو مطروح اليوم.فهل هذه المقارنة بين ذلك الاتفاق ،وبين الاتفاق المتوقع إبرامه في محلها؟
بداية لا بد من القول،ان إستحضار عبارة “إتفاقية 17 أيار 1983″ اليوم، يطلق فورا ذكريات مأسوية مرّ بها لبنان في زمن بسطت فيها إسرائيل سيطرتها على معظم لبنان بعد إجتياحها الواسع عام 1982 بحجة طرد منظمة التحرير الفلسطينية من أراضيها ،وهو الهدف الذي تحقق فعلا.لكن سعي إسرائيل لإستثمار هذا الهدف بفرض معاهدة سلام من وجهة النظر الاسرائيلية ،لم يكتب له النجاح.بل أدى الى غرق لبنان في أتون صراع حتى ولادة إتفاق الطائف عام 1989 لانهاء الحرب في هذا البلد.
مصادر سياسية واسعة الاطلاع تقول ل”النهار”، ان الحقيقة القائمة حاليا، هي ان حالة التفاوض التي ستسود في المرحلة المقبلة،تحمل في طياتها ، وللمرة الاولى منذ 17 أيار 1983، تطورا يكمن في جوهره إشتراك واشنطن في عملية حوار ،ولو غير مباشر، بين لبنان وإسرائيل،بعد 36 عاما من الغياب.ولا يغيب عن هذه المصادر تبدلّ الاحوال جذريا خلال الحقبة الطويلة الفاصلة بين التاريخ السابق والزمن الحالي،لكن ذلك لا يمنع من إلتقاط هذا الشبه الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى إيجاد حل لنزاع طال أمده ،ف”يحللّ” ما كان “محرّما” لفترة قصيرة خلت.

اقرأ أيضاً: إيران مصغرة في أكثر من مكان

عندما جلس لبنان الى طاولة المفاوضات مع إسرائيل منذ 28 كانون الاول 1982 ولغاية 17 أيار 1983، كانت الكلمة العليا لرئيس الجمهورية الماروني أمين الجميّل.أما اليوم، فكل الانظار متجهة الى رئيس مجلس النواب الشيعي نبيه بري.ووفق مصادر شيعية مستقلة تحدثت اليها “النهار”، ان الثنائي الشيعي الذي يضم الرئيس بري والامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله،متفقان على “شيء ما” في التفاوض الحدودي بين لبنان وإسرائيل، لكنهما لا يسربان شيئا حوله كي لا يفسحان أمام جدل قبل أوانه.ولفتت المصادر ،وفق معطياتها، ان ما طرحه الجانب اللبناني على الجانب الاميركي في شأن تسوية النزاع الحدودي مع إسرائيل بدأ بموافقة مقتضبة “لا تتعدى السطريّن”، في حين ان الجانب الاسرئيلي يغوص كعادته في أدق التفاصيل فردّ ب”500 سطر” إنطلاقا من دراسات إستراتيجية لا يتقنها لبنان!
الاسناد الذي قدمه نصرالله لبري في إطلالته الاخيرة في العيد ال19 لتحرير الجنوب ،بدد كل الغموض حول موقف “حزب الله” من المسار التفاوضي الجديد وغير المباشر مع إسرائيل. ومما قال الامين العام للحزب:”…كما يستطيعون أن يمنعوا لبنان من الحصول على النفط والغاز،يستطيع أيضاً لبنان أن يمنعهم من الحصول على النفط والغاز…من المفترض أن نتمسك بحقوقنا وأن نتفائل كما تفاءل دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري في إمكانيات تحقيق إنتصار كبير في هذا الملف إن شاء الله.”
في سياق متصل ،أورد موقع “روسيا اليوم” الالكتروني في 26 الجاري مقاربة موقع “المكان” الاسرائيلي لقبول لبنان الوساطة الأميركية ، قائلا :”توجز مصادر مطلعة على التفاوض الذي سيبدأ قريباً، أن الموقف اللبناني انقسم عند طرح المبادرة الأميركية إلى قسمين: الأوّل ،مثّله الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس حكومته سعد الحريري، قضى بالقبول بمبدأ فصل الترسيم البحري عن البري. أما الموقف الثاني، فقد أصرّ عليه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي شدّد على التزامن بين الترسيمين، وهو ما حصل فعلاً، وخلاصة هذا الموقف، الخشية من أن يأتي الترسيم البري إذا أُنجز على حساب الترسيم البحري.”.أضاف الموقع الاسرائيلي: “نزل المفاوض الأميركي عند رغبة اللبنانيين في أن يجري التفاوض في الناقورة وليس في نيويورك، وقد أصرّ الموقف اللبناني على أن تكون الناقورة مكان التفاوض، كي لا يكسب الوفد الإسرائيلي مزايا تفاوضية معنوية مرتبطة بالمكان، وسيكون التفاوض بالطريقة نفسها التي اتُبعت في المفاوضات بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي برعاية قيادة قوات “اليونيفل”.وخلص الى القول :”في حال نجاح المفاوضات، ستنطلق مرحلة تحديد الحدود البحرية وترسيمها، ما سيسمح بالبدء باستثمار استخراج النفط والغاز.ويرتبط نجاح هذه المفاوضات أو فشلها، بمدى نزاهة موقف الولايات المتحدة الأميركية في المفاوضات، خصوصا وأن الأميركيين سيكونون الطرف الداعم لنجاح الترسيم.”
في سيرة السفير ساترفيلد ، على الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية الاميركية، يتبيّن ان تاريخ هذا الديبلوماسي يعود الى العام 1980 ، وتقلّد مهمات عدة في المنطقة بينها منصب السفير في لبنان .وهو على مدى 40 عاما ،خدم في سوريا وتونس والمملكة العربية السعودية ،كما ترأس مركز الشؤون العربية-الاسرائيلية في الخارجية الاميركية ومدير شؤون الشرق الادنى في مجلس الامن القومي من العام 1993 الى العام 1996 ، ويتقن العربية والفرنسية.
بين أيار 1983 وأيار 2019 ، تاريخ طويل .وبالنسبة للبنان، يعني هذا التاريخ ، ان زمنا شيعيا يمسك حاليا بزمام الامور ، وخصوصا في أعقد ملف يرسم مستقبل هذا البلد سلما أم حربا.

السابق
إيران تعرض «عدم الاعتداء» على الخليج.. طرحت توقيع معاهدة مع دول المنطقة…
التالي
وزارة التربية توضح قانونية تكليف شقيقة الرئيس بري مهام المدير العام للتعليم المهني