عندما ستقع البقرة !

بعد كل نشرة أخبار يتساءل عدد كبير من اللبنانيين، متى يجرفنا الطوفان، متى يتم جرف هذا البلد من اساسه كما يتم جرف الركام؟

نعم الى هذا اليأس القاتل بلغ الوضع بعدد كبير من الناس، الذين يسخرون من أنهم مواطنون لبنانيون ويحملون هوية أيضاً، لكنهم في الواقع ليسوا مواطنين بل مجموعة من الخراف الذين تمّ جمعهم في حظيرة، ويجري حلبهم وذبحهم يومياً منذ زمن بعيد! ولكن هل يمكن ان يتغيّر شيء في هذه العصفورية؟

قطعا لن يتغيّر شيء، على الأقل لأن المثل يقول كما تكونون يولى عليكم، ولأنكم من النعاج فقد وليّتم عليكم دائماً الذئاب، ولهذا ليس لكم إلا ان تسيروا الى المصير البائس الذي إخترتموه أنتم! كل ما سمعناه حول الموازنة مسخرة وعيب، أولاً لأنه لولا ما يسمى من غير شرّ “مؤتمر سيدر”، لم نكن لنسمع شيئاً على ألسنة هؤلاء الملائكة الإصلاحيين، الذين قرروا مثلاً ان يضيّقوا على المساكين من ذوي الإحتياجات الخاصة، وأن يزيدوا الرسوم غير المنظورة على الناس، وأن يوقفوا الكهرباء عن أفران الأب علاوي وغيره من الذين يخدمون المساكين، وثانياً لأنهم في حك رؤوسهم بحثاً عن أرقام موازنة معقولة، نسوا المرامل والكسارات والمجلس والتنفيعات وقفزوا فوق فنون السرقة والبعزقة والسمسرات والعمولات والخوات! لكن عقولهم النيّرة قررت فرض رسم على المستوردات حماية لصناعة محلية يقال إنها ليست موجودة أصلاً، ورسم على السيارات وعلى نفاس النارجيلة، وعلى عدد كبير من الأمور المتصلة بحياة الناس، ونسوا مثلاً ان لديهم مجموعات هائلة من المليارات المهدورة تدفع إيجارات لأبنية مهجورة، أو لمؤسسات هي مسخرة المساخر لأنها لا تفعل شيئاً سوى تقاضي المخصصات السنوية لأعمال خيرية تفيد أصحاب الخيرات!

لست في حاجة الى تعداد هذه المجالس التنفيعات، ولا في حاجة الى التذكير بأننا شاهدنا الناس أمس، يسبحون في المياه المبتذلة على شاطىء الرملة “البيضاء”، بعدما وعد الذين يتحملون مسؤولية الفضيحة قبل أشهر، ان الأمر سيعالج خلال أيام! ولست في حاجة الى التذكير بأننا في هذا البلد المسخرة، بقينا الى الأمس ندفع ضريبة تسمى ضريبة طوفان نهر أبو علي عام ١٩٥٦، فهل كثير اذا طرح السؤال المحق جداً عن سبب بقاء وزارة المهجرين، الذين قيل مراراً ان قصتهم إنتهت، أم أن في نية الدولة جعل كل اللبنانيين مهجرين؟
ذا قرأ إيمانويل ماكرون ان هناك ٣٢٠٠٩ تمّ توظيفهم بجريمة موصوفة من الحكومات، وان أكثر من عشرة آلاف وُظِفوا بعد سلسلة الرتب والرواتب، فماذا سيقول لبلد يطلب المساعدة للمرة الثالثة ولا يقوم بأي إصلاح؟ ثم في أي دولة أو قبيلة في العالم البدائي يمكن ان نجد موظفين يعملون تحت عناوين مثل: شراء خدمات، أو متعاقدين على مهمة، أو مستعان بهم وجدودنا قبلنا عرفوا “العونة”؟

هذه موازنات ترقيع وحلب لشعب أطعمتموه باليمنى وتسلخونه باليسرى، وليس من يتذكر تقرير مجلة “لوبسرفاتور” بداية شباط الماضي، الذي تحدث عن سرقة ٨٠ مليار دولار يمكنكم البحث عن “أبطالها”… قبل ان تقع البقرة التي تحلبونها غداً!

 

السابق
احتجاجات تعم مدناّ إيرانية وعمليات قمع واسعة
التالي
“تلفنّ يا حسن”!