رحيل «الطيب تيزيني» عن حمص… وعن الحياة

الطيب تيزيني
قال عنها هي المبتدأ والمنتهى، فشكلت مدينة حمص في ذهن المفكر السوري "الطيب تيزيني" حالة فكرية شغلته على مدى عقود، بدءاً من "قونان" والده في حي باب الدريب بحمص القديمة، حيث كبر على أحاديث الفلسفة والدين.

درس “الطيب تيزيني” الفلسفة وبدأ رحلته للوصول الى مملكة الأفكار، وبعد تجربة حزبية قصيرة بدأ مشروعه الفكري من سوريا إلى تركيا فألمانيا، ليعود بعدها دمشق ويدرّس كأستاذ في قسم الفلسفة بجامعة دمشق.

عارض تيزيني نظام الأسد وأعلن ذلك بشكل رسمي منذ عام 2004 حين أطلق منظمة “سواسية” لحقوق الإنسان واعتقل بسببها عدة مرات.

ومع بداية الثورة طالب الطيب الأسد بالتنحي وتحدث في أكثر من منبر عن فساد النظام وعن الدولة الأمنية التي ابتعلت المجتمعات العربية وسورية بشكل خاص، بعد أن استقرأ منذ مطلع عام 2000 وقوع سوريا في مأزق طائفي سيؤدي إلى الانفجار.

اقرأ أيضاً: مجهولون يغتالون الفنان العراقي فارس حسين طعناً بالسكاكين

وبلغت مواقفه غاية في حدتها عام 2017 حين وصف سوريا بالساحة المبتذلة التي يتقاسمها الجميع وفق حصص حجم الامتلاك ومدة البقاء، حيث قال “حدث ما حدث، ولن يمرّ بسهولة. بعضهم يريد أن يبقى خمسين سنة، وآخر 25 سنة، وثالث يريد أن يبقى دائماً، فالخلاف صار حول فترات البقاء والتملك في سورية، وهذا ينذر بأن سورية قد تمزقت، لكن هذا لن يحدث. سورية في لحظة واحدة يمكن اكتشافها متآخية حتى الثمالة، بحيث لا يستطيع هؤلاء الأغراب أن يأخذوا ما يأخذون. ولذلك نطمئن رغم أنّ الأمر سيكلف كثيراً، ونقول: ليكن، إن سوريا تساوي تاريخاً بأكمله”.

كان أول كتاب للمفكر الراحل باللغة الألمانية وحمل عنوان “تمهيد في الفلسفة العربية الوسيطة” (1971) ثم أصدر مؤلفاته العربية ومن أبرزها “حول مشكلات الثورة والثقافة في العالم الثالث: الوطن العربي نموذجاً” (1971)، و”روجيه غارودي بعد الصمت” (1973)، و”من التراث إلى الثورة – حول نظرية مقترحة في التراث العربي” (1976).

اقرأ أيضاً: وفاة رفيق نجم شريك الرحباني في فيلم أميركي طويل

نشر تيزيني أيضاً “مشروع رؤية جديدة للفكر العربي منذ بداياته حتى المرحلة المعاصرة”؛ وهو كتاب من 12 جزءاً وضعه عام 1982، و”في السجال الفكري الراهن: حول بعض قضايا التراث العربي منهجا وتطبيقا” (1989)، و”من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي – بحث في القراءة الجابرية للفكر العربي وفي آفاقها التاريخية” (1996)، و”بيان في النهضة والتنوير العربي” (2005).

في الفترة الأخيرة من حياته عاد الطيب إلى حمص فكانت المنتهى لا يغادرها وقرر أن يكتب مذكراته على أن تنتهي حين ينتهي هو كما قال.

اليوم حمص تودعه رغم فداحة الجرح، تودع فيسلوفاً افتخرت بفكره أكبر جامعات العالم وتجاهل رحيله نظام بلاده الغارق في طين الاستبداد.

السابق
ما صحة «الخطر الزلزالي» الذي يهدد سد بسري؟
التالي
نجوم الدراما اللبنانية في صيدا بضيافة بهية الحريري