ساترفيلد في لبنان: «حزب الله» يؤجلّ «مؤقتاً» لبنانية مزارع شبعا؟

احمد عياش

ما ستنتهي اليه محادثات مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد في لبنان من نتائج ستؤكد ان زيارة المسؤول الاميركي أتت بعد تغيير مهم في المعطيات ما سمح بفتح مسار لإغلاق النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل.ويكمن هذا التغيير في تبدّل موقف “حزب الله” من الملف الحدودي الجنوبي بشقيّه البري والبحري على السواء.فما هي المعلومات حول التبدّل في موقف الحزب؟
قبل عرض هذه المعلومات، ومصدرها اوساط ديبلوماسية تحدثت اليها “النهار”، كان لافتا تناقض “التسريبات الرسمية” التي سبقت وصول ساترفيلد، والتي تحدثت تارة عن موضوع ترسيم الحدود البحرية فقط، وتحدثت طورا عن ترسيم بحري وبريّ معا.ما طرح علامات إستفهام حول هذا التناقض، وهل هو ناجم عن تعدد المصادر، أم أنه ناجم عن محاولة لتغطية تراجع ملف الحدود البرية عن دائرة البحث، لإن البحث محصور عمليا في موضوع مزارع شبعا المثير للجدل والانقسام معا؟

اقرأ أيضاً: ساترفيلد في بيروت «برفقة» ضوضاء المنطقة والنزاع الحدودي مع إسرائيل

وفق المعلومات الديبلوماسية، ان السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد، التي غادرت بيروت الى واشنطن في عطلة نهاية الاسبوع الماضي لتواكب محادثات قائد الجيش العماد جوزف عون في العاصمة الاميركية ،حملت معها رسالة من رئيس الجمهورية ميشال عون تتضمن موافقة رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على قبول وساطة الخارجية الاميركية لتسوية النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل. وأتت هذه الرسالة بمثابة إشعار بحصول تبدّل جذري في الموقف اللبناني عموما،وفي موقف الرئيس بري خصوصاً. وهنا تفيد المعلومات،ان قبول الرئاسة الثانية بالوساطة الاميركية ، تعني في الوقت نفسه ،موافقة ضمنية لـ”حزب الله” على هذه الوساطة.وهنا تشير الاوساط الديبلوماسية الى ان الحزب الذي إعتبر النزاع البحري الحدودي مع إسرائيل،وفق مواقف معلنة لإمينه العام السيد حسن نصرالله، ركيزة مهمة من ضمن سائر الركائز لإستمرار مقاومته ضد إسرائيل ،ما كان ليقبل بأن يوافق الحكم على وساطة واشنطن الجديدة ،من دون ان يكون هو بدوره موافقا عليها.
من المفيد اليوم إستعادة ما دار في المحادثات التي أجراها الوفد الرسمي اللبناني في واشنطن في نيسان الماضي مع السفير ساترفيلد.ووفق محضر حول هذه المحادثات ،نسب الى الاخير قوله بأن الولايات المتحدة الأميركية تشجع لبنان على المباشرة فوراً ببت الملف (الحدود البحرية )لأن خط أنابيب غاز شرق المتوسط( East Mediterranean Gas Pipeline ) قد انطلق وهو سيصبح واقعاً قائماً قريباً، بينما لم ينضم إليه لبنان مع كل ما سيخسره البلد من فرص وأرباح وتأخير من جراء إقصاء نفسه. وهنا تكلم السيد علي حمدان مستشار الرئيس بري، وكان في عداد الوفد ،قائلا “أن أحداً لن يفاوض على كرامة لبنان، لا فخامة رئيس الجمهورية ولا دولة رئيس مجلس النواب ولا دولة رئيس مجلس الوزراء، وأن القراءة خلال زيارة(وزير الخارجية مايك) بومبيو لبيروت كانت مختلفة جداً عما نسمعه اليوم… “فأجاب السفير ساترفيلد: “يمكنكم أخذ ما يناسبكم وإذا وجدتم دولة أو جهة أخرى قادرة على القيام بالوساطة فاذهبوا إليها…”وأكد السفير ساترفيلد أن الولايات المتحدة تضمن” قبولاً فورياً وإيجابياً من الجانب الإسرائيلي فور ورود الطلب اللبناني بناءً على موافقة مجلس الوزراء اللبناني عبر الجنرال فرحات إلى اللجنة الثلاثية، واعتقد أن الموقف الإسرائيلي سيكون بالترحيب فيما لو قرر لبنان حصر البحث بالحدود البحرية”.
لم يصدر حتى الان نفيّ أو تأكيد رسمي لما ورد في التقارير الاعلامية التي صدرت حول محادثات واشنطن ،والتي تتمحور حول وساطة أميركية حول الحدود البحرية فقط. من هنا، يستدل المراقبون ان تطورا حدث بين الاسبوع الاخير من نيسان الماضي بعد عودة الوفد اللبناني من العاصمة الاميركية، والذي ضم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ياسين جابر ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية أبرهيم كنعان، وبين الاسبوع الحالي الذي شهد إستئناف وساطة الخارجية الاميركية بين لبنان وإسرائيل.
من المفيد أيضا، تكرار الاشارة الى ان الوفد جمع في صورة نادرة م ممثّلي حركة “أمل” و”التيار الوطني الحر”، وهما فريقان غير حليفيّن داخليا.من هنا، تأتي أهمية الرسالة التي حملتها السفير الاميركية من قصر بعبدا الى العاصمة الاميركية. يتردد حاليا الكثير عن مضمون التسوية التي سنطلق بها ساترفيلد لنزع فتيل النزاع البحري بين لبنان وإسرائيل ،لكن المراقبين يرون ان الموقف الذي أطلقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قبل أسابيع حول “عدم لبنانية مزارع شبعا”، وأثار توترا شديدا في العلاقات بين جنبلاط و”حزب الله”، قد تأكدت صحته ولو مؤقتا بقبول “حزب الله” وضع ملف المزارع جانباً، كي يتقدم ملف الحدود البحرية الى الامام.

السابق
هل انتهى الخلاف بين أصالة وأحلام؟!
التالي
فصام الدراما: بين تصوير الغنى الفاحش وواقع الفقر الشديد!