7 أيار: يوم احتلّ حزب الله بيروت وحقن الحريري الدماء ورفض جنبلاط ترك بيروت

7 ايار
11 عاماً مروا على واحدة من أخطر الأحداث الأمنية في لبنان التي أعادت البلاد الى شبح الحرب الأهلية، وتجلت باحتلال عناصر حزب الله وحلفائهم من حركة أمل والحزب "السوري القومي الاجتماعي" و"البعث" للعاصمة بيروت وبعض الجبل، انها أحداث 7 أيار 2008، فكيف بدأت الحكاية؟

ماذا حصل في 7 ايار؟

في أوائل أيام أيار، اكتشفت الوحدة الألمانية المشاركة في قوات “اليونيفيل” كاميرا للمراقبة على المدرج 17 في مطار رفيق الحريري الدولي، والتي أحالت بشأنها مراسلة رسمية إلى وزير الدفاع الوزير الياس المرّ الذي أحالها بدوره الى النيابة العامة ومن ثم إلى الحكومة.

وبعد ذلك، وصلت المراسلة من قبل المر الى منسق الأمانة العامة لـ14 آذار فارس سعيد، الذي سارع بدوره لاطلاع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عليها، مما جعله يؤجل سفره ويسارع للكشف عنها عبر مؤتمر صحفي. وحينها أطلق جنبلاط مواقف نارية تجاه الحزب ورئيس جهاز أمن المطار، وطالب بطرد السفير الإيراني من لبنان، واتّهم من يقف وراء هذه الأعمال ربّما بالتخطيط لقتله أو لقتل الرئيس سعد الحريري أو الرئيس فؤاد السنيورة.

اقرأ أيضاً: تكرار « 7 أيار» وارد في عهد عون؟

5 أيار.. قراران سياديان للحكومة

في ظل الأجواء المشحونة، عقدت الحكومة جلسة في 5 أيار استمرت فيها المناقشات حتى الخامسة فجراً قبل ان يصدر القراران الشهيران اللذان اعتبرا شبكة اتصالات الحزب غير شرعية واعتداء على سيادة الدولة والمال العام، وكلفا الإدارات المختصة والقوى الأمنية بمعالجة الأمر ومحاسبة كل من يثبت ضلوعه في العملية أفراداً كانوا أو أحزاباً أو هيئات أو شركات، إضافة الى إعادة قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير الى ملاك الجيش ومتابعة الدولة للملف منعاً لأي خلل في أمن المطار والبلد.

ما بعد القرارين

لم يتأخر حزب الله في الرد، حيث علّق حينها مسؤول العلاقات الدولية في الحزب نواف الموسوي على القرارين قائلاً: “الفريق الآخر يلعب بالنار ومن يلعب بالنار يحرق يديه”. وأضاف أن إقالة العميد شقير “تجاوز للخطوط الحمر”، رافضاً الإفصاح عمّا سيقوم به الحزب ردّاً على هذه الخطوة.

أما ميدانياً، فكانت الجهوزية تامة، حيث خرجت جحافل الحزب من مربّعاتها الأمنية في الضاحية الجنوبية ومن مخيم احتلال وسط بيروت الى تنفيذ سلسلة اعتداءات على أهل بيروت وعلى المرافق الاقتصادية والخدماتية، وأقفل مطار رفيق الحريري الدولي من خلال نشر مسلّحيه على طريق المطار وقطع الطريق المؤدية إليه بالأطر المشتعلة، مما أدى الى تعليق حركة الطيران من المطار وإليه. كما استولت مجموعات مسلّحة على كل مراكز “تيار المستقبل” في العاصمة وقامت بإحراقها.

وفي صباح السابع من أيار، خلت العاصمة من أي وجود للقوى الأمنية الرسمية. الجيش سحب عناصره من الشوارع ومن نقاط المراقبة، وأعاد تمركزها خارج المدينة. برزت تجمّعات عسكرية تحيط ببيروت من كل الجهات، مزوّدة بأوامر مفادها أن تحمي هذه الوحدات نفسها وثكناتها فقط. وملأت مواكب مسلّحي الحزب وأمل والقومي والبعث شوارع بيروت بطولها وعرضها من دون حسيب أو رقيب.

ترقب حكومي وصمود في جبهة 14 آذار

في السرايا الحكومية، كان الخط مفتوحاً بين السنيورة والحريري الموجود في قريطم آنذاك، وحرس رئاسة الحكومة أعدّوا خطة لتأمين سلامة رئيس الحكومة في حالة اقتحام السرايا من قبل المسلحين. أما وليد جنبلاط، فقرّر تحمّل مسؤولية القرار الذي اتّخذه وشركاؤه في الحكومة. اتّصل به نواب من كتلته ونصحوه بالانتقال من بيروت الى المختارة، فكان جوابه “لن أخرج من بيروت، سأبقى هنا مع أهل بيروت ومع سعد الحريري وفؤاد السنيورة”.

أما في قريطم، فكان يوماً طويلاً ممزوجاً بالقلق من قبل الجميع، وحده الحريري كان كان هادئ الأعصاب حيث قال: “حزب الله نفّذ عملية عسكرية من دون أفق سياسي، ومن دون قدرة على استثمارها سياسياً، لأنه لا يستطيع البقاء في بيروت كجيش احتلال. لماذا أنتم قلقون.. وأنت أين ضحكتك؟ الحزب فقَدَ صوابه، يجب أن ننتظر انتهاء هذه “كريزا”، أما ارتكاب أي خطأ من جانبنا فأمر لا يجوز لأنه يقود الى حرب أهلية. المهمّ أنني أرفض تحمّل مسؤولية نقطة دم واحدة”.

الدوحة تعيد التوازن.. والحزب “يمجد” 7 أيار

بعد حوالي الأسبوعين من التخريب والقتل، والتي أنتجت عن مقتل 71 شخصاً وتدمير في ممتلكات بعض المناطق، أعاد ما سمي باتفاق الدوحة الأمور الى ما قبل الـ5 من أيار، حيث انتهى جنون الشارع وعادت الأمور الى الغرف المغلقة، إلا أن تداعيات هذا اليوم ما زالت مستمرة، فالبعض يرى أن 7 أيار هو يوم تسليم القرار اللبناني بشكل رسمي الى قوى ايران داخلياً، كيف لا وهو اليوم الذي اعتبره أمين عام حزب الله حسن نصرالله بانه يوماً مجيداً بالنسبة له وللـ”مقاومة”.

وتعليقاً على ذلك، قال عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش، في حديث لجنوبية، أن كلام نصرالله حينها كان نوعاً من المكابرة، لكن الواقع يقول أن هذا اليوم كان أحد أسوأ الأيام في تاريخ لبنان وتاريخ العلاقات المذهبية، لأنه من خلاله أطلق حزب الله العنان للروح المذهبية، ومن بعدها بتنا نلاحظ أن الصراع المذهبي أصبح أمراً رائجاً.

مصطفى علوش
مصطفى علوش

اقرأ أيضاً: نصرالله للبنانيين في 7 أيار: سلاحنا نال تفويضكم النيابي للحرب الجديدة!

واعتبر أن تأثير هذا اليوم كان على الطائفة السنية بشكل خاص، حيث أدى الى تفرق ضمن الطائفة لأنهم أصبحوا يشعرون بأنهم مستهدفين ويتم الاعتداء عليهم، وقال: “فلذلك نؤكد أن هذا اليوم أطلقه حسن نصرالله وأطلق معه العنان للأحاسيس المذهبية”.

وعن اعتبار هذا اليوم اعلان رسمي لسلطة ايران في لبنان قال علوش : “الأمر المؤكد هو أن حزب الله يتصرف بتوجيهات ايرانية، ومجرد ما يخرج الى العلن بهذا الشكل ويعلن الانقلاب على الشرعية فهو أعلن رفع العلم الايراني على عاصمة لبنان”.

وأضاف عن امكانية أن نشهد 7 أيار آخر: “الظروف الدولية والإقليمية التي كانت قائمة لم تعد كما كانت، فبعض الأحزاب ذات الطابع العقائدي كحزب الله قد تلجأ الى عمل يسمى “انتحار جماعي” على قاعدة “عليي وعلى أعدائي”، لكن هذه الرصاصة لن تطلق بهذه اللحظة، أما اذا أرادت ايران أن تطلقها كنوع من التحذير للآخرين فذلك ممكن أن يحصل، ولكن في النهاية الكارثة تقع على البلد كله”.

السابق
لماذا يضطر الشيخ زهير كنج لفتح محلات والده للتجارة في الغاز؟
التالي
الحواط: الخوف من أن يكون الآتي أعظم