معركة طرابلس من منظار معارض

معركة انتخابية جديدة غداً في طرابلس، ستكون بمثابة اختبار جديد لقوى التغيير بعد المعركة الواسعة التي خاضتها تلك القوى ضد تحالف سلطة الفساد والتوريث منذ عام تقريباً. معركة استعملت فيها مافيات السلطة كل وسائلها الشرعية وبالأخص وسائلها المافيوية المعروفة..

الملاحظة الأولى التي يمكن استناجها اليوم بسهولة هي أن المعارضة التغييرية تخوض هذه المعركة، للمرة الثانية خلال سنة، بصفوف مشرذمة، ما يعني أنها لم تقم بمراجعة للأساليب التي استعملتها في المعركة السابقة، ولم تستخلص دروساً كان من الضروري أن تستخلصها فيما لو امتلكت درجة عالية من حس المسؤولية.

الملاحظة الثانية هي أن المعارضة التغييرية ما زالت عاجزة عن وضع معايير صارمة، مبدئية وموضوعية لتبني مرشحين لها. وهذا العجز يفسر حالة الشرذمة التي ما زالت أسيرة لها، فكل فريق فيها لديه معايير تناسبه وتناسب طموحاته وحساسياته الفئوية أو الشخصية.

ألم يكن أجدى لتلك المعارضة أن تجلس على طاولة واحدة تخطط لمعركتها على الطريقة التي تخطط بها المنظومة السلطوية الفاسدة لخوض معاركها ضد شعبها؟ سؤال يطرحه اي مراقب موضوعي، محايد نسبياً، ومتعاطف مع تيارات المجتمع المدني بشكل عام.

اقرأ أيضاً: ما هي الحصّة الفعلية لطرابلس من أموال مؤتمر «سيدر»؟

المعارك التي تُخاض على وسائل الإعلام التقليدية، وعلى صفحات السوشال ميديا، بين مختلف المجموعات والشخصيات المنخرطة في الحراكات الاعتراضية والتغييرية، تنبئ بفشل هذه الحراكات في الوصول إلى تحقيق تطلعات الفئات التي تدَّعي تمثيلها، فشل سينعكس على معنويات “المجتمع التغييري”، بظهور هذا المجتمع كمشارك في لعبة المنظومة السلطوية في شكليتها الديمقراطية، في الوقت الذي يتأكد فيه عجز هذا المجتمع عن التأثير في مجريات الأحداث.

الاتهامات التي سيقت إلى بولا يعقوبيان “صوت المجتمع المدني” في البرلمان، كما الاتهامات التي تُساق اليوم إلى “مرشح المجتمع المدني” في طرابلس، بخصوص شركات خاصة او تلزيم عقود لهذه الشركات، هذه الاتهامات لكي تصل إلى نتيجة ينبغي أن تسلك طريق المنطق والقانون وأن تطبق على الجميع بشكل متساوٍ، إما قبل الترشح أو بعد الفوز.

إذا كانت الغاية وضع معايير صارمة للتعاطي في الشأن العام، فالأجدى أن تُطبق تلك المعايير في حال الفوز في الانتخابات النيابية أو دخول الحكومة، وذلك التزاماً بمبدأ أن المتعاطي بشأن عام من موقع حكومي أو نيابي عليه وقف كل نشاط اقتصادي في بلد مثل لبنان يستحيل فيه تحقيق نجاح اقتصادي أو رعاية أي نشاط اقتصادي من دون “التلوث” بعلاقة مع أقطاب منظومة الفساد وشبكاتهم الأخطبوطية. وفي لبنان سابقة بهذا الخصوص يعرفها الجميع حول النائب السابق المتوفي نسيب لحّود. أليس من المستحسن الاقتداء بهذا النموذج الساطع في شفافيته من قبل جميع الرؤساء والوزراء والنواب، خاصة وأن رواتبهم متضخمة أساساً؟

السابق
جبق: لست طبيب نصرالله لكن مقربين جداً من سماحة السيد يتطببون عندي
التالي
محاربة حزب الله لعلماء الدين الشيعة (4): عزل الشيخ محمد عزالدين وموته مغموماً