الإعلان عن«صفقة القرن» قريباً وتلميح أميركي لإهداء «مزارع شبعا» لإسرائيل

ترامب
بعد الإنتخابات الإسرائيلية، تنشط المحادثات الملمحة الى ما يسمى بـ"صفقة القرن" مجدداً، فتزامناً مع اعلان مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون عن خطة قريبة للولايات المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن تفاصيل الصفقة ستعلن بوقت قريب.

هذه الصفقة التي يهندسها صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنير، كان قد سرب بعض مضامينها سابقاً كـ”جس نبض” لكيفية التعاطي معها عربياً ودولياً، حيث لاقت رفضاً عربياً وفلسطينياً على وجه الخصوص عبّر عنه رئيس السلطة محمود عباس، إلا أن التعامل الخارجي لترامب يبيّن تجاهله التام لأي آراء ومقررات دولية خارج ادارته.

فبعد اعلان القدس عاصمة لاسرائيل، ومؤخراً اعلان سيادة اسرائيل على هضبة الجولان، يوضح لنا أن ترامب يتعامل مع القضية الفلسطينية كصفقة بمعناها الحرفي والتجاري، وهو قد قام بهذه الخطوات السابقة كنوع من زيادة نقاط التفاوض من موقع قوة يستنبطه من توقيعه العلني للقرارين.

وفي معلومات متداولة، وبعد اطلاع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لأميركا على الصفقة، ألمح الجانب الأميركي أن الإدارة تعتزم اتخاذ إجراءات جديدة قريباً، منها إمكانية الاعتراف بمزارع شبعا اللبنانية المحتلة والمستوطنات في الضفة المحتلة “أراضي إسرائيلية”، مما يزيد من نقاط القوة التي تجمعها اسرائيل بدعم ترامب، مقابل أيدي عربية مكبلة لا تقوم سوى باصدار بيانات التنديد.

اقرأ أيضاً: هدية بوتين وهدية ترامب

ما هي “ملامح” الصفقة؟

الصفقة كما تتم هندستها تهدف الى ما يلي، أولاً أن يتم تعويض الأراضي المقتطعة من الضفة الغربية بفعل الغزو الإستيطاني لها، بأراض من الأردن، ويعوض على الأردن بأراض أخرى من السعودية، لا سيما بعد ما حصلت السعودية من مصر على جزيرتي تيران وصنافير.

ولا ينتهي الدور المصري هنا، بل يتوسع لطرح اعطاء جزء من سيناء الى الفلسطينيين من جهة غزة، أما في لبنان، فقد يستخدم ترامب قراره المرتقب بما يخص مزارع شبعا، للتفاوض على ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. إلا أن فكرة اقتطاع الأراضي غير مرحب فيها لا مصرياً ولا أردنياً، وحتماً لا لبنانياً.

بعيداً عن الجغرافيا والحدود، للصفقة جانب اقتصادي أساسي، فالتعويل الأميركي هو بجعل فلسطين كمنطقة اقتصادية شبيهة بسنغافورة، إلا أن الجانب الفلسطيني لن يغتر بهذا الكلام الذي يعتبر بيع وتصفية للقضية الفلسطينية، لا سيما بعد اعتبار أن أميركا لا يمكن أن تكون طرفاً بالتفاوض نتيجة عدم الحيادية المعلنة من قبل ادارة ترامب بهذا الملف.

ترامب وانتخابات 2020

لا شك أن “الهدايا” الأميركية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبيل الإنتخابات، أعطت دفعة انتخابية للأخير ترجمت بفوزه ولو بصعوبة، إلا أن ترامب يعتبر ذلك هدية له أيضاً، فهو من جهة يسعى لاحتفاظه باللوبي اليهودي الأميركي، بالإضافة الى مواصلة احتفاظه بدعم التيار المسيحي الإنجيلي، المساند من دون تحفظ لإسرائيل.

واعتبرت أوساط اسرائيلية أن “صفقة القرن” ستأتي لتبرير التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإن ترامب ونتنياهو سيوظفان الرفض الفلسطيني المتوقع للخطة في تبرير ضمّ المستوطنات، مشيرة إلى أن ترامب لن يتردد في الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هذه المستوطنات، على اعتبار أنه “لا يحترم القانون الدولي ومقتضيات العمل به”.

ايران ليست بعيدة عن تفاصيل الصفقة

في الصورة الواسعة للأمر، تبدو الصفقة شأناً عربياً اسرائيلياً برعاية أميركية، إلا أن الخطة المرتقب اعلانها، تربط ربطاً مباشراً بين “السلام” في الشرق الأوسط وبين أنشطة ايران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

فبعد تصريح بولتون الأخير عن الصفقة بقوله أنها ستقدم بأقرب وقت وأنها ستفتح أفاقاً واسعة، اعتبر أن صد محاولات إيران لتقويض السلام الإقليمي وأمن دول المنطقة هو الهدف الأميركي، وهو الدور الذي يلعبه نتنياهو أيضاً.

وينبع التحدي الأميركي لاطلاق مشروعه من رفض ايران وأذرعتها لأي صفقة من هذا القبيل، بجانب الرفض الفلسطيني المتوقع وبعض الأصوات العربية الواضحة برفضها لذلك.

بانتظار اكتمال الصورة والإعلان الرسمي عنها، يبقى الشرق الاوسط على صفيح ساخن وبين “نارين” النار الإسرائيلية من جهة، والنار الإيرانية من جهة أخرى، وبالتالي فالعنوان العريض للصفقة المتمثل بـ”السلام” قد يتحول الى نقيضه تماماً نتيجة ردود الأفعال المنتظرة، ولكن مع اعتياد ترامب على الصمت العربي، والكلام دون الفعل الإيراني، هل ستتحول الصفقة الى أمر واقع؟

السابق
شاهد لحظة اعتقال أسانج مؤسس ويكيليكس في لندن
التالي
وصول الرئيس اليوناني الى عين التينة