«ببساطة»: حلقات كوميدية قليلة الدسم

ببساطة
أن تحظى لوحة كوميدية على اليوتيوب بعشرات آلاف المشاهدات خلال أيام، فذلك يدفع للتساؤل: ما فحوى هذه اللوحات، وكيف حصدت جماهيرية عالية خلال فترة قصيرة من العرض؟!

الجواب يأتي من خلال مسلسل “ببساطة” أولى تجارب الفنان باسم ياخور الإنتاجية، وهنا يبرز فكر الفنان المنتج في تفاصيل العمل، ليمنح ياخور الفرصة بشكل متساوٍ لأعضاء الفريق الفني من خلال ظهورهم في شارة العمل، وانتقائه لمجموعة من الممثلين يمكن وصف علاقاتها بالمتناغمة، ما يعني تجانس في روح العمل بين الفنانين، خاصة أن حلقات المسلسل تمتد على عام كامل، ما يعني ضرورة الانسجام بين الممثلين حتى تظهر روح العمل بانسياب للمشاهدين.

كتبت لوحات المسلسل زوجة باسم رنا حريري بشراكة مع الثنائي مازن طه ونور شيشكلي، في حين اخرج غالبية اللوحات سيف الدين سبيعي، أما الإنتاج فيظهر بتكاليف غير عالية نظراً للتصوير في أماكن عامة دون بذخ كبير، ما يعني بطولة الموقف الدرامي على حساب المكان أو الشخصيات، لتحقق اللوحة الكوميدية شروطها الأولى في انتظار الجمهور لزاوية طرحها للحكاية، لكن التحدي يكمن في قدرة اللوحة على الإتيان بطرح جديد ومقنع.

اقرأ أيضاً: الإعلام السوري خارج الواقع مجدداً

في حسابات الجمهور، يظهر ببساطة كمسلسل يحمل طابع التنفيس من قبل النظام كمحاولة جديدة لإيهام الشعب برفع سقف الحريات وانتقاد عمل المؤسسات الحكومية والوزراء وحتى الجهات الأمنية في بعض الأحيان. وهنا يبرز ذكاء بعض “السكتشات” في طرح القضايا المعيشية في سوريا ببساطة تنسجم مع اسم العمل دون إثقال كاهل المتابعين بالتنظير والأيدولوجية المقيتة، بل عبر طرح منساب يعبّر عن إسقاطات واضحة ويعيد قراءة الواقع السوري الراهن من بوابة الكوميديا السوداء.

لكن ذلك لم يعجب من اعتبر العمل إعادة استنساخ للأعمال الكوميدية السورية نفسها، في عدم نضج واضح لدى الكتاب السوريين في فهم ماهية اللوحة الكوميدية أو السكتش الدرامي. فنلمح في لوحات معينة قصصا سبق وقدّمت في سلسلة “بقعة ضوء” الممتدة لثلاثة عشر جزءا، وخاصة في الأجزاء الأخيرة من تكرار للوحات ساخرة عن داعش والإرهاب وأزمات الغاز والكهرباء، مع تفوق من ناحية مزامنة القصة للحدث الآني كون اللوحات صورّت خلال الشهرين الماضيين ولم ينتظر الجمهور عدة أشهر لمتابعتها في رمضان، وإن جاء ذلك على حساب عمر المشهد زمنياً وابتعادها تدريجياً عن نمط اللوحة الكوميدية الصالحة لكل زمان ومكان.

اقرأ أيضاً: ياسر العظمة من دمشق هذه المرة!

تعليقات على الفايسبوك هاجمت المسلسل في اكتفائه بالآنية دون التنبؤ لمستقبل سوريا أو تقديمه لحلول للواقع المعقد، أي أن المسلسل يغرّد مع أهواء النظام السوري في استمرار حالة استنزاف الشعب في رغيف حياته بعيداً عن بث جرعة أمل لقادم الأيام، يقابل ذلك أرقام ضخمة في المشاهدة إذا ما قورنت بحجم المتابعة للوحة كوميدية على اليوتيوب، نظراً لقصر مدتها الزمنية والحوارات الهادئة غير المستفزة التي تعوّض غياب قوام المشاهد المتماسكة في بعض الأحيان.

كما يبدو أن ظهور النجم باسم ياخور في أغلب اللوحات يحمل رسالة في داخله للمنتجين الذين لا يستثمرون باسمه كبطولة مطلقة في دمشق، ويقدّم باسم نفسه كممثل كوميدي يحاول إعادة انتاج خط ياسر العظمة في “مرايا” حيث كان ياسر يشارك في تزعّم كل الحلقات الكوميدية.

وإذا كان عذر باسم للجميع ان هذا المسلسل هو مشروعه الكوميدي الأول بعد الحرب، فهل سيتذكر الجمهور منه في المحصلة موسيقى الموزع فادي مارديني البسيطة؟ أو حضور باسم الموجود في كل لوحة؟ أو قالب العمل الذي ما زال حتى بعد بلوغ أرقام حلقته الأولى المليون مشاهدة على اليوتيوب، قيد التعثّر وذلك بسبب غياب رؤية إخراجية تحفُر في ذهن المشاهدين بصمة خاصة كـ”مرايا” أو “بقعة ضوء“؟!

السابق
برنامج «رغبة وإرادة» يدخل ضمن مشروع بسمة الدولية للحق في التعليم
التالي
أبو العبد كبارة: مستمر بخدمة أهلي في طرابلس ولن أستقيل