كيف زَوَّرَ حزبُ اللهِ دينَ الله وَمَسَخَهُ؟

كنت إماماً في مسجد من مساجد بلدتي كفرصير جنوب لبنان الواقع تحت وصاية ما يُسَمَّى حزب الله وكنت أدعو الله تعالى في محرابه من ميكرفون مُكَبِّر للصوت لكي تسمع الناس خارج المسجد دعائي ، وحينما وصلت لقناعة ويقين بأن مُكَبِّرَ الصوت يؤذي الناس المقيمين بجوار المسجد من جهة ، وأنه لا يمكن أن يكون الدعاء بمكبر الصوت خاليا من الرياء المفسد للدعاء من جهة أخرى رفضت حينها الإستمرار بالدعاء بمكبرات الصوت وقلت للخمينيين الصنميين الذين كانوا يُصَلُّون خلفي بأن الله تعالى قال :
{ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } سورة الأعراف/ آية 55 / .
أي : أدعوا ربكم بصوت مستور مكتوم متواري عن أسماع الناس لأن الصوت الجهري المرتفع والصاخب هو عدوان على مشاعر الناس وأعصابهم ولا يُطَاعُ الله من حيث يُعْصَى ، وقال أهل العلم والتقوى : أُدعوا ربكم بِتَذَلُّلِّ وخشوع وبصوت مستور وخفي لأنه إذا ارتفع الصوت امتزج بالرياء لأن النفس شديدة الميل وعظيمة الرغبة في الرياء وحب السمعة والشهرة .
والمراد بقوله تعالى { وإن الله لا يحب المعتدين} أي إن من الإعتداء على الناس رفع الصوت في الدعاء .
وقال تعالى { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}
آية (205) سورة الأعراف .
والآية في منتهى الوضوح التي تنهانا عن الجهر بالدعاء .
ولقد رُوِيَ عن النبي (ص) أنه قال :
{ إرفقوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً ، إنكم تدعون سميعاً قريباً وإنه لمعكم } وهذا ما أوحى الله به بوضوح تام وكامل بقوله تعالى :
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
آية 186 سورة البقرة .
وقال سبحانه : { ونحن أقرب إليكم من حبل الوريد}
ورُوِيَ عن الإمام الحسن (ع) أنه قال :
ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يُسْمَعُ صوتهم إلاَّ همساً لأن الله تعالى قال : {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}
آية (55) سورة الأعراف ، أي بالخفاء بصوت خَفِيِّ مستور .
ووصف الله تعالى نَبِيَّه زكريا عليه السلام بقوله سبحانه :
{ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا } آية (3) سورة مريم
أي بصوت خافت وبعيداً عن أسماع الناس وأعينهم .
ولكن الخمينيين الصنميين لم يعجبهم هذا الكلام رغم قوة وضوحه فاتصلوا بقيادة حزبهم وتلقوا أمراً منها بطردي من المسجد بالتي هي أحسن وحينما شعرت بذلك خرجت منه لست آسفاً على فراقهم ولا حزيناً على طلاقهم قسماً برب الوجود لأنني في تلك السنة سنة 1998 بدأت أشعر بأنني كلما اقتربت منهم ازددت بُعْداً عن الله والقيم الإنسانية والأخلاق والحكمة ، وكلما ابتعدت عنهم ازددت علما وورعا ووعيا ونضوجا ولله الحمد الذي أخرجني من ظلمات الحياة بينهم ومعهم إلى نور الحياة في ظل مجتمعات عاقلة بصيرة راشدة ورشيدة تؤمن بالحرية الفكرية والحرية السياسية تؤمن بالدولة العلمانية الديمقراطية العظيمة الأحب إلى الله وإن الحرية هي قدس الأقداس وفق قناعتي فمن دون الحرية الفكرية والحرية السياسية لا شرعية لشيء في حياة البشر وحتى إيماننا بالله سبحانه فهو إيمان باطل وفاسد إن لم يولد في القلب بحرية.

 

إقرأ أيضاً: الشيخ حسن مشيمش: هكذا يُصْبِحُ الدين أفيوناً وطاعوناً 

السابق
الحريري لم يهضم «خبطة يد» عون!
التالي
السنيورة سيرد في مؤتمر صحفي على مدّعي الفساد