الإنتاج الدرامي الرمضاني: الكمّي على حساب النوعي!

الدراما السورية
يطلّ الموسم الرمضاني على الجمهور قريباً، وفي غضون أسابيع قليلة ستتحول القنوات العربية إلى الإعلان عن المسلسلات التي اختارتها للمنافسة في حرب الرايتينغ.

وسط تبدل في كمّ الإنتاج يتناسب مع الظروف الاقتصادية والسياسية للمنطقة العربية، ولا سيما في مصر حيث ينخفض عدد الأعمال المنتجة للموسم القادم إلى حد النصف. مع غياب مجموعة من نجوم الصف الأول، ما يعني التأثر بشكل ملحوظ في الأزمة الاقتصادية العاصفة في مصر وانعكاسات ذلك على سوق الميديا، فضلاً عن احتكار سوق العرض بشبكة “إعلام المصريين” المقرّبة للنظام، وهذا ما يحوّل قطاع الدراما إلى قطاع غير تنافسي لا يقوم على مبدأ استعراض القوى بين الشركات، طالما الجهة الإعلامية المسوّقة للعرض هي جهة واحدة.

وقد سبق ان برز سجال فنّي-اعلامي في مصر، حدّ رفع بعض الفنانين سقف النقد وعلى الأخص من قبل الممثلة غادة عبد الرازق التي اتهمت جهات نافذة بالوقوف أمام عملها هذا الموسم، ما استدعى صدور بيان شفهي ضدّها يمنعها من العمل، وذلك قبل أن تهدأ الأمور وتحصل غادة على الاذن بانطلاق تصوير مسلسلها “حكاية مرة” في وقت متأخر من الموسم الرمضاني.

اقرأ أيضاً: البرامج السياسية الصباحية: نافذة على الوهم!

في لبنان يبدو الموضوع مختلفاً، خاصة مع ارتفاع عدد شركات الانتاج اللبنانية رغم تردي الوضع الاقتصادي والأزمات المتلاحقة، لكنّ ذلك لم يمنع الشركات الكبرى من المراهنة على لبنان كمسرح لأبرز الأعمال الدرامية المشتركة لعام 2019 مع مجموعة من الفنانين السوريين والمصريين وضمن إمكانيات ضخمة تتوزع على عدة مسلسلات وتتهيأ للعرض على أبرز الشبكات التلفزيونية.

كما تحظى الدراما المحلية بحصة وفيرة مع تزايد الطلب على المسلسل اللبناني وضمن الموسم الرمضاني أيضاً، فبات في الأعوام الأخيرة منافساً إلى جوار العمل السوري والمصري ويحتل ساعتي الذروة المسائية على قنوات العرض الثلاثة الأبرز “الجديد – mtv- lbc”. وسط بروز أسماء شابة عديدة في الدراما اللبنانية باتت قادرة على حمل مسلسل كامل على أكتافها ما يؤثر تدريجاً على غياب الصبغة العربية المشتركة عن بعض الأعمال، أو تقلص مساحتها من مناصفة في البطولة، إلى مستوى مشاركة ضئيل.

الكم الأكبر للإنتاج يأتي من سوريا، وسط عدم حدوث تغير كبير في الساحة الإعلامية السورية، طالما ما زال النظام يبسط يده في السيطرة على الإعلام والقنوات الخاصة غير منافسة إقليمياً للحصول على حقوق عرض أعمال كبرى ومفهوم التسويق المحلي بات يقوم على مبدأ كل شركة تعرض أعمالها على القناة الخاصة بها، طالما هناك من يغطي كلفة الإنتاج حيث تنقسم مستويات الأعمال المنجزة داخل سوريا إلى ثلاثة: الأول هو الإنتاج العربي على الأرض السورية وقد غاب خلال سنوات الحرب بسب مقاطعة النظام والوضع الأمني، ليعود اليوم من بوابة مساحات التصوير الواسعة داخل سوريا وتوفر الإمكانيات البشرية من فنانين وفنيين. وبذلك تقدم مؤسسة أبوظبي للإعلام إنتاجين داخل سوريا هما “ابن عربي” و”عندما تشيخ الذئاب” وتتجهز لعرض عملين آخرين يجري تصويرهما بين سوريا ولبنان هما “دقيقة صمت” و”صانع الأحلام”.

المستوى الثاني من الإنتاج يقوم على الشركات المحلية والتي تغامر كلاً منها في إنتاج عمل واحد ضخم فتقدم “إيمار الشام” عملاً نسائياً يحمل اسم “مسافة أمان” يجمع في بطولته سلافة معمار وكاريس بشار، في حين تعيد “غولدن لاين” المنافسة في البيئة الشامية عبر مسلسل “سلاسل دهب” للقدير بسام كوسا. وتعود شركة “كلاكيت” للإنتاج عبر عمل تاريخي بيئي يحمل اسم “حرملك” يصور بين الإمارات ولبنان مع عدداً كبيراً من نجوم الدراما السورية.

اقرأ أيضاً: أحلامنا في مسلسل خيال علمي عربي

المستوى الثالث هو الأكثر رداءة ويتجاوز عدد الأعمال المنجزة فيه حاجز العشرين مسلسلاً ويقوم على مسلسلات منخفضة التكلفة تنتجها شركات صغيرة الميزانية وتضمن بيعها على الأقل لقناة “سوريا دراما” الحكومية ما يجنّب المنتج المتواضع الخسارة، فإذا ما باع مسلسله لقناة ثانية عربياً فذلك إنجاز وفرصة استثنائية. ما يعاب على هذه الأعمال عدم نضوجها في طريقة الإنجاز وسماح الرقابة لها بالتصوير رغم رداءة النصوص وغياب الحنكة في التنفيذ علاوة على تكرار عدد من الأسماء غير المشجعة للمشاهدة في لعب الأدوار الرئيسية. مع دعم مؤسسة الإنتاج الحكومي لمشروع درامي بعنوان “خبز الحياة” وأدرج تحته مجموعة من الأعمال المطهوة بسرعة التي تدور في فُلك التجريب مع افتقار وجود الرؤية الإنتاجية المتوازنة بين العرض والطلب للمنافسة عربياً.

كم كبير من الأعمال في انتظار المشاهد العربي ولو تغيرت النسب خاصة بعد انفتاح الإعلام السعودي على السوق العراقية ونمو الدراما الخليجية والتعاون المتزايد بين سوريا ودول المغرب العربي في الإنتاج ما يعني بدوره توزع الأسواق الإنتاجية الكبرى إلى أسواق مصغّرة في إطار المحلية، مع الحفاظ على عدد من الإنتاجات التلفزيونية الضخمة المترنحة تحت خطر الإنتاج العالمي الجديد لشبكة نتفليكس وقوالب المشاهدة عبر الإنترنت.

السابق
باسيل يرفع دعوى قضائية ضدّ بولا يعقوبيان لأنها اتهمته بالفساد
التالي
قيادة حزب الله تعاقب نواف الموسوي على سلوكه وكلامه