خبراء قرأوا نصرالله لـ«النهار»: أدوية إيرانية بمئات الملايين من الدولارات!

احمد عياش

لا يبدو ان مسيرة عمل الحكومة الجديدة ستقف في المدى المنظور أمام عقبات داخلية يعتدّ بها.فها هو البيان الوزاري الذي جرى إعداده في تشرين الثاني الماضي ،سيمضي الى مجلس الوزراء هذا الاسبوع ،والى مجلس النواب الاسبوع المقبل ،لتبدأ بعد ذلك مرحلة عنوانها الرئيسي :الاقتصاد اولا.
في زمن الاقتصاد ،تحوّل الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله ، من رئيس أهم ذراع عسكري للجمهورية الاسلامية خارج إيران ،الى خبير إقتصادي من الصف الاول .ومن يعود الى كلمة نصرالله قبل أيام ،يتبيّن له ان الامين العام للحزب قدّم نفسه كخبير في مرتبة مرشد للملف الاقتصادي في لبنان ،راسما خريطة طريق لكي تعمل الحكومة الجديدة بموجبها.وأكثر ما لفت إنتباه المراقبين ما تحدث عنه نصرالله حول وزارة الصحة التي صارت بعهدة وزير تابع للحزب.
من المفهوم ،بحسب اوساط سياسية، ان يتناول نصرالله موضوع وزارة الصحة من زاوية الرد على التحذيرات الاميركية التي تصاعدت قبل تشكيل الحكومة وبعد تأليفها .إذ لم يكد نبأ تشكيل الحكومة في نهاية الشهر الماضي يصل الى واشنطن حتى بادر مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية الى الاعراب عن “قلق الولايات المتحدة لتولي حزب الله حقيبة وزارة الصحة “، مشددا على ان بلاده “ستعمل على التأكد من خدمات الوزارات لا تذهب الى دعم حزب الله”.وترافق هذا الموقف الاميركي مع لفت إنتباه الى ان لوزارة الصحة رابع أكبر ميزانية في الدولة.

اقرأ أيضاً: إيران تتذكر الخميني كما تتذكر الصين ماو تسي تونغ

أكثر من ثلث الكلمة التي أدلى بها نصرالله مساء الاثنين الماضي، والتي إستمرت نحو ساعة، كان له “علاقة بوزارة الصحة” كما قال نصرالله. وعندما تناول الموقف الاميركي لم ير فيه وضوحا “لإنه يحكي بأكثر من لغة”، في وصف نصرالله لرد فعل واشنطن.
ما قاله الامين العام لـ”حزب الله” في حقيبة وزارة الصحة الكثير .لكن هناك جزء ضئيل منه من هذا الكلام ورد على لسانه هو الاتي: “هناك معركة، لكن نحن جاهزين للذهاب إليها بكل شفافية وصدق وأمانة ونظافة: تخفيض كلفة الدواء على الدولة وعلى الناس، على المواطن، وتسهيل وصول الدواء إلى الناس خصوصاً الأدوية الخاصة بالأمراض المستعصية والمزمنة والصعبة وما شاكل. “وما لفت إنتباه الخبراء في عالم الدواء الذي تطلعت اليهم “النهار” لكي يشرحوا موقفهم من مستقبل عمل وزارة الصحة في زمن “حزب الله”، ان نصرالله لم ينتظر لكي يتسلم وزيره الدكتور جميل جبق الحقيبة من سلفه وزير “القوات اللبنانية” الدكتور غسان حاصباني لكي يقول ما قاله ،بل بادر بنفسه الى رسم الصورة الكاملة لعمل الوزارة، كما يراها “حزب الله” في المرحلة المقبلة.
كيف قرأ الخبراء ما طرحه نصرالله بشأن الدواء؟ يجيب هؤلاء بتوضيح الصورة العامة لسوق الدواء في لبنان وفيها ان حجم هذا السوق يقدر بنحو مليار و600 مليون دولار سنويا. وشهد هذا السوق تصاعد موجة خفض سعر الدواء ، كما ظهر في كلمة حاصباني خلال تسليمه الوزارة الى جبق .وعندما سئل الاخير حول استيراد الدواء من إيران، أجاب الوزير جبق أن الوزير حاصباني “يعرف آلية استيراد الأدوية للبنان. ووزارة الصحة غير معنية باستيراد الأدوية، فهناك آلية معينة محددة تتم عبر وزارة الصحة…”
لتوضيح موضوع إستيراد الادوية، يفيد الخبراء ان وكلاء شركات الادوية هم الذين يتولون فعلا هذه المهمة.أما ما يتعلّق بسعر الادوية فهو أمر تحدده الشركات للوكلاء. وفي ظل تصاعد موجة الدعوة الى خفض أسعار الدواء محليا،تبيّن ان هناك كثير من الاصناف من الادوية التي تراجعت أسعارها آتية من اسواق غير التي تنتمي اليها شركات الادوية العالمية، بل من اسواق توفر الادوية بإسعار متدنية مثل الهند.والسبب يعود الى ان هذه الشركات غير آبهة بسوق الدواء في لبنان بسبب صغر حجمه وليست مضطرة لتصدير ادويتها اليه بإسعار مخفضة عما هو مطروح في الغرب.وأشار الخبراء الى تركيا التي تتوافر في ماركات ادوية عالمية فقالوا ان تصنيع هذه الادوية فيها مقتصر على السوق التركي فقط ومن غير المسموح تصديره ،والسبب يعود الى ان الشركات التي تمنح إمتياز تصنيع الادوية في تركيا ،غير مسؤولة عن كامل عملية إنتاجها.وهنا يطل إحتمال يتصل بجودة الادوية المصنّعة خارج الغرب ،علما ان ذلك لا يعني ان الادوية المصنّعة خارجة أقل جودة، بل هي حكما أقل سعرا بسبب كلفة الانتاج.ومع ذلك يؤكد الخبراء ان لبنان يتجه عمليا ليصبح سوقا للادوية المنتجة خارج الغرب وصار محكوما ليس بإعتبار جودة الدواء بل بإعتبار سعره.
ويصل الخبراء الى بيت القصيد مع تسلم “حزب الله” حقيبة وزارة الصحة.وما قاله الامين العام للحزب وما قاله وزيره ،يوضح ان ابواب سوق الادوية في لبنان بات مفتوحا بالكامل امام الانتاج الايراني،والسبب في رأي الخبراء يعود الى ان إيران تمرّ بظروف قاسية بسبب العقوبات الاميركية، وتسعى الى اسواق خارجية متحملة كل اكلاف المنافسة على مستوى الاسعار كحال إنتاج الادوية الايرانية .وقدّر الخبراء بإن لبنان سيشهد طفرة من الادوية الايرانية قريبا ستجد طريقها الى المستهلكين بفعل تدني أسعارها ،وهي تقدّر ببضعة مئات من ملايين الدولارات التي سيحصل “حزب الله” بفعل إرتباط مؤسسات تابعة له بإستيراد المنتوجات الايرانية على قسم وافر من الارباح ،لا تقل عن مئتي مليون دولار سنويا، وفق تقديرات الخبراء.
في الخلاصة، على اللبنانيين ان يستعدوا لادوية تملأ رفوف الصيدليات كتبت عليها عبارات بالفارسية.

السابق
«حقك تعرف» معرفةً غير ناقصة…!
التالي
هيئة المبادرة المدنية في عين داره أعلنت عن قرار قضائي بإصدار تكليف إضافي بالرسوم البلدية