في ذكرى 6 شباط ماذا حصل؟

6 شباط 1984
قبيل انعقاد القمة العربية الاقتصادية الأخيرة في بيروت، نظمت حركة امل ومناصروها حملة واسعة ضد مشاركة ليبيا في القمة، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو تضمن مشاهد من حوادث 6 شباط 1984 وكلاما يقول: شباط خبر كانون فماذا حصل في ذلك اليوم من عام 1984؟

شهد لبنان خلال تاريخه مغالبة بين عناصر الوحدة وعناصر الانقسام بين مكوناته الاجتماعية، الا ان الانقسام كان سيد الموقف في معظم الاوقات. لم ينشأ الكيان نتيجة نضال شعب له نفس المصالح وعلى اسس المواطنة، بل تأسس على طريقة ضم اراض ومجموعات مختلفة الى مركز تهيمن عليه زعامة طائفية معينة. وقد حافظت هذه الزعامة على امتيازات واضحة تضعها في موقع متقدم عن غيرها من المكونات.

لم تنتبه هذه الزعامة الطائفية الى اثر الديموغرافيا على العلاقة بين المكونات وعلى امكانية بناء مساحات مشتركة بين المقيمين على الاراضي اللبنانية. حركة بناء النسيج الاجتماعي اللبناني توالت منذ عام 1924 وحتى سبعينيات القرن الماضي وصولا الى نشوء حركة طالبت باصلاح سياسي يتيح المجال امام بناء وحدة اجتماعية في البلد وبناء شعب لبناني على اساس المواطنة .هذه الحركة خسرت حربها وكان البديل مطالبة المسلمين بمشاركة اوسع في السلطة وهذا ما شهده البلد ما بين 1977 وعام 1981.

اقرأ أيضاً: استغراب «قانوني» لاستقالات وزراء باسيل المسبقة: حبر على ورق!

بعد الاحتلال الاسرائيلي عام 1982 عادت المارونية السياسية تمسك مقاليد البلد وتتعاطى مع اللآخرين كملحق لها ،وفيما كانت المقاومة الوطنية تخوض معارك تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، كانت الزعامات الطائفية تسعى للحصول على حصص ما في النظام اللبناني على حساب نظام الامتيازات المارونية .كانت حرب الجبل التي ابعدت المسيحيين منه واكدت على زعامة الدروز له وضرورة ان تكون زعامتهم الطائفية طرفا اساسيا في السلطة اللبنانية وذلك اواخر عام 1983 وتبع ذلك ما حدث في بيروت في 6 شباط 1984 لإدخال الشيعة السياسية كطرف اساسي في معادلة النظام الطائفي.

وفي لوزان وضعت اسس نظام المحاصصة الطائفية اللبناني الذي بدأ تنفيذه بعد اتفاق الطائف عام 1989 لذا يبدو ان ما حصل انذاك لا يعدو خطوة على طريق بناء هذا النظام الطائفي القائم على المحاصصة بين زعمائه وعلى حساب مؤسسات الدولة وآليات عملها التي تعطلت فعليا بعيد عام 1992.

واذا كان نظام الامتيازات المارونية السياسية لم يستطع بناء وطن وشعب واحد فان هذا النظام الحالي القائم على المحاصصة لم يعد قادرا على تقديم حلول سوى محاصصة نهب المال العام.وبالتلي يمكن فهم ما جرى في 6 شباط 1984 بانه حركة ناجحة في بناء نظام المحاصصة الطائفي الذي نعاني من ويلاته حاليا. وهذا لا يعني ان نظام الامتيازات الماروني السياسي كان افضل، بل يؤكد ان كل اشكال النظم القائمة على الهيمنات الطائفية ليست قادرة على بناء شعب ووطن.

السابق
بالصورة: اسرائيل تلتقط صوَر نصب صواريخ إس 300 في سوريا
التالي
نصيحة من جنبلاط…