يوم ميليشياوي طويل

قلنا أن هذه الحوادث لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد بتنا نعيش في بلد آيل للإنهيار بإعتراف من أعلى المستويات في الدولة ونسير بسرعة فائقة كي نتحول إلى دولة فاشلة حتى على المستوى الدبلوماسي العربي والدولي بإعتبار أننا نعيش الفشل في يومياتنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية. الخطير في أحداث يوم الأحد الماضي أنها كانت تتم برعاية رسمية، ففي إجتماع الجاهلية الثاني كما الأول قبل أربعين يوما، كانت التهجمات السياسية قاسية بحق مؤسسات الدولة من أمنية وقضائية ومسؤولين كبار في الدولة لا بحق أطراف سياسية منافسة، كل ذلك بحضور ممثلين رسميين وسياسيين ممن تتمثل أحزابهم وتنظيماتهم في الحكومة المستقيلة ويتقاتلون على الدخول والحصص في الحكومة المنتظرة. وإذا كان ذلك “مفهوما” في يوم دفن محمد أبو دياب حيث كانت المشاعر لا زالت ملتهبة فإن ما حصل يوم الأحد غير مقبول بكل المعايير السياسية والوطنية، هذا بالنسبة لما حصل في الجاهلية.

اقرأ أيضاً: لماذا منع النظام الذي أطاح بالقذافي من الحضور إلى بيروت؟!

أما الطامة الكبرى فكانت بما أقدمت عليه مجموعات من حركة أمل بغطاء أكيد من قيادتها السياسية وغطائها المذهبي المتمثل بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من تعرض لعلم دولة ليبيا الذي يمثل رمزا لثورة الشعب الليبي ضد نظام الطاغية معمر القذافي – ويا للمفارقة – والذي دفع في سبيله ثمنا غاليا من دماء بنيه ولا يزال، بحجج واهية تستخدم قضية إنسانية وسياسية مهمة هي قضية الإمام المغيب موسى الصدر ورفيقيه في صراع سياسي داخلي واضح – ولا يجب أن يُفهم هنا أننا نقلل من أهمية هذه القضية ولكن إعتراضنا على لا منطقية التصرفات – إن كل هذه الأحداث قد تكون مفهومة في سياق الصراع السياسي بين الأطراف اللبنانية وقد ” تعودنا ” عليها، لكن أن يتم رعاية هذه الأحداث من قبل رسميين في الدولة لهو مؤشر خطير جدا خاصة وأنها ترافقت مع تهديدات بالعودة إلى 6 شباط جديد في إستحضار لمفردات الحرب التي يصر البعض على إستحضارها في كل مناسبة ومنعطف سياسي لا يكون حسب مزاجه ومصالحه، فتارة هناك من يهدد ب 6 شباط جديد، وتارة يهدد آخر بـ7 أيار جديد والمؤسف والخطير في الأمر أن من يهدد ويمارس هذه التصرفات هو طرف يتمثل في ثنائي مذهبي وسياسي ينتمي لبيئة واحدة في هذه الجمهورية مع ما يحمله هذا من إستحضار للفتنة والإصطفاف الطائفي والمذهبي وما يمثله من مخاطر مستقبلية على الطائفة التي يدعي هذا الثنائي أنه يمثلها ويرعى مصالحها، فهل بهكذا تصرفات وإستفزازات وتنمر على الآخرين يمكن أن نحفظ مصالح الطائفة وحماية مستقبلها؟ أشك بذلك، خاصة وأن التطورات في هذا البلد على مدى تاريخه أثبتت عقم هذا التفكير وفشله في فرض سيطرة طرف واحد على بقية الأطراف خاصة وأن فائض القوة التي يتمتع بها هذا الثنائي لن تبقى مطلقة مع الأيام وقد مرت كل الأطراف اللبنانية في حالات كهذه وكان من نتيجتها الخراب والدمار على البلد والطائفة والمجتمع بشكل عام ولا داعي لتكرار الأمثلة المارونية والسنية والدرزية التي لم تصل في النهاية إلا إلى الجلوس على الطاولة للتفاهم والإتفاق على الطائف الذي لا يزال رغم كل نواقصه هو الأنسب للبلد إن بدأنا في تطبيقه بطريقة سليمة ومنطقية وبعيدا عن الأنانية والتذاكي اللبناني الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من مآزق باتت تهدد البلد بالإندثار.

السابق
استكمال السطوة الإيرانية بقناع سوري في لبنان
التالي
الدفاع المدني أزال طبقات الثلوج عن طريق عيون السيمان -كفردبيان