نصرالله ليس سعيدا

احمد عياش

لم تكن الايام القليلة الماضية خفيفة الظل على “حزب الله” وسط إشتباك لا نظير له بين حليفيّن كبيريّن هما رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وذلك على خلفية القمة الاقتصادية العربية المقرر إنعقادها في بيروت الاسبوع المقبل.وإذا ما تتبع المرء الطريقة التي تعامل بها الحزب مع هذا الاشتباك لوجد ان الاخير فضّل الاتكال على المواقف المنحازة الى الرئيس بري كي يتفادى الظهور مباشرة كطرف مؤيد لرفض رئيس حركة “أمل” إنعقاد القمة مقابل تمسك قصر بعبدا بهذا الانعقاد  وذلك قبل ان تهب الرياح المؤاتية لعقد القمة.

رب قائل ،إنها ليست المرة الاولى التي يشتبك فيها حليفا “حزب الله” ، وهذا صحيح.لكن ما يدور من خلاف الان في منزل الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله السياسي ، له خصوصية ذات طابع مصيري بسبب تطورات المنطقة عموما ولبنان خصوصا تجعل الراعي الاقليمي للحزب ،طهران، في حالة إنهاك بسبب المواجهات التي يخوضها النظام الايراني على جبهات عدة وفي مقدمها جبهة العقوبات الاميركية .

اقرأ ايضا: الأسد عن مرجع لبناني: لونه الرمادي لم يعد يعجبنا!

منذ أكثر من اربعين عاما ،عندما إختفت آثار الامام موسى الصدر ورفيقيّه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين ،إتحد الواقع الشيعي في لبنان حول هذه القضية وافترق حول سائر القضايا تقريبا.حتى ان إنتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية عام 2016 أتى على قاعدة إنقسام بين الثنائي الشيعي.أما اليوم،وبعد أصبحت قضية الامام الصدر هي إساس رفض إنعقاد القمة الاقتصادية بالاضافة الى موضوع غياب النظام السوري عن القمة لاسباب تتعلق بجامعة الدول العربية ، لا يملك “حزب الله” خيارا آخر غير الخيار الذي إعتمدته “أمل” التي إمتلكت قرار النقض والقبول .

في رأي المراقبين  ان على العهد ان يحاذر ان يصبح مكشوفا امام الضغط الشيعي الموحد وقد كان محتما عليه ان يتراجع عن المضيّ في قراره إستضافة القمة في 20 الجاري لولا لم يطرأ تطور كان مفتاحه عند الرئيس بري.  وأدى ذلك الى حفظ ماء وجه الرئيس عون الذي كان على وشك ان يخسر إحدى الفرص المهمة التي ترسخ نفوذه على المستوى العربي عبر تسلمه رئاسة القمة.

ماذا كانت ستكون  تداعيات الافتراق بين حارة حريك وبعبدا في ملف القمة الاقتصادية؟ لم تتوقع اوساط شيعية بارزة ان تكون آثار هذا الافتراق لو حصل  بين الرئيس عون والسيد نصرالله بعيدة المدى ،وستكون هناك خطوات من أجل “تضميد جرح” القمة في مرحلة مقبلة لاعتبارات إستراتيجية تعني الطرفيّن مباشرة:فالعهد ما زال بحاجة قصوى لرافعة “حزب الله” في مواجهة خصومه في الداخل ،وما أكثرهم.كما ان الحزب، ما زال في حاجة الى الغطاء المسيحي الذي يوفره عون. لذلك ، لم  يكن السيد نصرالله ليكون سعيدا ان يرى الرئيس عون يخسر معركة جديدة في هذه المرحلة الصعبة.

السابق
بيان توجيهي لعلماء الدين في بلاد جزين حول «ملفات فساد في بلدية الريحان»
التالي
بومبيو:الخلاف بين قطر وجيرانها الخليجيين طال أكثر من اللازم