جواد عدرا.. وفخّ السلطة؟!

جواد عدره
إن لم أكن مخطئة، فإنّ "جواد عدرا" هو تلك الشخصية المغمورة التي أثارت بلبلةً واسعة في الأوساط الشعبية في اليومين الماضيين، وخلقت فضولاً وجدلاً كبيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتسبّبت بحصول شرخٍ سياسي بين الحلفاء، وأزمةِ ثقةٍ، وربما أزمةٍ أخلاقيةٍ بينهم، يصعب ترميمها في القريب العاجل .

ومن باب الفضول الشخصي للتعرف على أفكار هذا الشخص وآرائه وميزاته التفاضلية التي أطاحت حُلم التوزير لدى العديد من الطامحين، فقد اطلعتُ على عدة مقالات كتبها الرجل، فأذهلني حجمُ النقد اللاذع الذي يوجهه إلى الطبقة السياسية الحاكمة التي يطعن في أدائها ومصداقيتها ومشروعيتها وخطابها، ما يعطي القارىء انطباعاً بأنّ هذا الكاتب، في غضبه ونقمته وإستيائه من الأوضاع المتردية، إنما يشبه الكثير من المواطنين العاديين، وأنه يتكلم بلسانهم ووجعهم وقهرهم، وبالتالي يستحيل عليه أن يكون جزءاً من تلك الطبقه الفاسدة والمفسدة التي يدينها، ويعتبرها المسؤولة عن تدمير الوطن، دون أن يتلوت بها.

ففي مقالةٍ له بعنوان “وطن القشّ”، يقول: “إن فصل الدين عن الدولة، يحفظ الدين، ويحفظ الدولة. أما دون ذلك، فزعماء قشّ، وطوائف قشّ، وتقافة قشّ ، ووطن قشّ”.

وفي مقالةٍ ثانية حملت عنوان “كلهم إنتصر، فمَن خسر؟ أهذا نصرٌ على جثةِ وطن؟!”، يقول عدرا عن الساسة: “هذه صورهم على لوحاتٍ معتديةٍ على المُلك العام، ومخالفةٍ للقانون، فمَن لم يخجل من التشدّق بشعاراتٍ كاذبةٍ وجوفاء؛ ومَن لم يخجل من القول إنّ على كل طائفة أن تنتخب نوابها، طبعاً لن يخجل من القول إنه انتصر… فهنيئاً لهم نصراً على جثّةِ وطن”.

اقرأ أيضاً: اللعب مع الكبار!

وفي مقالة ثالثة حملت عنوان “رهائن إنتخبت رهائن أو عوارض ستوكهولم وعامل فلورنس نايتنغال”، يقول عدرا: ” منذ القرن السابع عشر، وحتى القرن العشرين، “وزعماؤنا” يقهرون الناس، ويذلّون ذواتهم، آخذين شعبهم رهينةً، جاعلين أنفسهم رهائنَ لدى الخارج، متنقّلين بنا من حربٍ أهليةٍ إلى حربٍ أهليةٍ أخرى.. ما أعظم زعماء القرون الماضية (على الرغم من فسادهم وعمالتهم للخارج) حين نقارنهم بزعماء اليوم، أصحاب الشعارات ومدّعي الوطنية، الذين يربِّحوننا “جميلة” أنهم متزعمون علينا.. إنهم رهائن إنتخبهم مئاتُ الآلاف من الرهائن: رهائن الرعب والرغبة؛ رهائن المال، ورهائن الوظيفة. ولا عجب إذا كانوا محبوبين ومُهابين.. إنهم زعماء مخطوفون للخارج، وخاطفون لنا… نحن رهائن، ننتخب رهائن”.

هذا ما كتبه الوزير الجديد القادم إلى الحكومة من خارج الاصطفافات والتيارات والانقسامات السياسية، فكيف يمكنه ان يتعامل مع طبقةٍ سياسيةٍ كال لها الاتهامات والشتائم، ووصفها بأبشع الأوصاف والنعوت؟! وكيف يمكنه أن يظل مؤمناً بقناعاته، ومتمسكاً بمعارضته للواقع المأساوي، ومدافعاً عن افكاره الثورية، وهو جالسٌ على طاولةٍ واحدة مع مَن إعتبرهم رموز الفساد والكذب والدجل والارتهان للخارج؛ ومع مَن قال عنهم إنهم يتقنون لعبة الترغيب والترهيب، وإنهم وصلوا الى مواقعهم بواسطة “إنتخاباتٍ” يشبّهها بعمليةِ خطفٍ للوطن؟! وهل ستغير ممارسةُ السلطة آراءه، فينقلب على ما كتبه، ويبدأ بعملية التسويغ والتبرير للوضع القائم، بحجة انه لا يمكن ان يكون، أفضل مما هو كائن؟

وسؤال أخير: كيف يمكن لمَن يحمل أفكاراً نقدية وإصلاحية كهذه، أن يكون صديقاً أو مقرّباً من أغلبية الأفرقاء في الطبقة السياسية ؟! وأن يتمّ التوافق عليه من الرئاسات الثلاث؟!

السابق
بسام همدر: الزراعه هي الخاسر الأكبر وتشكّل 1% من موازنة الدولة!
التالي
جاسوس ملياردير كشفَ عن عروس بوتين.. معلومات مثيرة عن سيّدة الكرملين!