أصوات احتجاج بعبدا وأقبية حارة حريك

قصر بعبدا ميشال عون
ليس لدى السيد حسن نصرالله ما يقدمه لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فوصول الأخير إلى سدة الرئاسة بعد تعطيل دام لأكثر من عامين كافٍ لأن يبرّىء السيد ذمته أمام الله.

ما قدمه حزب الله لمقام العماد من خدمات جليلة في سبيل الرئاسة، لا يجب أن يجعل الرئيس منزعجاً إذا ما احتاج حليفه وصديقه “سماحة السيد” إلى استخدام ما لديه من سطوة لبنانية، في سبيل نصرة قائد المستضعفين في الأرض، ونائب الامام الغائب عجّل الله فرجه الشريف، وقائد الأمة الإسلامية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي.

لقد قالها العماد ميشال عون، إن ولاية الفقيه هي مسألة دينية لا يحق لنا كمواطنين لبنانيين التطرق لها حين يعلن حزب الله التزامه بها، وهو وإن كان له كلام مناقض في سنين سابقة، إلا أن ما قاله أخيراً هو الذي يؤخذ به.

ليس ما وصل إليه لبنان من هزال الدولة، وتفككها واستباحتها، إلاّ نتيجة طبيعية لسلوك سياسي، دأب الكثيرون من أقطاب السلطة على اعتماده، وهو السلوك الذي يجعل من الانتماء الوطني وتطبيق الدستور والقانون مسألة استنسابية.

اقرأ أيضاً: حزب الله واللعب على حافة الهاوية

ليس حزب الله وحيدا في هذا المضمار، لكن ما وصل إليه لبنان اليوم، يظهر حجم التناقض بين قيام الدولة كإطار دستوري ومرجعي لكل اللبنانيين، وبين وجود حزب الله كإطار مانع بالقوة لقيام أي دولة في لبنان ولو كان هو السيد المطلق فيها.

كان حزب الله حين يسأل عن أحوال الإدارة والعيش وحقوق المواطن على هذا الصعيد، يجيب نحن مقاومة ولا علاقة لنا بهذه الشؤون، ولكن اجتهد حزب الله في السنوات الأخيرة في الحديث عن هذه القضايا، من دون أن يكلف نفسه عناء الإجابة عن سبل إعادة الاعتبار للدولة والاقتصاد والسياسات المالية وما إلى ذلك من عناوين يفترض أنها محورية لديه، لا سيما بعدما خاطب السيد نصرالله مؤيديه في أكثر من مناسبة مؤكداً أنه سيحارب الفساد، وسيهتم بأمور الإنماء والاقتصاد، بما يوفر الحياة الكريمة للمواطنين.

ما حصل هو أن حزب الله انهمك في ما ابتُلي به اللبنانيون من باقي أركان السلطة، كالتعيينات والصفقات وسبل استثمار النفوذ لتحقيق مكاسب مالية، وما إلى ذلك مما هو معروف وغير خفيّ في بلاد الأرز، وذهب إلى ما هو أبعد.

خضع الحزب لإغراء إدارة السلطة والحياة السياسية من خلف حجاب، ودائما على قاعدة السيطرة والنفوذ على حساب الدولة ومعاييرها، ولم يكن هذا السلوك والتمادي في استخدامه محل انزعاج من فخامة الرئيس ولا من أنصاره ومريديه، على الرغم من أن هذه السياسات أفضت إلى مزيد من تراجع الدولة ومؤسساتها وتدهور أمور الاقتصاد والمالية العامة إلى حدّ إقرار الجميع بأن الدولة على شفير انهيار ما لم يبادر أهل السلطة وحزب الله في المقدمة إلى فعل شيء ما يحول دونه.

اقرأ أيضاً: سنتان من الوهن: دولة تشبه رئيسها

ورغم رسالة الانزعاج التي وجهها الرئيس ميشال عون أخيرا إلى حزب الله، وردّدها نسيبه النائب ماريو عون يوم(الجمعة) حول وقوف الحزب في وجه مسيرة العهد، فإن ما يمكن التأكيد عليه، هو أن حزب الله لا ينظر إلى الدائرة اللبنانية إلا باعتبارها دائرة من ضمن دوائر إقليمية مركزها طهران.

لا يستطيع الحزب، ومن غير المألوف لديه التصرف على أساس أنه حزب لبناني محكوم لمصالح اللبنانيين ودولتهم أولاً، وبالتالي يعرف الرئيس كما يعرف سماحة السيد، أن استحقاق حسم هذه الإشكالية بات ملحاً، أي حسم أولوية مصلحة لبنان ودولته،و تقديم مصلحة لبنان على ما عداها، وهذا أمر يحسن بنا الاعتراف بأنها إشكالية لا يمكن حسمها من قصر بعبدا، لذا هي باقية ولو صدرت أصوات الاحتجاج من على تلة بعبدا التي لا يبدو أنها قادرة على اختراق جدران أقبية حارة حريك.

السابق
أردوغان: أمر قتل الخاشقجي صدر من أعلى المستويات
التالي
بعد الكلام عن تلوث مياه شبعا.. إليكم نتيجة الفحوصات الأولية