دراسة: كي لا يصبح حزب الله خيار الشيعة الأوحد

نشر موقع "Washington Institute" لدراسات الشرق الأوسط في أيلول 27 دراسة حول دور إيران ووكيلها الأساسي في المنطقة حزب الله، الدراسة تستطلع اهداف إيران الرئيسية في سوريا مع تركيز على الوسائل التي تستخدمها لتحقيق هذه الأهداف.

لخصّت هذه الدراسة الأهداف الإيرانية بالتالية:
1-      الدفاع عن نظام الأسد ضد المعارضة.
2-      الحفاظ على وجودها ونفوذها في سوريا وبناء مصانع للأسلحة.
3-      الحفاظ على دور سوريا كجسر أساسي بين العراق ولبنان.
4-      الاقتراب من منطقة الجولان واستخدامها كجبهة محتملة في مواجهة اسرائيل.

اقرأ أيضاً: مصادر استخباراتية غربية تكشف ممرات تهريب الأسلحة من طهران إلى لبنان

رغم تحقيقها معظم هذه الأهداف، التحديات التي تواجها في تثبيت قوّتها ليست بسيطة. فإن الصعوبات البنيوية والإقتصادية أظهرت مدى تأثيرها على واقع وجودها في سوريا وبوجه الأخص وجود حزب الله. ليس من شأن ذلك الاشارة الى ذلك أن إيران ستعيد النظر بتدخّلها في الساحة السورية، بل من شأنه الإضاءة على الخطط التي يمكن اتباعها لمواجة الوجود الإيراني في سوريا.
كما ورد في الدراسة تحليلا لأهداف ايران التكتيكية للمحافظة على وجودها وتثبيت قوتها على الأراضي السورية. ولُخصت هذه الأهداف التكتيكية بعدة نقاط: أوّلها تأمين الحدود السورية اللّبنانية لضمان تدفق الأسلحة من سوريا الى لبنان دون انقطاع. ثانياً، انشاء ميليشيا عسكرية موازية للقوة النظامية في سوريا كدور حزب الله في لبنان. ثالثاً، المحافظة على دمشق كعاصمة النظام النهائية وذلك عبر سياسات التغيير الديمغرافي التي اتبعها النظام السوري عبر الاستلاء على أراضي النازحين والمهجرين ذو الأكثرية السنّية الرافضة للنظام، واستبدالهم باستقطاب سوريين موالين للنظام من طوائف أخرى. ورابعاً، نشر الفكرالموالي لولاية الفقيه عبر انشاء الجوامع والحسينيّات التي تنشر عقيدة ولاية الفقيه تماماً كما تفعل بنجاح في لبنان، من شأن ذلك أن ينتج جيلا من الموالين الشديدين لإيران استناداً لإعتبارات طائفية فوق أي اعتبارات أخرى.
أمّا على صعيد حزب الله يذكر التقرير أيضا، أنّ النموّ الكبير الذي شهده حزب الله، على امتداد الأزمة السورية من ازدياد أعداد مناصريه في بيئته ومن اكتسابه لخبرات عسكرية اقليمية كبيرة، وتضاعف حجم ترسانته وتعداد سلاحه، لم يحدث دون تحدياته الخاصة. فقد دفع حزب الله أثمانا باهظة من حيث الضحايا التي تكبّدتها من عناصره في القيادات العليا واستنزاف ميزانيته في حرب لم يستطع تقدير مداها وتحويل ميزانيات كانت نستخدم في خدمات اجتماعية وانمائية لعناصره داخليا.
مع كل تقدّم يحرزه حزب الله في سوريا اليوم يتكبّد أثمانا من الجهة المقابلة. فشعبيته الشيعية المتنامية قابلها عدائية موازية من السنة العرب بعدما اعتبر استطلاع رأي عام 2006 السيد حسن نصرالله الشخصية الأكثر شعبية عربيا. فيما أنّ تخصيصه لأغلبية عمله العسكري في سوريا أبعده عن أحد أعمدة شعبيته التي هي مقاومة اسرائيل، التي يجد نفسه اليوم غير قادر على الردّ على ضرباتها المتتالية لمواقعه الاستراتيجية، واكتفائه بالتهديد بالرد في المكان والزمان المناسبين. تداعيات هذه الحالة انعكست أيضا على عناصر حزب الله الذين تحوّلوا بمعظمهم من راغبين في الدفاع عن الوطن من العدوّ الاسرائيلي، الى شباب طامحين براتب  ثابت ومعونات اجتماعية واقتصادية في ظل اقتصاد لبنانيّ راكد.
تعتبر إيران أنّ لبنان أقوى قاعدة عسكرية واستراتيجية لها في المنطقة، ويتّضح ذلك  بسعيها لنسخ هذه التجربة في سوريا والعراق واليمن ونشرها لهذه الإديولوجيا أينما وجدت الامكانية.
وأحد أهدافها الأخرى هي السيطرة على جنوب سوريا لتشكيل حالة مماثلة تستطيع عبرها الحفاظ على نفوذها وقدرتها على تحريك جبهة الجولان ضدّ اسرائيل كما في جنوب لبنان. ولكن الحفاظ على هذا الواقع لن يمرّ دون سياسات طائفية تؤجّج الصراع السنّي الشيعي. هنا يأتي تردد الولايات المتّحدة والدّول الغربية في الحفاظ على مصالحها في المنطقة ودعم حلفائها ضدّ التدخّل الإيراني بأزمة جديدة. وهي إحداث فجوى كبيرة تعتمد عليها إيران في بسط سلطتها وتكريس مصالحها السياسية والعسكرية في المنطقة مستغلّة الشرخ الطائفي الذي أحدثته الحرب.
بالتالي فإن مواجة إيران في المنطقة بطريقة فعّالة لن تتمّ من دون مواجهة حزب الله. فرغم أنّ العقوبات المالية التي تفرضها الولايات المتّحدة على حزب الله تشكّل عائقاً ملحوظاً على تحرّكاته، فإنّها غير قادرة على تغيير مجرى قراره نظرا الى أنّ معظم تمويله يتمّ نقدا ومعظم أمواله تتحرّك خارج نظام المصارف. لكنّ العامل الأساسي لصمود حزب الله هم حلفاؤه في السّاحة اللّبنانية، الذي دونهم يمتلك مجرّد 11% من التمثيل في البرلمان اللّبناني رغم فوزه الساحق في الانتخابات الماضية في أيار. أما حلفاءه من حركة أمل والتيار الوطني الحر وغيرهم ممن يشكّلون الأكثرية النيابية اللبنانية، فهم لا يشاركونه بعقيدته الموالية لإيران، وهذا واقع يجب ادراكه عند محاولة قياس سلطة حزب الله في الساحة اللبنانية.
أمّا على الصعيد الخارجي حسب اقتراحات هذه الدراسة، فيجب أن يكون الضغط على حزب الله مصحوبًا باستراتيجية لخلق بدائل سياسية واقتصادية للشعب اللبناني وبالأخصّ الطائفة الشيعية، للتأكد من أن حزب الله لا يستفيد من هذا الضغط. فعلى سبيل المثال، نظرا إلى أن العديد من الشيعة يعبّرون اليوم عن استيائهم من الدور الإقليمي لحزب الله، فإن البدائل السياسية والإقتصادية لهؤلاء الأفراد غائبة ولا يمكن أن نتوقع تبديلا في المواقف مهما ازدادت حالة الاستياء والاستنكار. يمكن لاستراتيجية طويلة المدىأن توفر هذه البدائل مع وأهداف واضحة للغاية وأن تظهر على الأقل للشيعة اللبنانيين أن حزب الله ليس خيارهم الوحيد.

السابق
ديما صادق تعلق على انتخاب مايا رعيدي ملكة جمال لبنان لعام 2018
التالي
غزوة الزيتون