روسيا تنزلق عميقاً في الصراع على سوريا…

عندما اوشك النظام السوري على الانهيار وفشلت ايران وميليشياتها وجيشها في انقاذه عام 2015، تدخل النظام الروسي لحمايته، بالتوافق مع ايران وبطلبٍ منها بعد زيارة الجنرال قاسم سليماني الى موسكو، كما اضاف حينها لافروف وزير خارجية روسيا مؤكداً ان التدخل الروسي كان سبباً في منع سقوط نظام بشار الاسد..

الانتقادات تصاعدت في روسيا رفضاً للتدخل العسكري في سوريا بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه روسيا، فكان جواب بوتين هو ان روسيا تدخلت للقضاء على المتطرفين القادمين من روسيا للقتال الى جانب الحركات الجهادية في سوريا، وان روسيا لن تتورط في سوريا عسكرياً وان دعمها سوف يكون محدوداً اي غارات جوية ومستشارين عسكريين لادارة الحرب البرية بالاعتماد على الميليشيات الايرانية التي تقدمها ايران وقوداً للحرب في سوريا…واول تقرير قدمته وزارة الدفاع الروسية اشار الى ان ما انفقته روسيا في الاشهر الاولى للتورط الروسي كان من ضمن الميزانية التي خصصتها وزارة الدفاع الروسية لاجراء مناورات عسكرية، وبالتالي فإن المشاركة في الحرب السورية كانت عبارة عن الانخراط في حربٍ فعلية لتجربة الاسلحة الروسية وفعاليتها وكفاءتها كما افاد قادة روس اكثر من مرة، بدلاً من اجراء مناورات عسكرية لا تتضمن الجدية اللازمة ..

إقرأ أيضا: الحالة الإسلامية بين الترهيب والتصويب (1)

الخطوة الاولى على طريق التورط كان في اسقاط طائرة السوخوي الروسية من قبل الطيران التركي، مما دفع روسيا لتعزيز قواتها في سوريا الجوية والبرية..

ثم تطور التفاهم التركي- الروسي – الايراني، المشترك الى الاتفاق على اقامة مناطق خفض التصعيد، مما استدعى وصول قوات روسية برية اضافية للفصل بين المتنازعين او للتفاوض مع المجموعات المسلحة وحماية المدنيين.. وانتشرت القوات الروسية على امتداد الاراضي السورية التي تم فيها تسوية نزاعات او فرض امر واقع بقوة الطيران الروسي التدميرية..
تعرضت قاعدة حميميم الجوية التي تعتبر مقر القيادة الروسية لغارات جوية من قبل طائرات مسيرة عن بعد (درون).. مما دفع روسيا لتعزيز دفاعاتها الجوية والدفع بقوات اضافية الى سوريا..

التفاهم الروسي – الاسرائيلي، اتاح لاسرائيل قصف المواقع التي تريد اذا ما اعتبرتها معادية لها او تشكل خطر استراتيجي على امنها واعلنت اسرائيل انها قد نفذت اكثر من مئتي غارة جوية على سوريا، دون تدخل فعلي او حتى شكلي من قبل القوات الروسية.. الى ان تم اسقاط الطائرة الاستطلاعية الروسية مع ما تحمله من معدات وخبراء بصاروخ سوري اخطأ هدفه..والبيان الروسي كشف ما كان يتم الهمس به او تخمينه من ان هناك تفاهماً روسياً اسرائيلياً، قبل وخلال الغارات الجوية.. وذلك حين اعلنت روسيا في بيانها ان اسرائيل وعبرالخط الساخن قد ابلغت القيادة العسكرية الروسية بموعد الغارة الجوية قبل دقيقة واحدة من وقوعها.. مما تسبب بسقوط الطائرة الروسية.. مما دفع بالقيادة الروسية الى اتخاذ قرار ارسال وحدات دفاع جوي (اس 300) الى سوريا لحماية القوات الجوية والبرية الروسية في سوريا وبما ان هذه الاسلحة متطورة ولا خبرة للميليشيات التابعة للاسد لاستخدامها فسوف يقوم بادارتها جنود وخبراء روس… مع ما يتطلبه هذا من نشر قوات برية لحماية اماكن نشرها في مختلف الاراضي السورية…

خلال الثلاث سنوات التي مرت على التدخل الروسي سقط عدد لا باس به من الطائرات الروسية سواء نتيجة خلل تقني او بسبب مضادات المعارضة السورية.. كما سقط العديد من الضباط والجنود الروس قتلى او جرحى الى جانب انكشاف منظومة الاسلحة الروسية بالكامل امام المراقبة الغربية لها التي تتابع اداءها وقوتها ونقاط قوتها او ضعفها…

روسيا اليوم تنزلق عميقاً وسريعاً الى الساحة السورية، والصراع على النفوذ بين ايران وروسيا على تقاسم المصالح والمغانم في سوريا اصبح اكثر وضوحاً، والقلق الروسي من التورط من حربٍ واسعة النطاق وطويلة الاجل في سوريا على غرار ما جرى في افغانستان، قبل عقود، مع ما يواجهه الاقتصاد الروسي من صعوبات نتيجة العقوبات الاوروبية والاميركية بسبب تدخل روسيا في اوكرانيا.. قد يدفع بروسيا الى التفاهم مع الغرب والابتعاد عن ايران التي تعاني بدورها من صعوبات اقتصادية بالغة نتيجة العقوبات المالية والحصار الاقتصادي الي يفرضه الاميركيون عليها، خاصة مع الوجود الاميركي العسكري المباشر شرق الفرات..

إقرأ ايضا: نحو قيام محور لمقاومة الاحتلال الإيراني

اذا المشهد يتطور والتدخل الروسي الذي كان الغرض منه تحقيق نصر سريع وسهل على المعارضة السورية عبر استخدام القوة الجوية الروسية.. بدا يتحول الى كابوس مع بداية تورط طويل الاجل وحربٍ غير واضحة الافق من حيث الاهداف والزمن المحدد…ونفقات مالية ضخمة قد تؤسس لازمة اقتصادية وسياسية في روسيا هذا دون تجاهل امكانية وقوع مشاكل امنية داخلية..

السابق
السفارة الروسيّة ترد على الإدعاءات حول شرعيّة شهادة الدكتور أيوب
التالي
شيعة_لبنان… #والحماس الوهمي #القاتل!!