بسبب الفيتو الأميركي: هل سيعلّق حزب الله مشاركته في الحكومة؟

ما حقيقة "الفيتو" الأميركي على مشاركة "حزب الله" في الحكومة، وهل يعود الأخير إلى "الزهد" كما كان حاله في الحكومات السابقة؟

بينما يستمر التأزم الحكومي في تعقيداته وحرب الأحجام  المتبادلة، يبدو أن العين الأميركية لا تزال على لبنان خصوصا في ملف التأليف الذي توليه الإدارة الأميركية أهمية كبيرة من حيث مشاركة “حزب الله” فيها ونوع الحقائب التي ستسند إليه، إنطلاقا من إعتباره منظمة إرهابية معادية، لذلك وهو ما يرتب على عاتق الدولة اللبنانية التنبّه لهذا الأمر باتخاذ مواقف جديدة تذهب بإتجاه لجم الحزب.

إقرأ ايضًا: حزب الله سيجابه العقوبات باقتحام «الحكومة» ونَيل حقائب سيادية!

ومع تأكيد مسؤولين أميركيين كما نقلت وسائل إعلامية عنهم أن الإدارة الأميركية لا تتدخل بملف التأليف بإعتباره شأن داخلي، دون التعليق على ما يتم تداوله  عن “فيتو” أميركي على إشراك الحزب في الحكومة، إلا أن مصادر سياسية متابعة رأت أن ما نقل عن هؤلاء غير دقيق بدليل الحراك الأميركي الذي شهدناه شهر آب الفائت  لتذكير القيادات اللبنانية المعنية بالتأليف صرامة موقفها تجاه “الحزب” جراء سلوكه المحلي والإقليمي والدولي وتحفظها على وجوده في الحكومة المقبلة نظرا لتناقض ذلك مع سلسلة العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وقد حذرت القيادات اللبنانية من تشكيل حكومة تحت رحمة المحور الإيراني”.

وذكّرت المصادر إلى “ما نقل عن تصدي الإدارة الأميركية إلى فكرة إعطاء الحزب حقيبة “الصحة” مجرّد تداول هذا الطرح حيث روّج آنذاك بأن عين الحزب على هذه الوزارة، وقد نقل عن السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد إن واشنطن لا تتدخل بالحصص والوزارات، “لكن إذا تسلم “حزب الله” حقيبة مؤثرة ولنا تعاط مباشر معها، فسنقاطع هذه الوزارة، ونطلب بالمقابل من المنظمات الدولية مقاطعتها”،

هذا تستند واشنطن في الجانب المتعلق بوزارة الصحة تحديدا على بروتوكول تعاون مع وزارة الصحة اللبنانية بقيمة 40 مليون دولار. ووفق تصريحات السفيرة الأميركية سيتم إيقاف العمل بهذا الاتفاق، إضافة إلى مقاطعة أميركية ودولية تامة لهذه الوزارة، في حال كانت من نصيب “حزب الله”.

هذا الأمر يشكّل عاملا ضاغطا إضافيا على الرئيس المكلّف إلى جانب العقدة “المسيحية” و”الدرزية” ما يزيد الأمر تعقيدا، وهو ما يفسر لربما إضفاء بعض التعيدلات على الصيغة الحكومية الأخيرة التي كان قد قدمها الرئيس الحريري لرئيس الجمهورية وذلك مع عودة المشاورات الحكومية بشكل خجول، ومن النتائج التي أسفرت عنها إلى جانب التعديلات فيما يتعلّق بحصة “القوات اللبنانية” وحزب “التقدمي الإشتراكي”  جرى تعديل بحصة “حزب الله” إذ طرح  تبادل وزارة الصحة والأشغال العامة والنقل بين “حزب الله” و”المردة” نظراً الى التحفظات الخارجية عن إسناد الصحة  الى الحزب، إلا أنه تبيّن أن ثمة  تحفّظات أكبر على إسناد وزارة  الاشغال للحزب،  حيث تم التراجع عن هذه الخطوة بإبقاء هذه الحقيبة مع المردة وإرضاء الحزب الاشتراكي بإعطائه الصحة.  لتبقى حقيبة الحزب رهن  تساهل الأخير بموافقته بالحصول على وزارة خدماتية، اضافة الى وزارة التخطيط . وهو ما يعتبر موضع شكّ في ظلّ الحديث عن تخلّي “حزب الله” عن حالة الزهد الحكومية حيث كان يكتفي بوزارات ثانوية كوزارة “الرياضة” و”الزراعة” فيما اليوم يبحث عن تعزيز مكانته الحكومية  لترجمة الإنتصارات التي حققها في سوريا داخليا.

الإعلامي والمحلّل  السياسي فيصل عبد الساتر قال لـ “جنوبية” إن ” كل ما يتسرب في وسائل الإعلام ليس له علاقة  بدقة ما يطرح في المجالس المغلقة سواء ما يتعلق بالمسودة الأولى التي قدمت لرئيس الجمهورية من قبل  الرئيس المكلف أو من خلال ما ينقل عن الأخير  وعن الأجواء المحيطة بدوائره والتي تتحدث عن أسماء ووزارات من هنا وهناك، فحتى الآن ليس هناك ما يعطينا معلومات دقيقة في هذا السياق”.

إقرأ ايضًا: العين الأميركية على وزارة الصحة…هل يتبوّأها حزب الله؟

أما فيما يتعلّق بالفيتو “الأميركي” حول مشاركة  “حزب الله” في الحكومة المقبلة وما روّج له بعض الأوساط  أن هذا قد يشكل تهديدا للبنان وقد يعرضه لعقوبات إقتصادية، أكّد عبد الساتر أن “هذا الكلام لم يرد بأي مستند رسمي دقيق من قبل الأميركيين وغير الأميركيين، لكن المعروف بأن الأميركيين لو كانت الأمور بيدهم فهم بالطبع لا يريدون أي تمثيل للحزب في أيّ حكومة وهم صنفوا الحزب بأنه إرهابي ، وهم لديهم موقف واضح في هذا الصدد”، مشيرا إلى أن “هذا الأمر له علاقة بطبيعة التركيبة اللبنانية لو كان الأمر كما يحلو للأميركيين لكانت كل الأمور في لبنان أضحت كما يريدون، لكن هذا الأمر صعب ليس بسبب وجود أطراف تمانع فحسب بل لأن هذا الأمر يخالف طبيعة الإجتماع السياسي اللبناني وقد تتسبب بالكثير من المشكلات على المستوى الداخلي”، وتابع إّن “الأميركيين سيرضون  بمشاركة حزب الله بالحكومة بنهاية المطاف لأن عزل الحزب لن يقبل به أحد في الساحة اللبنانية حتى من الذين يدورون في الفلك الأميركي والسعودي، وهذا الأمر سحب من التداول ولم يعد مطروحا لا من قريب ولا من بعيد”. وأكّد “مشاركة “حزب الله” في الحكومة اللبنانية ليست منّة من الأميركيين ولا تحتاج إذن منهم”.

 

فيصل عبدالساتر
فيصل عبدالساتر

وعن طبيعة الحقائب التي قد تسند لـ “حزب الله” قال عبد الساتر إنه وبحسب معلوماته “حتى الآن  لم يطرح الموضوع من هذه الناحية، مشيرا إلى أن “”حزب الله” و”حركة أمل”  أكثر طرفين  كانا واضحين في التعاطي مع الرئيس المكلف فيما يتعلّق بالحجم المطروح لعدد ونوعية الوزارات، وبالتالي أصبح معروفا أن وزارة المالية ستكون من نصيب أمل  بشكل أساسي، وهناك وزارة التخطيط  التي يتحدث عنها ستكون من نصيب الحزب إذا ما قبل سائر الأطراف بهذا الأمر”.  مؤكدا “أمّا بقية الوزارات الأخرى وما تمّ تداوله عن وزارة الصحة فلا أعتقد أن هذا الأمر قد حسم لا بإسناد هذه الحقيبة للحزب ولا بحجبها عنه، وما حكي عن فيتو من هنا وهناك لا يعدو كونه فقاعات إعلامية لم تكن مطروحة على الإطلاق “.

وشدّد عبد الساتر في الختام أن “حجر العثرة الأساسي في موضوع تأليف الحكومة على “المستوى الداخلي” هو حجم تمثيل “القوات اللبنانية” ونوعية الوزارات التي ستند إليها، وآخر ما حكي في هذا الإطار وهو دقيق إلى حدّ بعيد أنه قد طرح على القوات  وزارة الثقافة لكنها رفضت على إعتبار أن هذه الوزارة  لا تسمن ولا تغني من جوع”.

 

السابق
بالفيديو: بائع الكعك في بيروت يحرق العربة احتجاجاً على مصادرتها
التالي
بعد إلغاء إتفاق معراب و إسقاط التسوية هل اقتربت نهاية تفاهم مار مخايل؟