اعادة تفعيل عمل «التفتيش المركزي»: هل تصفق اليد الواحدة؟!

التفتيش المركزي
التفتيش المركزي كمؤسسة رقابية وطنية "ما له وما عليه"، هل يسير على طريق الاصلاح ام يحتاج الى اعادة نظر واصلاح بدوره، خصوصا بعد حديث عن جولات تفتيشية بدأ يقوم بها على الادارات العامة وتفعيل عمله، فهل ما يجري هو بداية اصلاح أو من أجل تغطية عمليات نقل الموظفين لأسباب سياسية واقالة بعضهم بطرق كيدية؟

يشهد عمل التفتيش المركزي في لبنان شدا وجذبا، اذ نرى محاولات لإعادة تنشيطه وتفعيل دوره، من خلال جولات يقوم بها المفتشون على العديد من الادارات الرسمية ومنها الاسبوع الماضي، على مراكز هيئة ادارة السير في صيدا والدكوانة والاوزاعي، وغيرها من المؤسسات الحكومية، حيث ضبطت العديد من المخالفات وتم رفع تقارير حولها، الا ان واقع الحال يشي بمعوقات كثيرة تؤخر عمل الجهاز الرقابي، وما يتم تداوله في الغرف المغلقة بات معروفا ويجاهر به علنا.

واذ اختار رئيس الجمهورية فؤاد شهاب في اول عهده مطلع الستينيات من القرن الماضي، البدء بالإصلاح الاداري مدخلا للإصلاح السياسي، عكس ما تفرضه مسارات الامور لبناء دولة القانون والعدالة الاجتماعية، فان ذلك كان علما وادراكا منه ان سلم اولويات تصحيح الخلل والفساد وتحقيق النمو الاقتصادي ينطلق من المواطن نفسه الذي يبادر الى تغيير الطبقة السياسية ويفرض معايير محددة في اختيار ممثليه الى السلطة.

اقرأ أيضاً: حراك المتعاقدين الثانويين يحقق مطالبه بعد معاناة

حول عودة تفعيل “التفتيش المركزي” والهيئات الرقابية، المحامي والناشط الاجتماعي حسن بزي قال لـ”جنوبية” ان “وجود القاضي جورج عطية على رأس التفتيش المركزي هو بمثابة شمعة مضيئة في وسط الظلام والفساد، ويشهد له بنظافة الكف والانضباط والجدية، ومما لا شك فيه ان القاضي عطية يواجه ملفات معقدة وضخمة، ويواجه سلطة السياسيين والمتنفذين بحيث يُمنع المفتشين من دخول بعض الوزارات وممارسة صلاحياتهم ومهامهم”، مضيفا “اكبر دليل على ذلك قرار وزير الزراعة غازي زعيتر ووزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس، حيث ابلغا التفتيش المركزي عدم رضوخهما لأي قرار من قرارات التفتيش المركزي”.

من جهة اخرى اكد بزي ان “فريق العمل او الكادر المخول القيام بمهمات التفتيش يعاني من نقص، فعددهم لا يتجاوز العشرات على امتداد مساحة لبنان في حين اننا نحتاج الى حوالي 500 مفتش على الاقل، وذلك لتغطية المهمات المطلوبة، ونلاحظ ان مجلس الخدمة المدنية لم يقم بأي مباراة مقررة نتيجة النقص في الكادر البشري وهو يحاول سد النقص من خلال الاستعانة ببعض الاجهزة الاخرى للقيام بمهمام التفتيش، كما رأينا البيان الذي صدر حول مساعدة امن الدولة فرق التفتيش المركزي لإتمام عملهم”.

وختم بزي قائلا “اتأمل خيرا ولكن ليس بغياب الاصلاحات الجدية ورفع الغطاء السياسي لبعض الوزراء فيما يتعلق بوزاراتهم، وايضا تزويد التفتيش المركزي بالعديد البشري اللازم”.

من جهته، وزير الداخلية السابق مروان شربل اعتبر ان ” عمل التفتيش المركزي هو اساس بناء مؤسسات الدولة، كما انه من اهم المؤسسات الرقابية المنوط بها مراقبة الموظفين وعملهم من خلال مفتشين تابعين لها، واذا كان جهاز الرقابة هذا لن يمارس دوره بمراقبة هؤلاء الموظفين اذا ما كانوا يقومون بالرشوة والابتزاز واحالة المخالفين منهم الى المجلس التأديب او القضاء، وذلك حسب الجرم المرتكب، فمن سيقوم بذلك”.

وحول منع بعض الوزارات جهاز التفتيش المركزي من ممارسة عمله وصلاحياته، اكد شربل لموقع “جنوبية” ان ذلك دونه شبهات كثيرة، وقال ” هذا امر مرفوض تماما، ويعتبر عملا غير قانوني، فعندما كنت وزيرا للداخلية كنت اطلب من اجهزة الرقابة الدخول الى وزارة الداخلية ليلا نهارا، فان يصدر اي وزير قرارات تمنع اجهزة الرقابة من دخول وزارته، فان ذلك يعني انه يريد تغطية امر ما مخل بالقانون ويخالفه، فعمل هؤلاء المفتشين لا يمس بدور الوزير اطلاقا”.

اقرأ أيضاً: كفرسلوان مجدداً: اجتياح للبيئة بتراخيص «الداخلية» المشبوهة وتواطؤ بلدي.. وتهديد!

وختم شربل “من المعيب منع مؤسسات الرقابة في الدولة من ممارسة عملها وعلى العكس علينا مساعدتها لتنفيذ مهامها”.

يبقى ان الزمن سيكون كفيلا بفحص جدية النوايا، فهل تكفي شمعة واحدة لتضيء ظلمة ادارات الدولة المهترئة، وهل يستطيع التفتيش المركزي ورئيسه بعدد قليل من الموظفين ان يغطي عمل الوزارات وادارات الدولة جميعا؟ أم انه لا بد من النهوض العام بكل الاجهزة الرقابية التابعة لمجلس الخدمة المدنية، اضافة الى توفير غطاء سياسي وقضائي يحمي افراد الاجهزة الرقابية ومديريها ويؤازر عملها.

السابق
بو عاصي: قيمة الطرقات الزراعية التي نفذت في منطقة بعلبك مليون و200 ألف دولار
التالي
نقل أسلحة الى حزب الله: إسرائيل تؤكد وإيران تنفي