علي الأمين: سطوة الإستبداد أدّت إلى حالة من استلاب لقوى المعارضة من قبل «حزب الله»

ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعتكم إلى الترشّح للإنتخابات النيابية في مواجهة «حزب الله»؟

أولاً، انهماكنا في العملية الإنتخابية ليس جديداً والجديد هو ترشحنا، اذ منذ 26 عاماً، يتكرّر المشهد نفسه على مستوى العملية الإنتخابية في الجنوب، وهي عملية تتم في ظروف خاصة مختلفة عن أي منطقة في لبنان، إذ أنّها تتم تحت سطوة السلاح، وفي ظل مصادرة كاملة لمؤسّسات الدولة السياسية والأمنية والعسكرية.

هذا المشهد يتكرّر في الانتخابات منذ العام 1992، ومنذ ذلك التاريخ نواجه هذا الواقع بكل ما أوتينا من قدرة على القول. وهذا الواقع بحدّ ذاته، يفرض علينا أن نكون حاضرين لتأكيد وجودنا السياسي من جهة، وللقول أن واقع المصادرة لإرادة الناس ولمؤسّسات الدولة، هو واقع غير مشروع، ونحن نعبّر عن رفضنا له.

لماذا لم تنضم إليكم قوى أخرى متضرّرة من سيطرة «حزب الله» كأحمد الأسعد والحزب الشيوعي؟

أعتقد أنّه المشكلة، وبسبب ترسّخ حالة الإستبداد في الجنوب، تحوّلت قوى السلطة، ولا سيما «حزب الله»، إلى قوة فاعلة ليس لدى جمهورها فحسب، بل لدى بعض قوى المعارضة وما تسمي نفسها معارضة.

فما لاحظناه خلال المشاورات قبل الترشّح وبعده مع قوى المعارضة، أنّ «حزب الله» الذي أنجز لائحته مع حركة «أمل»، تفرّغ لإنجاز لوائح المعارضة، إذ كنّا نلمس فيتوات على كل من له خطاب سيادي وكأننا كنا نجلس ليس مع المعارضة بل مع ممثلي «حزب الله» مع الأسف، وشعرنا أنّ سطوة الإستبداد أدّت إلى حالة من استلاب لقوى المعارضة من قبل «حزب الله». أما بالنسبة للمرشّح أحمد الأسعد، فإننا حاولنا أن ننجز لائحة متوازنة، من دون أن تلغي خصوصيات الأطراف المشكّلة لهذه اللائحة، لكننا فشلنا في هذه المحاولة.

ما مدى حظوظكم في إحداث خروقات جدية في لوائح «الثنائي الشيعي»، وهل بإمكانكم تحقيق الحاصل الإنتخابي؟

معركة الجنوب الإنتخابية على أهمية مسألة الحاصل الانتخابي، تختلف عن بقية المناطق اللبنانية، هي معركة إثبات حق الوجود السياسي في مواجهة نزعة الإلغاء والأحادية التي تمارَس ضد الجنوبيين باسم «المقاومة» وباسم وحدة الطائفة، بينما الغاية الأساسية لهذه الشعارات هي منع التنوّع في الجنوب من أن يعبّر عن نفسه سياسياً وعلى مختلف المستويات الأخرى. ولذلك، الأولوية هي تأكيد وجودنا السياسي، وأيضاً لكل مكوّنات لائحة «شبعنا حكي»، ومكوّنات المعارضة الأخرى، وفي مقدّمها «القوات اللبنانية».

من يدعمكم ومع من تنسّقون؟

هذه معركة وطنية بامتياز، ومعركة انتخابية تشكّل محطة من محطات سابقة ومحطات لاحقة في سبيل تعزيز مشروع الدولة وتثبيت سيادتها، وهذا واجب نقوم به تعبيراً عما نراه أولوية وطنية، لا ننتظر دعماً خارجياً، ولا نطالب به ولا نريده، وبالتالي، فإنّ الكلام عن دعم إقليمي أو خارجي، يمكن إدراجه في لائحة السلطة التي تعلن بصريح العبارة وخصوصاً «حزب الله» أنّ كل ما لديه من دعم ومن مال يأتيه من إيران. أما بالنسبة لنا، فرصيدنا ونضالنا ومواقفنا ووطنيتنا والتزامنا بلبنانيتنا كشرط وجودي لنا ولا نبتغي انتماءً غيره.

التقسيم الإداري ـ الإنتخابي ـ الجغرافي، يختلف عن الدورات الإنتخابية السابقة، ويُعتمد لأول مرة في الجنوب، هل ترى أن ذلك لمصلحتكم؟

أي قانون انتخاب سواء اعتمد النظام النسبي أو الأكثري لن يغيّر في واقع حال النتائج الإنتخابية، والسبب أنّ قانون الإنتخاب ليس فقط مسألة نظام نسبي أو أكثري، بل هو مقدمات تتيح حرية التنافس والتساوي بين المرشحين واللوائح وسلطة قانون محايدة، وهذا ما ليس متوفراً في انتخابات الجنوب كما يعلم الجميع، إذ لا يمكن الحديث عن منافسة طبيعية بين مرشح مسلّح ومرشح أعزل، بين مرشح في يده مؤسّسات الدولة ومرشح يحارب من خلال مؤسّسات الدولة. لذا، الإنتخابات في الجنوب لها خصوصية تتمثّل في أنّ المطلوب اليوم تثبيت حقيقة التنوّع في الجنوب كمقدمة لتغيير سياسي في مراحل لاحقة.

الإنتخابات فرصة لتحقيق هذا الهدف، وقد نجحنا في تحقيقه منذ أن أعلنا ترشحنا بالخطاب الذي نحمله وبتنوّع لائحتنا، وهذا أمر أعتقد أنه لم يكن من السهل تحقيقه، وقد حقّقناه وسنحقّق خطوات في هذا المسار خلال الإنتخابات وما بعدها.

هل بإمكانكم الدخول إلى كافة القرى والبلدات من دون ضغوط تمارَس عليكم؟

حتى الآن لا يمكن الحديث عن منع مباشر من الدخول إلى القرى، ولكن ذلك لا يمنع من القول أنّ كلفة استقبالنا من أيّ فئة من الناخبين، خاصة في المناطق الشيعية، هي كلفة عالية تؤدي بصاحبها إلى دفع أكلاف سياسية واجتماعية، وفي لقمة العيش والتعرّض للتضييق وللتهديد، لذا فإننا نقيم بعض اللقاءات التي تشبه إلى حد ما اللقاءات السرية غير المعلنة، لأنهمنا من الترشح ليس المزيد من التضييق على الناخبين، بل غايتنا رفع الصوت ومساعدة الناخبين على الإختيار. نحن ترشحنا لنقول لهم أنّ هناك خيارًا آخر، وليس صحيحاً أنّ الجنوب تختصره «الثنائية الشيعية» والأحادية الحزبية فعلاً.

ألا ترى أنه لو توحّدت القوى المعارضة ل»الثنائية الشيعية»، كان بإمكانها إحداث خرق جدي؟

بالتأكيد، لكن لنعترف أنّ جزءاً كبيراً من قوى المعارضة مخترق من قبل الأحادية الحزبية التي يمثّلها «حزب الله»، والذي نجح في لبس قناع بعض قوى المعارضة التي باتت تتحدّث باسمه، فيما هي تدّعي أنّها معارضة. وهذا ساهم، مع الأسف، في تعطيل إمكانية تشكيل لائحة واحدة، ولكن في نفس الوقت كشف إلى حد بعيد عن دور هذه القوى المسماة معارضة أمام الناخب، وأمام حالة الإعتراض الجنوبي على وجه الخصوص.

ما الذي يجمعكم ب«القوات اللبنانية»؟

«القوات اللبنانية» حزب لبناني، نختلف معه في شؤون ونتّفق معه في شؤون سياسية أخرى. جوهر اتفاقنا يقوم على قناعتنا بأنّ «القوات» تعمل قولاً وفعلاً لتثبيت سلطة الدولة، ولتأكيد سيادة هذه الدولة على أراضيها، ونلتقي معها أيضاً على دعمها للمؤسسات الشرعية اللبنانية، ولاسيما الجيش اللبناني. وهذه عناوين نرى أنّها أساسية، ومعبر لا مفرّ منه لإنجاز أي عملية إصلاحية على المستوى الوطني ولمكافحة الفساد انطلاقاً من أن عدم وجود سلطة فوق الجميع يتساوى الناس أمامها هو أهم خبر لتضعضع الإقتصاد ولغياب التنمية ولاستشراء الفساد.

«القوات اللبنانية» أثبتت في وجودها داخل السلطة أنها من أكثر القوى السياسية استقامة ونزاهة، إن لم تكن في مقدمة هذه القوى.

إقرأ أيضاً: علي الأمين: حزب الله يدير عملية المحاصصة

هل من تدخّلات للسلطة والأجهزة الأمنية ضدكم؟

مشكلة أجهزة السلطة ليست في تدخّلها المباشر، بل في كونها مستسلمة للقوى الميليشيوية المسيطرة، وبالتالي، مؤسّسات الدولة تبدو ضعيفة أمام سطوة الميليشيا والسلاح، وعاجزة عن لعب دور يشعر الناخب والمواطن أنّها أقوى من الجميع وفوق الجميع، إذ تبدو قوية على الضعيف وضعيفة أمام القوي.

هل تقومون بالدور الذي كان يقوم به اليسار في الجنوب؟

اليسار هو حالة موجودة في الجنوب، تراجع دوره ونفوذه في السنوات الأخيرة إلى حد كبير، وذلك بسبب غياب الوضوح السياسي، إن لم نقل غياب الخطاب السياسي.فاليسار الذي كان يتميّز في عقود سابقة بأنّه يمتلك رؤية سياسية، ولديه برنامج نضالي، يبدو اليوم بلا رؤية وبلا برنامج.

نحن لا ندّعي ولا نطمح لأن نقوم بالدور الذي يقوم به اليسار، ولكن نؤكد على أولوية سياسية في هذه المرحلة في الجنوب ونراها مدخلاً لإعادة الحياة إليه، تتمثّل في كسر الأحادية ومواجهة النزعة الإلغائية وتثبيت التنوّع، وهذه مفاتيح لإحداث أي نهضة إنمائية واقتصادية يفتقدها الجنوب منذ ترسّخت سلطة الثنائية والأحادية فعلاً.

 

إقرأ أيضاً: المرشح علي الامين: تمزيق لافتات «شبعنا حكي» قد يكون اعتداءا فرديا

السابق
وليد عربيد لـ«جنوبية»: المطلوب اميركيا تحويل «حزب الله» الى حزب سياسي في لبنان
التالي
رامي علّيق: نعوّل على مفاجآت أهل الجنوب الذين ذاقوا الهوان