جدار عين الحلوة: سجن اسمنتي كبير

وأخيراً "اكتمل النقل بالزعرور" كما يقول المثل الشعبي وانتهى بناء الجدار الاسمنتي المحيط بمخيم عين الحلوة. ولم تُفتح حتى البوابة التي تم التحدث عنها لمرور أصحاب السيارات التي تتوقف في موقف السيارات فما هي قصة الجدار وكيف بني؟

يقول مسؤول الجبهة الديموقراطية في مخيم عين الحلوة فؤاد عثمان: طرحت فكرة الجدار يوم كان العميد علي شحرور مسؤولاً من استخبارات الجيش في الجنوب عام 2010. يومها قال: نتعرض لضغوط من سفارات أجنبية عدة تخبرنا أن هناك مجموعات متشددة قد تتعرض لقوافل اليونيفيل أثناء تنقلها على الأوتستراد الشرقي في مدينة صيدا أي من الواجهة الغربية للمخيم.

يضيف عثمان: كنا في اجتماع رسمي طلبنا معلومات دقيقة عن الجدار، أجابنا العميد شحرور: أنه حائط اسمنتي عادي من الجهة الغربية، ولا تمويل له ولم نتلق الخرائط والدراسات الهندسية حتى الآن، لذلك لا داعي للإعلان عن ذلك. لكن فتح الموضوع مجدداً عام 2015 وتم الحديث عنه. وفي عام 2016، استدعى العميد خضر حمود اللجنة الأمنية ومسؤولي الفصائل الفلسطينية، كل على حدة، وبحث معهم موضوع الجدار. ويومها قال: إنه حائط اسمنتي يحيط بالمخيم وأبراج اسمنتية كي تمسك الحيطان. ولما بدأ العمل تبين أنه ليس حائطاً فحسب بل جدار اسمنتي مسلح مع أبراج عالية للمراقبة وهو يلف المخيم بأكمله.

اقرأ أيضاً: تقاسم نفوذ في المربعات الامنية في مخيم عين الحلوة

انعكاسات سلبية

ويتابع عثمان: للأبراج انعكاسات سلبية وخصوصاً أنها تطل على مداخل البيوت وشبابيكها ما يؤثر سلبياً على النسيج الاجتماعي، وهذا الأمر دفع الناس إلى سد الشبابيك والمداخل من جهة الجدار. والأهم من كل ذلك، أن وجود هذه الأبراج تؤدي إلى أزمة نفسية وإنسانية وتدفع اللاجئ للشعور أنه يعيش في سجن كبير، شعرنا أن الهوة تكبر بيننا وبين مدينة صيدا، إننا بحاجة إلى جسور بيننا ولسنا بحاجة إلى حواجز عازلة. وما أصفه هو شعور كل فلسطيني يعيش في المخيم.

ذرائع وعجز

ويزيد: حتى الفصائل الفلسطينية تعرضت للانتقاد لموافقتها على بنائه، وحديث الناس، إذا كنتم لا تستطيعون وقف بنائه على الأقل قولوا إننا غير موافقين.

وعن الذريعة التي يتحدثون عنها، ذريعة المطلوبين، يوضح عثمان: هذه الذريعة لا قيمة لها، على الرغم من بنائه فإن المطلوبين يدخلون إلى المخيم ويخرجون وآخرهم أبو خطاب وشادي المولوي. الجدار يلف المخيم والدخول والخروج محصور في خمس بوابات، فكيف خرجا الاثنان؟

وعن الخطوات التي قاموا بها، يقول عثمان: جلنا على الفاعليات الصيداوية كلها وحذرنا من الانعكاسات السلبية لبناء الجدار، لكن لم نلق جواباً إيجابياً. الآن أنجز بشكل كامل. وأريد أن أشير إلى نقطة أنه في حي حطين كان هناك ملعب كرة قدم، صالة أفراح وموقف للسيارات، كانت هذه البقعة متنفساً لأهالي الحي. أخبرونا أنهم سيفتحون بوابة للموقف، لكن بعد إنجاز الجدار حتى هذه البوابة لم تفتح.

ويحاول عثمان تسليط الضوء على جانب آخر من المشكلة بقوله: بناء هذا الجدار يعطي مبرراً بالتحريض على المخيم من داخله من خلال تحميل الفصائل الفلسطينية وحتى الأطراف الإسلامية المعتدلة مسؤولية الموافقة على بنائه. وأريد أن أختم بالإشارة إلى ان مخيم عين الحلوة قد نأى بنفسه عن كل الأحداث اللبنانية الداخلية.

شؤون 166

سجن كبير

وتتوافق رواية مسؤول حزب الشعب في مخيم عين الحلوة عمر نداف مع رواية عثمان بشأن قرار إنشاء الجدار وإنجازه لكنه يتساءل: هل يؤثر هذا الجدار على الوضع الاقتصادي لأهالي المخيم، وعلى الوضع الاجتماعي؟ يجيب: لا، لكن يؤثر إنسانياً ونفسياً، إذ يحول المخيم إلى سجن كبير يضم نحو مئة ألف لاجئ. تحت حجج أن هناك ثغرات أمنية تسمح بدخول وخروج مجموعات متشددة في المنطقة ما بين خط السكة وحي حطين، أقيم الجدار لكنه يلف كل المخيم من كل الجهات وقد تم تمويله من الاتحاد الأوروبي بحجة المخاطر الأمنية التي قد تتعرض لها قوات اليونيفيل.

اقرأ أيضاً: نساء عين الحلوة: تمييز فوق التمييز

ويضيف: بناء هذا الجدار مع البوابات التي أقيمت على مداخل المخيم ومخارجه تشهد ممارسات بشعة مع الفلسطينيين. ويقولون ان القدرة الفلسطينية على ضبط المجموعات المتطرفة غائبة، ذلك غير صحيح، لأن مخيم عين الحلوة لم يمارس أي ممارسة ضارة بالمحيط اللبناني.

على الرغم من كل شيء بني الجدار وتحول عين الحلوة إلى غيتو بكل معنى الكلمة.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 166 شتاء 2018)

السابق
عبارات نابية على صورة باسيل وجاد صوايا!
التالي
لقاء «سيدة الجبل»: قرار الثنائي الحزبي الشيعي ينسف ميثاق العيش المشترك