زرادشت صديقي

منذ نحو 20 سنة رزقني الله صديقاً لا يشتري كتاباً ولا يرغب بقراءة الكتب (كثيراً) لكن سبحان الله الذي خلق عقله بأحسن تقويم.

عقلاً محمولاً ببصيرة مشرقة بنور العلم والمعرفة والحكمة ، ويداً كريمةً تتلذذ بالجود والكرم ، وقلباً عطوفاً يتحسس لآلام الفقراء في النبطية والموزعين في القارات ، وغيرة ، وأنفة وشهامة ونخوة مفعمة بالروح الإنسانية الشفافة ، ينحاز بها لنصرة كل مظلوم ولو كان يهوديا وخذلان الظالم ولو كان شيعيا ، دينه خاضع لسلطة عقله وضميره ووجدانه وفطرته ويرفض العكس أي يرفض خضوع العقل والروح والضمير والفطرة لسلطة النصوص الدينية والفتاوى الدينية والروايات الدينية تحديدا دائما يقول لي أنا مؤمن بالله وأعشقه بلا حدود لكن حينما تتعارض النصوص الدينية مع فطرتي وعقلي ووجداني وأخلاقي الفطرية سوف أنحاز إليها ضد سلطة النصوص الدينية وبخاصة الروايات عن عن عن عن عن….
ويملك صديقي روحاً شجاعة وجريئة فوق ما يتصوره الخيال في التمرد على أعظم فكرة دينية أو فلسفية حينما لا يرى لها أي أثر صالح في سلوك المجتمع ، ويملك قدرة خارقة في تمييز الخرافة من المعجزة ويقول لي أنا لا أؤمن بأية معجزة إن لم تكن مذكورة بالقرآن الكريم ويسخر من غزارة المعجزات المحمولة بالروايات ويستهزئ بها أشد السخرية تلك التي يذكرها رجال الدين في المساجد والحسينيات إنه يملك قدرة عقلية ممتازة على تعريب الأسطورة من الحقيقة.
فسألته يوماً عن السر الكامن وراء موهبته؟

إقرأ أيضاً: حوار بين الشيخ حسن مشيمش وبين شيخ قيادي في حزب ولاية الفقيه

وبعد إلحاحي عليه أجاب بروح شفافة متواضعة بقوله :
حينما عاهدت الله تعالى أن أثق برزقه وأن لا أخاف عليه من مخلوق مطلقا وذلك حينما أُفْصِحُ عن قناعاتي بين الناس أن لا أخاف من مخلوق مطلقا من أن يلحق الضرر بمصالحي المادية والتجارية لأن الخوف من الناس على الرزق هو شرك بالله خفي مستور يسلبنا الرحمة ، والحكمة ، ونور العلم ، ويحرمنا من التسديدات الإلهية نحو الصواب والحق والعدل والخير ، حينها وجدت نفسي صارت تتمتع ببصيرة منيرة ترى الحق حقا ، والباطل باطلا ، والصحيح صحيحا ، والخطأ خطأ بدرجة عالية وممتازة ، أملك معها القدرة على إرباك الآخرين كل الآخرين وبخاصة رجال الدين الذين هجروا القرآن والعقل إلى كتبهم الصفراء المحنطة واستوطنوا في مغاراتها المظلمة وغاباتها المعتمة حتى ازدادوا جهلا وسفسطة بألفاظ وعبارات لم تعالج أزمة من أزماتنا الكوارثية و لا أثر لها ولا نتيجة ولا ثمرة صالحة في مجتمعاتنا منذ قرون
بل على العكس لم تسبب لنا سوى التخلف والفقر والعداوة والبغضاء والكراهية وقساوة القلوب؟

إقرأ أيضاً: ماذا تقول الفعاليّات الشيعيّة عن حرية النقد في قضية الشيخ مشيمش(2/2)

قال لي لن يخرج الإنسان من الشرك الخفي والمستور حتى يثق برزق الله ثقة مطلقة ويطهر قلبه من الخوف على هذا الرزق من البشر والأحزاب الدينية والحكام ورجال الدين حينما يعزم و يصمم على الإفصاح عن قناعاته الفكرية والدينية والسياسية أمامهم وهذه الآية تهز كل جوارحي :
{ وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون }.
الشرط الأول ليصير الإنسان مشروع عاقل يجب أن يعتقد بأن أي مخلوق ينزعج من فكرتي لن يستطيع هو ولا كل الخلق أن يمنعوا رزق الله عني.

السابق
إيران السوفياتية… ما العمل؟
التالي
سجال الأقدمية يزداد ضراوة.. ومخاوف على عمل الحكومة