مطالب اقتصادية وصراع أجنحة سببت الإحتجاجات في إيران

ما هي الأسباب الكامنة وراء الغضب الشعبي الإيراني؟ وهل ستتطور الإحتجاجات في إيران إلى ثورة ضد النظام؟ وهل ينجح الإيرانيون بإبعاد مطالبهم المحقة عن الإستغلال والتوظيف السياسي؟

دخلت الإحتجاجات في إيران يومها السادس، وبعد أن بدأت التحركات  في مدينة مشهد امتدت إلى مدن أخرى، كحركة احتجاجية ضد الفساد والأوضاع الاقتصادية والتضخم المالي، إلى أن تطورت لاحقا إلى رفع شعارات تطالب بإسقاط الحكومة ومناهضة للزعماء الإيرانيين ومن بينهم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس حسن روحاني. وحتى الآن أسفرت الاحتجاجات عن مقتل 21 إيرانيا، بينهم عناصر من الشرطة، اضافة الى إعتقال المئات.

هذا وتتهم السلطات الإيرانية مجموعات معارضة “معادية للثورة” موجودة  في الخارج، وكذلك الولايات المتحدة والسعودية، باستغلال استياء المواطنين الإيرانيين من الوضع الاقتصادي لخلف فوضى في الداخل.  وقد اتهم خامنئي أمس من وصفهم بأعداء إيران بإثارة الاضطرابات، في أول رد رسمي على ما يحدث عبر تغريدة إلكترونية.

وفي هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع المحلل السياسي المختص في الشأن الإيراني، حسن فحص، الذي رأى أن “إنهيار إيران يعني تقسيمها، وبالتالي ليس من مصلحة دول الجوار والدول الكبرى أن انقسامها كما كان الحال بالنسبة لإستقلال إقليم كردستان حيث وقفت هذه الدول ضد إنفصالها عن العراق”.

وأشار إلى أن الصراع الحالي في إيران هو داخلي بين التيارات السياسية في النظام الواحد، لافتا الى انه في البداية كانت الإحتجاجات عبارة عن حركة إعتراضية على الأزمة الإقتصادية  وقانون الضرائب حتى تم إستغلال الحراك من قبل مجموعات صغيرة التي رفعت شعارات أعطت النظام مبررات ليكون متشددا ويستخدم القوّة”.

والمفارقة بحسب فحص أن “تيار رابطة الملكيين في ايران” ومجاهدي “خلق” يطرحون أنفسهم كبدلاء للنظام في وقت ليس لدى التياران قاعدة شعبية تجعلهما يحكمان مدينة واحدة فكيف الحال بالنسبة لدولة إيران”.

كما أكّد أن ” ما يحدث الآن في إيران هو صراع داخلي بين التيارات السياسية وليس بين النظام والشعب،  إلّا أنه لا يمكن إنكار أن الإحتجاجات بدأت بطابع شعبي مطلبي”. مشيرا إلى أن ”  المرشحين السابقين للرئاسة محمد باقر قاليباف وإبراهيم رئيسي، إضافة الى الرئيس السابق أحمدي نجاد هما من حركا الإحتجاجات  في “مشهد” التي تعتبر من أكثر المدن المتضررة من المشاريع الإقتصادية  الوهمية حيث تحرك 160ألف من المستثمرين والموديعين لتحصيل أموالها إضافة إلى الوضع الإقتصادي المتردي والتضخم المالي”.

 

وبالنسبة للرئيس روحاني إعتبر فحص ان ” الهدف  الأساسي  هو الإطاحة بروحاني أو إضعافه، لكن ذلك لن ينجح لسبب أن خامنئي لا يتحمل الإطاحة به”.  مشيرا إلى أن روحاني “ورث الأزمة الإقتصادية وإنهيار العملة الإيرانية منذ ولاية نجاد  المتهم بسوء الإدارة الإقتصادية  وبفساد مالي  بما يقارب 700 –  800 مليار دولار،  والذي يتحمل جزءا منها أيضا خامنئي الذي أطلق يد نجاد في الداخل “. هذا ولفت إلى أن “روحاني يحاول ترميم وتصحيح السياسات الإقتصادية والفساد  الذي جرى خلال عهد نجاد إلا ان هذا يحتاج لسنوات”.

كما رأى أن نجاد “له دور بما يحدث الآن في إيران فإن لم يكن له دور أساسي بالتحركات، فله دور أساسي بالمسببات، مؤكدا أن لو بقي نجاد في الحكم لكان النظام الإيراني إنتهى “.

 

وفي سؤالنا حول ما إذا كانت هذه الإحتجاجات ستأخذ منحا تصاعدي أو انها عابرة رأى فحص أنها “سوف تنتهي، ولن تتطور أكثر من ذلك مشيرا إلى أن إحتجاجات عام 2009 كانت اضخم  وأخطرحيث نزل إلى الشارع نحو 3 مليون إيراني  إلا انها سرعان ما انتهت وبعدها إستطاعت إيران إحتلال 4 عواصم “.  لكن في الوقت نفسه لفت إلى أنه “لا نستطيع أن نجزم ذلك خصوصا أن المسألة ترتبط بنسيج مجتمع الذي يتفاعل ويتغير بحسب الظروف”.

 

 

من جهة ثانية ، رأى الصحافي والمحلل السياسي غسان جواد في حديث خاص لـ “جنوبية”،  أن التحركات في اليوم الأول والثاني كانت مطلبية وشعبية،  وغالبية الذين نزلوا إلى الشارع تحركوا على خلفية مطالب إقتصادية وإجتماعية”. مشيرا إلى أن هناك “مخطط يستهدف الجمهورية الإسلامية ودورها في المنطقة، كما أن فشل كل محاولات تقليم أظافر  إيران أدّى إلى إستخدام الورقة الأخيرة عبر تحريك الداخل وبهذا الإطار وبعدما إكتشف المتظاهرين لأسباب مطلبية.. الأهداف الحقيقية لمن  إستغل  هذه التحركات إنسحبوا وبقي المشاغبون ومن لديهم مشاكل مع النظام”. كما أكد على أن “من الواضح أنه يتم تحريك هذه الجماعات من الخارج وهو ما يبدو واضحا من خلال مسارعة الرئيس الأميركي ورئيس وزراء إسرائيل إضافة إلى الإعلام السعودي لتبني هذه التحركات وإعتبارها ثورة وإنتفاضة  ما يدل على أن هناك من يريد إستثمار ذلك والمسألة لا تتوقف عند البعد الإقتصادي”.

كما رأى ان “الأوضاع في إيران تحت السيطرة، فقد تستغرق وقت كي تنتهي لكن لا خوف على الجمهورية الإسلامية لأن الشعب الإيراني يختلف عن الشعوب العربية من حيث أنه يعتبر نفسه “دولة أمة” وبالتالي  هذا الشعور يجعله يتريث بالقيام بأعمال التخريبية وأعمال العنف”.

إقرأ أيضاً: إيران.. ثلاثية الفساد والفقر والاستبداد

كما أكّد جواد انه “من الواضح أن مجاهدي خلق والتيار القومي الإيراني يتصدران المشهد، وهذان التياران خلافهما مع الدولة الإسلامية في إيران بأنها منخرطة في قضايا المنطقة وداعمة لقضايا العرب والمسلمين في حين أنهم يعتبرون أنفسهم قومية وأمة مختلفة  كليا وغير معنيين بأي علاقة خاصة مع العرب والمسلمين”.

كما إعتبر أن محاولة إسقاط إيران ستجلب حروب وأزمات على المنطقة، مشيرا إلى 75% من الأمكنة التي يطلق منها “الهاشتاغ” والتغريدات على مواقع التواصل خارج إيران وحوالي 50% من هذه النسبة تغرّد من السعودية “.

وفيما هل تستطيع إيران تخطي  الأزمات الإقتصادية والإجتماعية قال جواد ” لا شك هناك مطالب وجيهة ومشاكل حقيقية لكنها لا ترتقي أن يدمّر الشعب بلده، وفي مكان ما سوف يتم الإستجابة لجزء من  المطالب، كما سوف يتم التعامل بالقانون مع المجموعات المدفوعة لإفتعال الشغب”. وتابع “في متابعة للإعلام للغربي يظهر أن هناك بعض وسائل إعلام عربية بدأت تعليم المتظاهرين كيفية إعداد قنابل “الملوتوف” في وقت هذا الأمر لا يفيد الحراك المطلبي بل يعطي الدولة مبررا لقمع المتظاهرين”. مؤكدا في الختام أن “لا خوف على إيران”.

إقرأ أيضاً: إيران.. لا نجرؤ على التفاؤل

النظام الإيراني اليوم أمام تحدٍّ كبير حتى ولو يجري توظيف المطالب الإقتصادية المحقة لأغراض سياسية ـ فهل تستطيع إيران الوقوف بوجه الغضب الشعبي ووضع حد للأعمال التخريبية التي يتوسع إطارها لتلحق إيران بجيرانها العراق وسوريا واليمن والبحرين..

السابق
نصرالله يرفض الرد على سؤال حول حجم المساعدات الإيرانية
التالي
نصرالله: إعلان ترامب بشأن القدس يعني نهاية إسرائيل