النظامُ فشلَ في ايران…بمحافظيهِ وإصلاحييهِ

فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

من مشهدَ أو مدينةِ الإمامِ الغريبِ، بدأ مشهدٌ إيرانيٌّ جديدٌ قبل أيامٍ، عبر احتجاجاتٍ وتظاهراتٍ بسبب أزمةُ فسادٍ طالت ودائعَ أكثرَ من مئةِ ألفِ إيرانيٍّ في إحدى شركاتِ البناءِ، فسادٌ كان وراءه مسؤولون في النظامِ الإيرانيِّ منذ عهد الرئيس أحمدي نجاد، وإلى هذه الأزمةِ تعاني المدينة ُكما بقيّةُ المدنِ والأريافِ الإيرانيةِ من ارتفاع نِسَب ِالبطالةِ، وتراجعِ القدرة ِالشرائية ِللمواطنينَ وسطَ زيادةِ الإنفاقِ العسكريِّ في ظلِّ خيبةٍ تعمُّ فقراءَ إيرانَ الذين اتسعت رقعتُهم الديموغرافيةُ على امتدادِ جغرافيا بلادِ فارس.

من مشهدَ إلى خراسان وأزاد فطهران وصولاً إلى خمسين مدينةٍ إيرانيةٍ، خرج المحتجون على سياسة إفقارِهم لكنّهم هذهِ المرّةِ رفعوا أصواتَهم وقبضاتَهم ليس ضدَّ المحافظينَ أو الحكومةَ، بل كان الاحتجاجُ ضدَّ النظامِ بمختلفِ رموزِه.

إقرأ أيضاً: هذه أسباب التظاهرات في إيران ولذا تختلف عن ثورة 2009

ثمّة إقرارٌ من الجميع بأنّ فقراءَ إيرانَ والجوعى هم من خرجوا إلى الشارع،ِ خرجوا من دون قيادة ٍترشدهم، ولا استجابةً لمعارضةِ الخارجِ، أخرجَهم الجوعُ، والفقرُ، وفسادُ السلطةِ. خرجوا وهم يدركون أن لاشيءَ سيخسروهُ، بل إذا كان من ربحٍ فلن يكونَ بغيرِ رفع الصوتِ في الشارع.

ما يواجههُ نظامُ إيرانَ الإسلاميُّ، يتجاوزُ السؤالَ المتصّلَ بقدرته على لجمِ التحركاتِ وقمعُها، وربّما ينجح ُالنظامُ في لجمِ التحركاتِ وإنهاءِ الاحتجاجاتِ وربما لن يستطيعَ، لكنّ التظاهراتِ تفضح ُما بقي من عوراتٍ مستورةٍ لنموذجٍ قدّمَ نفسَه كثورةِ دينيةِ إلهية ِستجلبُ الخيرَ والسعادةَ لشعبِ إيرانَ منذ أن أسقطتْ نظامَ الشاهِ قبل أربعة ِعقودٍ، لكنّ ما كشفته التحركاتُ أنّ الإيرانيين فقدوا ثقتَهم بهذا النظامِ، بإصلاحييه ومحافظيه، إذ لم يُرفعْ في هذه التظاهراتِ أيُّ شعارٍ دينيٍّ ولا أيُّ شعارٍ من شعاراتِ الثورةِ التي انتصرت بها بقيادة روحُ الله الخمينيّ، بل لم يتقدم صفوفَها أيُّ رجلِ دين.

إقرأ أيضاً: مظاهرات إيران: ماذا تبقى من قوة النظام وأيديولوجيته

هزيمةُ النظامِ الإسلاميِّ وثورتِه في إيران هنا، في أنّ الإيرانيين الذين خرجوا إلى الشوارعِ محتجين ضدَّ إفقارِهم وضدَّ فسادِ النظامِ وصولاً إلى المطالبةِ بإسقاطِه أو إسقاطِ رموزِه، هؤلاء يكشفون أنّ الثورةَ التي وعدت بتحسين أحوالِ عيشتهم قبل أربعة عقود فشلت وانتهت، وما تبقّى منها هو أسوأُ ما فيها، أي السلطةُ الديكتاتورية.

جاذبية الثورةِ الإسلاميةِ لدى الإيرانيينَ تلاشتْ كما قال الشارعُ في معظمِ المدنِ الإيرانيةِ، وهذه هي الهزيمةُ للنموذجِ الذي يحاولُ أن يفرضَ نفسَه في لبنانَ والعالمِ العربيِّ… فتأملْ أيّها اللبناني.

السابق
سوريا أعلنت تضامنها الكامل مع إيران وسيادتها
التالي
فيديو يُوثق لحظة إطلاق النار على المتظاهرين الايرانيين