نصرالله الحزين: حتى أنت يا جبران!

احمد عياش

لم يكن يخطر في بال أحد ان تتحول الاتظار فجأة الى حدثيّن يتصلان بإيران: الاول، تمثل بالتحرّك الشعبي الساخط في مشهد ثاني أكبر المدن الايرانية إحتجاجا على تردي الاحوال المعيشية وتطور الهتاف الى وصف المرشد الامام علي خامنئي ب”الديكتاتور” إضافة الى الهتاف”الموت لروحاني” رئيس الجمهورية. والثاني، المواقف التي أعلنها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من إسرائيل.

اقرأ أيضاً: حزب الله بين أبو العباس وأبو غبريال

لا جدال في أن قوة الجمهورية الاسلامية تنبع من سيطرة حكامها في إيران وفي سائر مناطق النفوذ التي تنضوي فيما يسمّى “الهلال الايراني”. وكل إضطراب في هذه المناطق يستشعر من خلاله حكام طهران خطرا لا مفر من التعامل معه بحزم، كما كان الحال أبان الثورة الخضراء عام 2009 والتي ما زالت تداعياتها المأسوية مستمرة الى أيامنا هذه. ومثل هذا الاضطراب في عام 2009 في إيران شهدنا إضطراب مماثل في حي السلّم بالضاحية الجنوبية لبيروت في تشرين الاول الماضي وتطوّر الاحتجاج الى إطلاق هتافات معادية للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ما دفع الحزب بلسان أحد نوابه علي عمار الى إطلاق شعار “تقبيل حذاء” نصرالله وإجبار أصحاب الهتافات المعادية بتقديم فروض الطاعة عبر شاشات التلفزة التي غطّت غضبهم.
بالطبع,سارعت أجهزة الامن في إيران الى إحتواء تمرد مشهد بتوقيفات طالت عشرات المتظاهرين الذين تم الزجّ بهم في غياهب سجون النظام التي ذاع صيتها السئ عبر عشرات الاعوام.لكن المشكلة في لبنان اليوم هي من نوع يصعب إحتواءه لإنه يتعلّق بمسؤول بارز لطالما تباهت طهران و”حزب الله” بمواقفه وآخرها في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الاستثنائي في القاهرة عندما إنبرى باسيل الى رفع نبرة العداء لإميركا وإسرائيل معا إنتصارا لقضية القدس بما تفوّق على المناخ العربي السائد الذي تعاطى مع هذه القضية بمنطق ديبلوماسي أثمر في نهاية المطاف قرارا تاريخيا أصدرته الجمعية العام للامم المتحدة بعدما سدّ الفيتو الاميركي السبل امام التراجع عن قرار واشنطن إعتبار القدس عاصمة لدولة إسرائيل. وفي ذلك المؤتمر العربي دعا الوزير اللبناني الى فرض عقوبات إقتصادية على واشنطن وهو أمر لا سابق له في التاريخ الحديث لإن واشنطن هي من يفرض العقوبات وليس العكس!
من تابع الاعلام الايراني وما له صلة به في لبنان يتبيّن له ان هناك صدمة هائلة مما جرى بالامس في بيروت ومشهد. وقد عبّر عنها الوسط الذي يمثل البيئة الحاضنة ل”حزب الله” الذي فاقت تغريداته عشرات الالاف في الساعات الماضية إستنكار لما صدر عن باسيل الذي أصدر توضيحا أعاد الى الواجهة الثوابت التي تربط بين “التيار الوطني الحر” والحزب. لكن هذا التوضيح لم يعالج الشرخ الذي يبدو انه عميق بين الجانبيّن. وأكثر المصابين في هذه التطورات هو نصرالله الذي يبدو ان لسان حاله يقول اليوم: “حتى أنت يا جبران!”

السابق
محفوض يُعلن ترشحه للإنتخابات النيابية
التالي
جريصاتي: القانون إنتصر والقضاء يبقى متاحًا عند توافر شروط المراجعة