الرياض تهدي الى الحريري سفارة وعون «يهدي» الى الثنائي الشيعي أزمة!

احمد عياش

لا يزال كثيرون في الوسط السياسي تحت وطأة المفاجأة التي تسبب بها مرسوم ترقية الضباط والذي يشير الى ان هناك أزمة متصاعدة في العلاقات بين الرئاستيّن الاولى والثانية لا يبدو معها انها ذاهبة الى إنحسار في المدى المنظور.لكن هذه المفاجأة إتخذت بالامس أبعادا جديدة بعد قرار الرياض قبول أوراق إعتماد السفير اللبناني الجديد فوزي كبارة بعد أشهر من الانتظار ما غيّر المشهد الذي إرتسم في سماء العلاقات بين البلدين بعد أزمة إستقالة رئيس مجلس الوزراء سعد في الرابع من تشرين الثاني الماضي ,وإعلان هذه الاستقالة من العاصمة السعودية.

في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء هذه السنة والتي ترأسها الحريري في السراي,طرح وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة موضوع التأخير في قبول اوراق إعتماد السفير الجديد في لبنان وليد اليعقوب والتأثير السلبي الذي يتركه هذا التأخير على العلاقات اللبنانية-السعودية عموما وعلى مئات الالاف من اللبنانيين العاملين في المملكة خصوصا.وكان الرأي الاخر المقابل الذي يعكسه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مفاده ان اوراق السفير كبارة قد ذهبت قبل وقت طويل الى المملكة ولم يجر البت بها وعليه فإن المنطق يقتضي بأن تقبل الرياض أوراقه قبل أن تقبل بيروت اوراق السفير اليعقوب الذي إنتدبته المملكة حديثا الى لبنان.وهنا تدخل رئيس الحريري إزاء هذيّن الموقفيّن داعيا الى ترك الموضوع ليعالجه شخصيا.

إقرأ أيضاً: نيويورك تايمز تكشف خفايا إقامة الحريري في الرياض: عومل كموظف سعودي

وكانت النتيجة التي تمثل نبأ سارا في سماء العلاقات اللبنانية-السعودية الملبّدة هو موقف الرياض الايجابي من تعيين كبارة سفيرا للبنان في المملكة والذي سيؤدي تلقائيا في الاسبوع المقبل الى قبول اوراق اليعقوب سفيرا للملكة في لبنان.وفي رأي المراقبين ان سنة 2017 التي شهدت تطورات دراماتيكية بين العاصمتيّن اللبنانية والسعودية وصلت الى نهايتها مع تطور إيجابي يكتسب أهمية بالغة نظرا الى دلالاته على مستويات عدة وفي مقدمها مستوى الروابط بين الحريري والرياض .وقد سبق لوزير مقرّب من بيت الوسط ان أبلغ “النهار” قبل أيام ان الحريري واثق من أنه هو المؤهل للدفاع عن مصالح السعودية في لبنان.وعلى ما يبدو الان ,ان الرياح الدافئة قد هبّت مجددا على هذه المصالح, وسيكون هذا أول الغيث في هذه الرياح إظهار الموقع القوي الذي عاد الحريري ليحتله في الرئاسة الثالثة.

في مقابل هذه المشهد الديبلوماسي السار,أطل مشهد سياسي كئيب على لبنان تمثل بأزمة مرسوم ترقية الضباط.وما لم يرو حتى الان كفاية في هذا المشهد, أطلعت عليه “النهار” من اوساط وزارية التي قالت ان المرسوم الذي يتناول خريجي آخر دورة في المدرسة الحربية عندما كان العماد ميشال عون رئيسا للحكومة العسكرية عام 1990 يتضمن التدخل في التسوية التي توصل اليها مجلس الوزراء عام 1994 في عهد الرئيس الياس الهراوي وقضت بقبول نتائج هذه الدورة التي كانت اعوامها مختصرة بسبب الظروف الاستثنائية بعد مرور عاميّن على إنتهائها,ما يعني ان سنوات خدمة الخريجيّن بدأت متأخرة عامين فسعى المرسوم الجديد الى حل وسط يقضي بمنح الخريجين أقدمية سنة تبدأ العام 1993.

وبعد إنسداد الافق امام هذا الحل في مجلس النواب لجأ عون من موقعه كرئيس للجمهورية ومن خلال وزارة الدفاع الى وضع مرسوم كاد ان يحظى بكل الموافقات بدءا من الرئيس الحريري الذي مهره بتوقيعه على ان يحوّل على وزير المال علي حسن خليل الذي ينتمي الى كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري.غير أن إعتراضا ظهر من اللواء محسن فنيش المدير العام للإدارة في المجلس العسكري وهو العضو الشيعي في المحلس الذي تعود اليه صلاحية النظر في المرسوم إنطلاقا من إعتبارات تتعلق بالتوازن الطائفي داخل هذه الدفعة من الخريجين ما أدى الى فرملة موافقة بري على المرسوم.وعندما وصل نبأ موقف بري الى قصر بعبدا جرى التواصل مع السراي كي لا يذهب المرسوم الى التوقيع من وزير المال فيصدر المرسوم عندئذ تحت عنوان أن لا نتائج مالية له تبرر توقيع وزير المال .

لكن قرر الحريري عدم نشر المرسوم في الجريدة الرسمية ريثما يجري إحتواء الازمة بين قصر بعبدا ومقر عين التينة والتي ما زالت متمادية حتى الان.وأكثر من ذلك,ووفق معطيات الاوساط الوزارية نفسها,قرر الرئيس بري في حال عدم التوصل الى حل لمعضلة المرسوم الذهاب الى خيار ان لا تكون هناك مشروعية لأي قانون إلا في المجلس النيابي وليس بالنشر في الجريدة الرسمية وذلك من أجل إستعادة التوازن الذي قرره إتفاق الطائف حسبما يرى بري.

إقرأ أيضاً: عون: موقف لبنان كان مواجهة لما حصل مع الحريري
ما يبدو واضحا حتى الان من خلال قضية مرسوم الضباط ان “حزب الله” قد سلّم لبري قيادة المواجهة مع بعبدا وهو ما يمثل معضلة جديدة في علاقة الحزب مع حليفه عون .أما الاخير,فصدرت عنه مواقف تدل على مضيّه قدما في المرسوم غير آبه بتداعياته على الثنائي الشيعي.وهكذا,يودع الحكم سنة 2017 بوضع سوريالي لم يكن يتوقع فيه أحد ان تهدي الرياض الحريري حلا لمشكلة العلاقات الديبلوماسية فيما كان رئيس الجمهورية “يهدي” الثنائي الشيعي أزمة مرسوم الترقيات!

السابق
أبو فاعور: غاب ممثلو التجار ولكن حضر نبيهم الزائف
التالي
بعد مناقشتة الأحداث والمستجدات «التجمع اللبناني» يصدر بياناً