ضحايا الاغتصاب في بلادنا… بين التعنيف والإحتواء القانوني والعيادي

الاغتصاب
"مغتصبات" ولكن، لا يعلم أحد قصص المغتصبات إلاّ ما ندر، فالجرأة تفتقدها الضحية في مجتمع جلاّد!

يوم الثلاثاء 12 كانون الأوّل عرضت القناة الفرنسية الثانية، وثائقياً مصوراً عن السجينات في سجون الأسد، وتضمن الوثائقي شهادات لعدد من النساء اللواتي تعرضن للتعنيف الجنسي أثناء التحقيق، كما لفت إلى المصائر السوداء التي تواجه هؤلاء الضحايا المغتصبات بعد تسريحهن والتي تبدأ بالنبذ وصولاً إلى القتل.

اقرأ أيضاً: شهادات حية من مغتصبات في السجون الأسدية

الواقع الذي تعانيه المغتصبة لا يقتصر على السجون، ولا على البيئة السورية، فحتى لبنانياً لا يتم التعامل في كلّ الحالات مع الجسد المغتصب كضحية، وإنّما يتم البحث عن السبل “لغسل العار”، وإن كانت جريمة الشرف قليلة في مجتمعنا الذي يعد أكثر انفتاحاً من غيره، إلّا أنّه يتم في عدد من الأحيان تزويج المغتصبة من المجرم الذي اعتدى عليها وهذا ما حاربته الجمعيات المعنية بحقوق المرأة في لبنان والتي تظاهرت وتحركت لإلغاء المادة 522 التي تسقط العقوبة عن المغتصب في حال زواجه من الضحية.

وفيما لا يزال الشرقيون يتعاملون مع الاغتصاب عموماً كـ “تابو”، ولمعرفة كيفية السبل لإعادة دمج الضحية في مجتمعها وحماية، تواصل موقع “جنوبية” مع الدكتور في علم النفس أحمد عياش الذي كشف لموقعنا أنّ “التجربة العيادية تفيد أنّ الحالة النفسية للمغتصبة تكون وفق الشريحة العمرية أولاً وثانياً وفق حالة الوعي لدى العائلة وثالثاً وفق مستوى تعليم المغتصبة ورابعاً وفق سمات شخصية المغتصبة السابقة لحدث الإغتصاب”.

مضيفاً “من هنا لا يمكن الحديث بالجمع عن المغتصبة لأنهن لسنا واحدة بل حالات متفرقة وفق معايير متنوعة لذلك بإمكان مغتصبة أن تحضر وتتحدث عن الإغتصاب كحادث يحصل ومحتمل وتلعن حظها وقدرها وأخرى أن تحضر وهي تشعر بالذنب لوضعها ونفسها في لحظة خاطئة ومكان خاطىء وتلعن نفسها قبل قدرها، ومغتصبة تجد أنّ الحياة انتهت عند الحادثة لتوسخها وتنجسها وعند عدم اقتناع الناس بروايتها عن الحادثة، ومغتصبة أخرى تكون محاطة بالوسط العائلي المتضامن معها والمرتاحة لتفهم المحيط لروايتها واقتناعهم بصدقها، كما تحضر مغتصبة تريد التستر على الأحداث لتطويق الموضوع وأخرى تحضر لتقرير طبي لترفع دعوى لتنتقم لذلك لسنا حالة عامة بل حالات متفرقة وإن بدا على الجميع الحزن والتوتر والقلق وشعور الانتقام من الذات أو من المغتصب أو من القدر”.

اقرأ أيضاً: من الجنس الى الاغتصاب… الحقّ على الكهرباء

وفيما يتعلق المجتمع وموقفه أوضح الدكتور عياش أنّه “من تجربتنا العيادية وسابقاً في العمل الإجتماعي البلدي، تحاط المغتصبة بما أسميه الأمن العائلي والاجتماعي على سبيل الحيطة والمحبة والخوف من تعرض المغتصبة لحادث آخر صادم أو أن تكون فريسة لخداع من أشرار يستغلون التناقضات العاطفية لدى المغتصبة ليصلوا إلى اهداف جنسية، ولكن هذه الحالات نادرة بل ما شاهدناه و واكبناه هو التعاطف مع المغتصبة والميل إلى السترة ولو يتردد كثيرون بالتقدم لخطبتها مما يجعلها تشعر في مكان ما وكأنّها مساهمة في جريمة لم ترتكبها”.

متابعاً “تجربتنا العيادية لم تسجل تعرض مغتصبة للقتل أو الملاحقة من أي طرف عائلي لان المغتصبة بنظر الجميع ضحية ويتعاطف الآخرون معها شرط أن تكون فعلاً مغتصبة والواقع القانوني قائم لا أن يكون الكلام إيحاءات مشبوهة… وكما تقدمنا سابقاً في العلاج والمتابعة على علاقة بحيثيات الحدث وشخصية المغتصبة والشريحة العمرية والتعاطف العائلي ولو أنّ القلق الاكتآبي مع لوم الذات خطأ تبدو كإشارات واضحة تستدعي التدخل العلاجي”.

السابق
سوق صيدا القديم يحافظ على تراثه: جدران «عتيقة» وبضائع رخيصة!
التالي
حسن الرفاعي ابن العاصيين لا ابن العاص