عن قرارات الجامعة العربية المتأخرة…

اجتماع وزراء الخارجية في الجامعة العربية
ربما كان متوقعا مزيد من الضغط على لبنان وحزب الله بعد كل ما شاهدناه من إرهاصات منذ إستقالة رئيس مجلس وزراء لبنان سعد الحريري لكن ليس لدرجة القرار الواضح والصريح والذي لم تفلح جهود وزير خارجية لبنان جبران باسيل في التخفيف من حدة الييان الختامي رغم إتصالاته وجولاته المكوكية.

تاريخ القرارات الصادرة عن وزراء الخارجية العرب لم يكن يوما” فاعلا” إن لم نقل لا قيمة له ولم يحدث تحرك جدي يوما” بإتجاه تنفيذ أي من قرارات القمم العربية على كل المستويات فكيف اليوم مع تمدد النفوذ الايراني في المنطقة؟

إن المؤشر الأبرز الذي يسبق أي حرب في منطقتنا مع الأسف غالبا إن لم نقل دائما” مباركة عربية ملحقة بقرار أميركي لا تغفل عين اسرائيل عنه.

اقرأ أيضاً: بيان الجامعة العربية ضدّ «حزب الله» يُحرِج العهد العوني

إن ما في قرار وزراء الخارجية العرب إعلان صريح ومضمون مرتفع السقف في العداوة مع إيران ورد واضح على ما حققته في الشرق الاوسط من نتائج تصفها الجمهورية الاسلامية بالانتصارات ويبدو أن مجلس الأمن هو الملجأ التالي للملكة العربية السعودية التي لا شك حشدت جهودها في نص البيان الختامي للاجتماع لكن هل كل ما صدر مرتبط بالواقع على الأرض أم أن حالة فصام تصيب الاجتماعات العربية كما تعودنا إن تنفيذ أي من رسائل إجتماع القاهرة اليوم دونه الكثير من العقبات وأولها من يتحكم بالارض وتخبط الواقع العربي واخرها غرق كل الدول العربية بمشاكل تغنيها عن خوض اي مواجهة من اي نوع مع إيران.

إن قرارات اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم إنما تتناسب مع العبارة المشهورة أن تأتي متأخرا” خيرا” من أن لا تأتي ولكن حتى الوصول متأخرا اليوم اعتقد انه لن يجدي نفعا” فقد ثبت طهران اذرعها في المنطقة بما يصعب المهمة بشكل كبير لا بل شبه مستحيل على المنزعجين منها ويفقدهم إماكانية قطع هذه الاذرع مع عقيدة تترافق مع كل خطوة تقوم بها هذه الايدي بتوجيهات طهران التي معروف انها تعمل بالنفس الطويل.

ان ارتفاع النبرة بإتجاه ايران مستغرب جدا” أن تختتم بكلام ابو الغيط عن أمل بأن تتلقى طهران الرسالة وتغير نهجها في المنطقة فهل هذه سذاجة أم الحد الاقصى؟؟!!

إن أي أمل في تغيير طهران سياستها في المنطقة ضرب من الخيال فقد عملت لسنوات طويلة للوصول الى ما هي عليه وفيه اليوم فكيف لعاقل أن يتصور أنها ستتراجع أمام قرار من وزراء الخارجية العرب وهي خير من يعلم مدى الضعف والوهن الذي يصيب الجسم العربي السياسي وتعلم أن كل مجالسهم لم تقترب يوما” من بيان مشابه يدين إسرائيل مثلا” واعتداءآتها المتكررة على الفلسطينيين أولا” وعلى لبنان ثانيا”

إن القوة والنبرة المرتفعة التي سمعنا اليوم انتظرناها في هذا الشرق طويلا” لإدانة الكيان الصهيوني ولو لمرة واحدة والشعوب تعلم ولا تنسى ابدا فكيف يتصور المجتمعون في القاهرة أن القواعد الشعبية يمكن أن تقتنع بأن الكلام اليوم قد يؤدي لأي ننيجة وعن أي قوة ونبرة مرتفعة نتحدث؟ وقد علت بعد البيان مباشرة اضواتا” سعودية تعتبر سقف البيان منخفض جدا”؟

بالعودة الى حراك الخارجية اللبنانية في الـ48 ساعة التي سبقت مباشرة قرارات وزراء الخارجية العرب الليلة لم تجد نفعا” ما يدل على تصعيد سيظهر في الايام القليلة المقبلة وان كنا لا نعلم بعد كيفية تظهير هذا المشهد الذي مع الاسف لن يصب في المحصلة الا في غير مصلحة الشعب اللبناني الذي دفع ولا يزال اثمان ما يدور في كل المنطقة وحتى لو كان المطلوب ليس حربا” على حزب الله في لبنان وإنما تفعيل عمل الحكومة اللبنانية لمواجهة حزب الله سياسيا” فمن سيترأس حكومة مواجهة مع المسيطر على الأرض والى أي حد يملك لبنان شخصية قابلة لمهمة شبه مستحيلة من هذا النوع.

اقرأ أيضاً: لبنان يدخل نفقا عربيا مظلما بعد تصنيف حزب الله «إرهابياً»

ان ما حدث اليوم هو عبارة في رأيي عن جرس إنذار لا أكثر ولا يملك هذا الجرس حتى استراتيجية محددة للمواجهة او تنفيذ القرارات.

إن وصف ما حدث اليوم في القاهرة بالحدث الكبير مجرد ذر للرماد في العيون لأن لا أحد يملك خطوات مدروسة ومجهزة مسبقا” للتعامل مع المعضلة.

لا يبقى للبنان إلا أن يتفاخر معارضو ايران فيه بما قيل اليوم من القاهرة وللموالين لإيران الإنتقاد لا بل تسخيف الكلام وتفريغه من محتواه ومحاولة الالتفاف عليه.

وبالنسبة للتوجه الى مجلس الأمن لإستصدار أي قرار بهذا الشأن إنما يحتاج الى نفس طويل ستدخل فيه الكثير من الاعتبارات والمصالح الدولية التي تأخذ وقتا” طويلا” لا يعلم غير الله ما تكلفة هذه المراحل على اللبنانيين.

السابق
لبنانيون يعلقون على الموقف اللبناني في جامعة الدول العربية: عربٌ نحن ولسنا فرساً!
التالي
هل ستنتهي أزمة الحريري بعودته إلى لبنان؟